احتواء مطربي المهرجانات في مصر.. تقنين أوضاع أم إلغاء للونهم الفني؟

الأحد 6 نوفمبر 2022 12:24 م

"الذي سيكتب كلمة مهرجانات على أي فيديو سيشطب من النقابة على الفور، هذا اللفظ لن يكون موجودا بعد الآن".. هكذا نجح النقيب الجديد للموسيقيين في مصر "مصطفى كامل"، في إيجاد توازن بين قبول مطربي هذا النوع الغنائي الذي انتشر مؤخرا بشكل واسع في مصر والدول العربية داخل النقابة، وبين إعادة "القيم والذوق العام" للأغنية المصرية.

تعود الأزمة إلى نحو عامين، عندما قررت نقابة الموسيقيين في 2020، إلغاء أغاني المهرجانات، وهي تعبير حقيقي عن الشباب وتعتمد على مزيج من الموسيقى الشعبية والإلكترونية، بعيدة تماما عن الأغاني القائمة على نغمات البوب السائدة في العالم العربي.

ولكن كأن شيئا لم يكن، فقد استمر المغنون في الصعود إلى المسرح لأداء تلك الأغنيات أمام آلاف الشباب الذين كانوا يردوون معهم تلك الأغنيات المعتمدة على آلات إلكترونية لتعديل الصوت.

وولدت موسيقى المهرجانات في الأحياء الشعبية عندما ظهرت برامج تعديل الصوت المجانية مطلع الألفية الثانية وجذبت الذين لم يتمكنوا من دخول الكونسرفاتوار ومعاهد الموسيقى التقليدية.

وهي نوع من الموسيقى الإلكترونية المصحوبة بكلمات شعبية تغلب عليها ألفاظ يتداولها الشباب في ما بينهم، يحوي بعضها إسفافا وإيحاءات جنسية وسباب وشتائم.

واستخدم أصحاب هذا النمط الموسيقي منصات مثل "يوتيوب" ومواقع التواصل الاجتماعي على غرار "فيسبوك" لتقديم أغنياتهم وموسيقاهم.

وبدأت صراعات تصاريح مطربي المهرجانات فى عهد نقيب المهن الموسيقية السابق الفنان "هاني شاكر"، وذلك بعدما انتشرت المهرجانات بشكل واسع، ليس فقط عبر "يوتيوب" ولكن بإحيائهم حفلات وحفلات زفاف وظهورهم في مهرجانات عالمية.

حيث قرر "شاكر" منعهم فترة وعودتهم مرة أخرى للحصول على تصاريح الغناء، ولكن بشرط اجتيازهم اختبارات النقابة الغنائية، وتمت الرقابة على من امتنع منهم عن تنفيذ القرار من المصنفات الفنية وشرطة السياحة، اللتين تعاونتا مع النقابة فى تنفيذ القرار، كونهما تملكان حق الضبطية القضائية، لعدم التهاون في المستقبل مع كلمات مطربي المهرجانات للحفاظ على الذوق العام.

وكانت أزمة المطرب "حسن شاكوش" والعازف "سعيد الأرتيست"، القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث حدثت مشادة كلامية بين شعبة العازفين بنقابة المهن الموسيقية خلال المؤتمر الصحفي الذي أقيم بأحد الفنادق، الأمر الذى دفع الفنان "هاني شاكر" إلى الانسحاب من المؤتمر الذي تم إلغاؤه لاحقا، ليعلن في يومها استقالته من منصب نقيب المهن الموسيقية عبر شاشات التلفزيون.

وبعدها تولى النقيب الجديد "مصطفى كامل" المسؤولية بعد اكتساحه انتخابات النقابة الماضية، وأصبح من واجباته حل أزمة "مطربى المهرجانات"، والتي سارت واحدة من أكبر أزمات النقابة.

وعندما انتخب "كامل"، الشهر الماضي، كان البعض يأملون في أن هذا المغني صاحب الأغاني الرومانسية، سيكون أكثر تسامحا مع هذا النوع من الأغنيات الذي تهاجمه عادة المؤسسة الثقافية الرسمية، إلا أنه حافظ على الخط نفسه لكن بتوازن لم يستطع سلفه "هاني شاكر" فعله.

وعقد "كامل" أكثر من اجتماع في النقابة لمناقشة أوضاع مطربي المهرجانات، قبل أن يتخذ قرارات حاسمة في حضور كثير من نجوم المهرجانات، وعلى رأسهم "أوكا" و"أورتيجا" و"حمو بيكا" و"عنبة" و"حسن شاكوش" و"نور التوت" و"شحتة كاريكا" و"عصام صاصا".

وأنشئ "كامل" شعبتين في النقابة لمن يؤدون تلك الأغنيات، هما "شعبة الغناء الشعبي" و"شعبة الأداء الصوتي" التي سيدرج تحتها معظم من يؤدون الأغاني التي كانت تُطلق عليها تسمية "مهرجانات".

