عقب إعلان روسيا الانسحاب.. القوات الأوكرانية تتقدم جنوبا

الخميس 10 نوفمبر 2022 03:00 م

تقدمت القوات الأوكرانية جنوبا الخميس بعد أن أمرت موسكو بأحد أكبر الانسحابات في الحرب، لكن كييف ظلت قلقة وحذرت من أن الروس الفارين يمكن أن يحولوا خيرسون إلى "مدينة موت".

وقال قائد الجيش الأوكراني "فاليري زالوجني" إن كييف لا يمكنها حتى الآن تأكيد ما إذا كانت روسيا تنسحب بالفعل، لكن القوات الأوكرانية تقدمت سبعة كيلومترات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية واستعادت 12 منطقة سكنية.

وكتب في منشور على تيليجرام "نواصل تنفيذ العملية الهجومية وفقا لخطتنا".

وعرض التلفزيون الحكومي الأوكراني مقطعا مصورا يُظهر مجموعة صغيرة من الجنود الأوكرانيين في وسط قرية "سنيهوريفكا" على بعد حوالي 55 كيلومترا شمالي مدينة خيرسون. وكان في استقبالهم عشرات السكان في ساحة يرفرف فيها العلم الأوكراني من خلفهم. وتحققت رويترز من موقع المقطع.

وقال قائد بينما السكان المحليون يصفقون ويهتفون ويصورون الجنود بهواتفهم "اليوم، في 10 نوفمبر/تشرين ثاني 2022، تم تحرير سنيهوريفكا من قبل قوات كتيبة الاستخبارات المنفصلة 131. المجد لأوكرانيا!".

وذكر بترو لوبان، وهو متطوع أوكراني يوزع الخبز على السكان قرب الجبهة شمالي خيرسون لرويترز إنه علم للتو باستعادة سنيهوريفكا من صديق عبر الهاتف.

وأضاف الرجل البالغ من العمر 46 عاما "لا أستطيع أن أجد الكلمات التي تصف مشاعري".

لا هدايا

أمرت موسكو قواتها الأربعاء بالانسحاب من الجيب الذي تسيطر عليه روسيا بأكمله في الضفة الغربية لنهر دنيبرو، بما فيها مدينة خيرسون، العاصمة الإقليمية الوحيدة التي احتلتها روسيا في الحرب المستعرة منذ تسعة أشهر.

وعبر مسؤولون أوكرانيون عن قلقهم علنا، وحذروا من أن الروس ربما ما زالوا يخططون لنشر الدمار وهم راحلون.

وقال "ميخايلو بودولياك"، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن روسيا تريد تحويل خيرسون إلى “مدينة موت”، فالألغام في كل مكان من الشقق السكنية وحتى الصرف الصحي وتخطط لقصف المدينة من الجانب الآخر من نهر دنيبرو.

وكتب "بودولياك" على تويتر "هذا هو شكل ‘العالم الروسي‘، أتوا ونهبوا واحتفلوا وقتلوا الشهود، ثم تركوا الدمار ورحلوا".

وتنفي روسيا إساءة معاملة المدنيين، رغم قصفها مناطق سكنية خلال الصراع. وأجلت آلاف المدنيين من منطقة خيرسون في الأسابيع الأخيرة فيما قالت أوكرانيا عنه إنه ترحيل قسري.

وذكر ؛زيلينسكي" نفسه خيرسون مرة واحدة في خطابه التلفزيوني الليلي. وقال إن القوات الأوكرانية تعزز مواقعها "خطوة بخطوة" في الجنوب. وأردف "العدو لن يقدم لنا أي هدايا".

وكانت كييف تأمل أن تحاصر آلاف القوات الروسية في الجيب، وبدا أنها تتقدم بحذر لحماية قواتها، بينما تكبد في الوقت نفسه الروس أكبر ضرر ممكن في ظل محاولتهم الهرب عبر النهر.

وسُمعت أصوات مدفعية مرات أقل من المعتاد عند خط المواجهة شمالي خيرسون. وخيّم ضباب كثيف في أثناء الليل وهطلت ثلوج خفيفة وغطى الجليد الأرض. وسعت القوات الأوكرانية المتمركزة في نقاط التحقق لاتقاء الصقيع.

مشكلات حقيقية

وصدر أمر انسحاب روسيا بعد نحو شهر من إعلان الرئيس فلاديمير بوتين ضم منطقة قال إنها ستكون جزءا من روسيا إلى الأبد، ويعتبر أحد أكثر الهزائم المذلة التي تمنى بها موسكو حتى الآن.

ودافع صقور الحرب ووسائل الإعلام الروسية الرسمية المؤيدة للكرملين عن استمرار الحرب وقالوا إنها خطوة ضرورية، مع اعترافهم بتلقي ضربة قوية.

