تظاهرات تونس: لماذا عاد شعار «إسقاط النظام»!

الاثنين 17 أكتوبر 2022 07:17 ص

تظاهرات تونس: لماذا عاد شعار «إسقاط النظام»!

تداعيات فاقمت مستويات الفقر والبطالة وموجات الهجرة غير النظامية وصار غرق الشبان التونسيين في البحر خبرا يوميا مفجعا.

أدت سياسات سعيّد المنفردة لأسوأ أزمات اقتصادية ومعيشية ما استتبع سخطا كبيرا جراء ارتفاع أسعار العذاء ونقص السلع والأدوية وانهيار العملة المحلية.

أزمة سياسية اقتصادية نتيجة التسلّط السياسي للرئيس، وعجز حكومته فكان طبيعيا أن يعود شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» والتنديد بالانقلاب والدكتاتورية.

صار التونسيون ينتظرون ساعات أمام المخابز والمحال التجارية لشراء السلع المدعومة، وانتشرت طوابير أمام محطات الوقود بسبب نقص البنزين رغم زيادة سعره 4 مرات.

رغم الدعم السياسي للعملية الانقلابية من دول غربية وعربية، لم يتجسد الدعم كمساعدات اقتصادية، في حين ساهمت سياسات الحكومة في هروب المستثمرين والسياح.

*   *   *

تشهد تونس احتجاجات متواصلة تعتبر الأكثر حدّة وانتشارا منذ العملية الانقلابية التي قادها قيس سعيّد في 25 تموز/يوليو 2021، وهي العملية التي أقصت مجمل القوى السياسية الفاعلة في البلاد، وركّزت السلطات السياسية والتشريعية والقضائية في يد الرئيس، ورغم الدعم السياسي الذي لقيته العملية الانقلابية من دول غربية وعربية، فإن ذلك الدعم لم يتجسد على شكل مساعدات اقتصادية، في حين ساهمت سياسات الحكومة في هروب المستثمرين الأجانب، والسياح.

أدخلت سياسات سعيّد المنفردة البلاد في أحد أسوأ الأزمات الاقتصادية والمعيشية، وساهم ذلك بسخط كبير جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص السلع وحتى الأدوية وزجاجات المياه، واستمر الانهيار في قيمة العملة المحلية.

واقترب معدل التضخم من 10%، وصار التونسيون ينتظرون ساعات أمام المخابز والمحال التجارية لشراء السلع المدعومة، كما انتشرت طوابير أمام محطات الوقود بسبب نقص البنزين رغم زيادة سعر الوقود 4 مرات خلال العام الجاري.

رفعت هذه التداعيات كلّها مستويات الفقر والبطالة وساهمت في موجات من الهجرة غير الشرعية وصار غرق الشبان التونسيين في البحر خبرا يوميا مفجعا.

تحولت الحكومة التونسية، منذ ولادتها، إلى ما يشبه صفا دراسيا يتلقى إملاءات الرئيس والاستماع إلى محاضراته وتنفيذ طلباته، ودفع هذا العجز الذاتي عن الفعل، والافتقاد للمصداقية والشرعية، إلى كونها مسببا رئيسيا في الأزمة الراهنة، فهربت الاستثمارات، وتناقص النقد الأجنبي، وتراجعت الصادرات.

وبلغ العجز التجاري خلال النصف الأول من العام الجاري 3,6 مليار دولار، كما تصاعد معدل الجرائم ذات العلاقة بالسلطة وأجهزتها، كالرشوات والعمولات والسمسرة والفساد المالي.

لجأت الحكومة، كما هو متوقع، إلى إلقاء اللوم على «الفساد» و«السوق السوداء» والتضخم العالمي، وأزمة أوكرانيا، وفي ظل اقتراب ماليتها العامة من الإفلاس، وبلوغ العجز التجاري 5,32 مليار دولار، فقد استسلمت حكومة نجلاء بودن لفكرة وحيدة هي الاستدانة من الخارج، وبالتالي، تلقّي شروط الدائنين الدوليين الكبار.

تزامنت الاحتجاجات الأخيرة مع إعلان صندوق النقد الدولي لاتفاق مع تونس لمنحها تمويلا بقيمة 1,9 مليار دولار على مدى 40 شهرا، غير أن الاتفاق بشأن ترتيبات التمويل ستنتظر موافقة مجلس الصندوق التنفيذي الذي سيناقش طلب تونس في كانون أول/ديسمبر المقبل، ولكن الحكومة التونسية لم تشرح بعد برنامجها «الإصلاحي» المرتقب، لأن ذلك قد يزيد، عمليا، في تأجيج الشارع ضدها.

كان صاعق الاحتجاجات الأخيرة هو مقتل شاب نتيجة جروح أصابته خلال مطاردة قوات الأمن له، والذي تزامن مع دفن غرقى آخر حوادث الهجرة غير النظامية في قبور لمجهولي الهوية، لكن الخلفيّة العامّة له هي الأزمة السياسية الاقتصادية، التي تسبب بها التسلّط السياسي للرئيس، وعجز حكومته عن الفعل، وكان طبيعيا أن يعود شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» وكذلك شعارات التنديد بالانقلاب والدكتاتورية.

كانت تونس أول الثورات العربية التي ألهمت «الربيع العربي» كما كانت آخر تلك الثورات التي تتعرّض لهجوم الثورة المضادة العربية والمحلية، وتعطي هذه الاحتجاجات الأخيرة الأمل بأن الشعب التونسي قادر على الخروج من النفق المظلم الذي أدخل قيس سعيّد فيه البلاد وإعادة سكّة الديمقراطية التي هي الطريق الحقيقي لتحقيق عدالة وتنمية للتونسيين، وليس الاستدانة الخارجية وتسوّل المكافآت على المواقف الدبلوماسية (كما حصل في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير بخصوص أوكرانيا) أو انتظار هبات الدول المناهضة للشعوب.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تونس إسقاط النظام احتجاجات قيس سعيد الثورات العربية الربيع العربي الاستدانة الخارجية العملية الانقلابية الثورة المضادة

إضراب واحتجاجات حاشدة في مدينة تونسية بسبب مفقودين بالبحر

بعد منشورات عن الغلاء.. الأمن التونسي يوقف قيادات من حزب العمال