وأكد أن المنتمين لشعبة الغناء الشعبي "سيحصلون على تصريح (بالعمل من النقابة) سنوي، أما المقيدون في شعبة الأداء صوتي فسيحصلون على تصريح ربع سنوي".

وشرح نقيب الموسيقيين لماذا سيكون التصريح لثلاثة أشهر فقط بالنسبة لشعبة الأداء الصوتي، قائلا: "لأننا سنراقب شكل الأداء".

وأضاف أن تجديد الترخيص لهؤلاء مرتبط بالالتزام بشروط عدة أهمها، أن تعرض "كلمات الأغنية التي سيتم أداؤها على جهاز الرقابة على المصنفات الفنية" مسبقا، وألاّ تتضمن أي كلمات تمثل "خدشا للحياء أو أي عبارات تتعارض مع القيم أو الذوق العام".

وشدد على أن هذه الأغنيات ينبغي أن "تحترم النقابة والوطن والشباب".

وأكد "كامل" أنه سيتخذ إجراءات قانونية مشددة في حال عدم التزامهم بقرارات نقابة المهن الموسيقية، كما شدد على منع الغناء عن طريق الفلاشة أو بطريقة تشغيل الأغنية المسجلة وتحريك الشفاف فقط.

كما يجب بحسب القرارات الالتزام بوجود فرقة موسيقية مصاحبة لأي فنان مكونة من 12 عضواً عاملاً، وفق "كامل".

على جانب آخر، ظهرت ردود فعل إيجابية من مطربي المهرجانات وبعض المشاهير، وعلق "حسن شاكوش" قائلاً إنه مرتاح جداً للقرارات الجديدة التي اتخذها نقيب الموسيقيين، ويرى الأمور عادلة جداً، وهناك فرصة للجميع حتى يتغير للأفضل.

ودعم مؤدي المهرجانات "حمو بيكا" قرارات النقابة، وقال إنه فخور بالحلول التي توصلت إليها، وأكد أنه سيلتزم بجميع الشروط التي تضعها النقابة والرقابة في شأن مطربي المهرجانات.

وكشف عن أنه وقع على تعهد وإقرار بعدم وجود أي ألفاظ خارجة بأغنياته، خاصة أنه يعتبر ما أصدره "كامل" ينم عن نصح ومحبة، وهذا ما كان يطمح إليه وغيره من مطربي المهرجانات، بينما كانت النقابة في العهد السابق تطردهم وتعاملهم بشكل "سيئ جداً"، حسب قوله.

بينما اعترض مغني الراب (لون موسيقى يتقاطع أحيانا مع المهرجانات) المصري المعروف "موسكو" على اشتراطات "كامل"، وقال: "إذا أردنا الحديث عن حياتنا بشكل عام، عمّا نعيشه كل يوم، يتعين علينا أن ننتظر ليقول لنا شخص آخر كيف نتحدث عن أنفسنا؟ عن حياتنا؟".

وأضاف: "تريد النقابة السيطرة على الكلمات، وكذلك إلزام المغنين بتشغيل الموسيقيين المسجلين في النقابة الذين يعاني كثيرون منهم من البطالة، في الفرق الموسيقية المصاحبة لهم".

من جانبه، يقول الناقد "جوزف فهيم"، إن "احتقار المهرجانات الذي يبديه أنصار نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يتحدر من الطبقة المتوسطة، ينبع من (رغبة) في نفي الذات".

وكتب في مقال أخير، أن رفض المهرجانات هو "الاعتراف" بأن هذا اللون "يعبّر عن غالبية المجتمع وأن الشباب يتحدثون ويلبسون ويفكرون ويحبون بهذه الطريقة".

ذلك أن الراب والمهرجان هما أكثر لونين موسيقيين مسموعين في مصر منذ الثورة التي أسقطت "حسني مبارك"، عام 2011، حسب "فهيم".

وتابع: "إذا كان مغنّو المهرجان يجدون صعوبة في الحصول على اعتراف رسمي في بلدهم، فإن واحدا من أشهرهم هو حمو بيكا، يغني هذه الأيام في حفلات كاملة العدد على الجانب الآخر من البحر الأحمر .. في السعودية".

يشار إلى أن أحد حفلات المطرب "عمر كمال" و"حسن شاكوش" خلال موسم الرياض، العام الماضي، أثارت جدلا واسعا، بعد أن قاما بتغيير جملة "أشرب خمور وحشيش" في أحد مقاطع أغنية "بنت الجيران"، إلى "أشرب تمور وحليب".

وحينها تناقلت وسائل إعلام مصرية تصريحات لـ"كمال" الذي صرح بأنه تعمد تغيير كلمات الأغنية لأن السعودية "أرض طاهرة" ولا يمكن ذكر كلمات غير مناسبة، الأمر الذي اعتبرته نقابة الموسيقيين إساءة واضحة لمصر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر مهرجانات أغاني المهرجانات مصطفى كامل هاني شاك هاني شاكر