وقالت "مارجريتا سيمونيان"، رئيسة تحرير روسيا اليوم وهي أكبر قناة للدعاية الدولية لروسيا، "أعلم بالتأكيد أن هذا القرار لم يكن سهلا على أحد. ولا على من اتخذوه، أو على من تفهموا منا أنه سيكون صعبا ولكنهم تضرعوا بالدعاء ألا يحدث".

وظهر وزير الدفاع الروسي "سيرجي شويجو" على التلفزيون أمس الأربعاء وهو يأمر بالانسحاب استجابة لنصيحة أكبر قائد له الذي قال إن من الضروري الحفاظ على أرواح القوات التي ستتمكن بشكل أفضل من الدفاع عن الضفة المقابلة من نهر دنيبرو.

وقال الجنرال "مارك ميلي"، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، إن المؤشرات الأولية تشير إلى أن روسيا تستكمل انسحابها، على الرغم من أنه سيستغرق وقتا لإتمامه. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الانسحاب يُظهر أن هناك "بعض المشاكل الحقيقية مع الجيش الروسي".

وعقب الهزائم الروسية في شمال أوكرانيا وشرقها، يترك الانسحاب لموسكو مكاسب محدودة فحسب في "العملية العسكرية الخاصة" التي جعلتها منبوذة من الغرب وتسببت في مقتل عشرات الآلاف من الجنود.

وما زالت القوات الروسية متمسكة بمكاسب أخرى في الجنوب، من بينها طريق بري حيوي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم التي استولت عليها عام 2014 وبمدن في الشرق كادت تمحيها عند الاستيلاء عليها.

أما لأوكرانيا، التي تحملت تسعة أشهر من القصف والاحتلال اللذين قتلا آلاف المدنيين فيها، فإن النصر في خيرسون سيعزز من حالة إمكانية هزيمتها لروسيا في ميدان القتال، وربما يُسكت بعض الأصوات الغربية التي تدعوها للتفاوض على اتفاقية للتنازل عن أراض.

وغرد "ميك ريان" الجنرال الأسترالي المتقاعد على تويتر قائلا “هذا إثبات لفاعلية الاستراتيجية والنهج العسكريين الأوكرانيين اللذين وضعتهما قيادتها العليا. إنهما ينجحان، والروس يعلمون ذلك”.

وأضاف “الآن ليس أوان إجبار أوكرانيا على التفاوض. ربما ضعف الروس لكنهم لن يتخلوا عن تطلعاتهم لضم أراض. سيكون من اللازم هزيمتهم في ساحة القتال وطردهم من أوكرانيا”.

ومن جهته أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ الخميس أنه يراقب كيفية انسحاب الروس من منطقة خيرسون الأوكرانية، معتبرًا أن الانسحاب، إذا تأكّد، سيشكّل “نصرًا جديدًا لأوكرانيا”.

وقال "ستولتنبرغ" بعد محادثات أجراها مع رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني في روما “علينا مراقبة تطور الوضع على الأرض في الأيام المقبلة. لكن من الواضح أن روسيا تحت ضغط كبير وإذا غادرت خيرسون، سيشكّل ذلك نصرًا جديدًا لأوكرانيا".

وكانت أوكرانيا قد أعلنت الخميس أن قواتها استعادت 12 قرية في منطقة خيرسون الجنوبية غداة أمر روسيا قواتها بالانسحاب من المدينة التي تحمل الاسم نفسه.

وتابع ستولتنبرغ “لقد رأينا كيف تمكنت القوات المسلحة الأوكرانية من صد القوات الروسية وتحرير الأراضي”، مضيفًا “تعود هذه المكاسب لجنود أوكرانيا الشجعان”.

وقال أيضًا “في الوقت نفسه، فإن الدعم غير المسبوق الذي قدمه حلفاء الناتو، بما فيهم إيطاليا، يحدث فرقًا في ساحة المعركة كل يوم ويبقى حيويًا للتقدم الأوكراني”.

وكان ستولتنبرغ قد ألقى كلمته بعد أول لقاء ثنائي مع رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني التي استلمت منصبها الشهر الماضي.

ويضمّ حلفاؤها في الحكومة العديد من المؤيدين لموسكو، غير أنها نفسها قد أكدت مرارًا وتكرارًا دعمها لأوكرانيا وللعقوبات على روسيا.

وقالت ميلوني إن إحدى أولوياتها تشمل العمل على تعزيز التحالف لجعله “أكثر قدرة على الاستجابة للتهديدات الآتية من جميع الاتجاهات”.

وأوضحت أمام صحفيين "إن التحالف أساسي من أجل أمن ورخاء بلادنا".

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

أوكرانيا روسيا

حرب أوكرانيا.. هل تستدعي روسيا تكتيكات الأرض المحروقة من التجربة السورية؟