توأم سيامي لا ينفصلان.. مونديال قطر يحطم أسطورة فصل الرياضة عن السياسة

الجمعة 9 ديسمبر 2022 06:41 م

أثبت مونديال قطر أن الرياضة والسياسة توأم سيامي لا ينفصلان عن بعضهما البعض، فقد ظهرت السياسة في كل منعطف على طريق كأس العالم، سواء كان الأمر يتعلق بحقوق الإنسان؛ أو الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران، أو مشاعر العداء لدى عرب تجاه إسرائيل.

وتراوحت الجهود القطرية لإدارة تدخل السياسة من انتقاء واختيار الاحتجاجات التي تناسب أجندة سياستها الخارجية إلى السعي - حيثما أمكن - إلى ضمان ألا تعمل الأحداث في أماكن أخرى في المنطقة على تأجيج المشاعر خلال كأس العالم.

إدارة مسألة فلسطين

وتجلى أحد الأمثلة على ذلك فيما يتعلق بفلسطين، ففي خضم تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، سافر السفير القطري "محمد العمادي" إلى غزة لضمان ألا ترد "حماس" و"الجهاد الإسلامي" بالصواريخ على الاستخدام الإسرائيلي للقوة المميتة ضد المسلحين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وكانت قطر تخشى أن يؤدي الرد على مقتل قائد في حركة "الجهاد الإسلامي" في الضفة الغربية الأسبوع الماضي والغارات الإسرائيلية الليلية إلى تجدد التدخل الإسرائيلي في غزة التي ترزح تحت حصار إسرائيلي مصري منذ 15 عامًا.

في غضون ذلك، دعمت قطر الفلسطينيين ضمنيا خلال المونديال عبر نشر أعلام وقمصان مؤيدة للفلسطينيين، فيما رفضت الجماهير القطرية والعربية التواصل مع المراسلين الإسرائيليين الذين يغطون البطولة.

وبالرغم من رفضها السير على خطى الإمارات والبحرين والمغرب والسودان في الاعتراف بإسرائيل دون حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن قطر لديها علاقة عمل طويلة الأمد مع إسرائيل.

وتضخ الدولة الخليجية بناء على طلب إسرائيل في كثير من الأحيان، ملايين الدولارات لدفع رواتب موظفي الحكومة في غزة، وتقديم المساعدة لآلاف العائلات المتضررة من الحروب الماضية، وتوفير الوقود لمحطة توليد الكهرباء في القطاع وكذلك تمويل مشاريع البنية التحتية.

ويمكن القول إن السماح بالتعبير عن المشاعر المؤيدة للفلسطينيين خلال كأس العالم يخدم أغراضًا متعددة؛ فقد أعطى صمام أمان للقطريين (وهم أقلية في بلدهم) والذين كانوا قلقين بشأن التأثير على مجتمعهم من قبل مشجعي كرة القدم ذوي القيم الثقافية المختلفة جدًا والذين يزورون بلدهم خلال كأس العالم. .

كان هناك غرض مشابه أيضًا لمنع المشجعين من استخدام الشارات الداعمة لـ"الشواذ"، بالرغم من الحملة الإعلامية الغربية ردا على ذلك. في المقابل، ارتدى بعض القطريين شارات مؤيدة للفلسطينيين في إحدى المباريات احتجاجًا على ارتداء وزيرة الداخلية الألمانية "نانسي فيزر" شارة دعم "الشواذ".

وتشير المشاعر المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة لإسرائيل إلى أن رفض قطر الاعتراف بإسرائيل كان أكثر انسجامًا مع الرأي العام العربي مقارنة بالجهود المبذولة لإظهار الاعتراف الذي تقوده الإمارات باعتباره أمرًا شعبيًا يشير إلى تراجع في دعم القضية الفلسطينية.

وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن الدعم الشعبي لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل انخفض في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، بما في ذلك في الدول التي قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وفي البحرين، يؤيد 20% من السكان اتفاقات "أبراهام"، مقارنة بـ 45% في عام 2020، وفقًا لاستطلاع أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في يوليو/تموز الماضي. كما انخفض الدعم في السعودية من 41 إلى 19%. وحتى في الإمارات التي كان فيها للتطبيع أكبر تأثير، انخفض الدعم إلى 25% هذا العام من 47% في عام 2020.

صعوبة التحدى الإيراني

فيما كان من السهل إدارة مسألة فلسطين بالنسبة لمنظمي كأس العالم القطريين، فقد كان الاحتجاج ضد النظام الإيراني تحديًا أصعب بكثير؛ إذ أن إيران شريكة وكذلك تهديد محتمل.

وبفضل علاقاتها مع إيران، تمكنت قطر من لعب دور الوسيط في بعض القضايا العالقة مع الولايات المتحدة مثل محادثات إحياء الاتفاق النووي.

ولم ترغب قطر في تحويل الملاعب إلى ساحات للتعبير عن معارضة الحكومة الإيرانية، حتى لا تقوم إيران بتصنيف قطر إلى جانب السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة، باعتبارها محرضة على الاحتجاجات المستمرة المناهضة للنظام الإيراني والتي قُتل فيها المئات على يد قوات الأمن.

ونتيجة لذلك، سعت قطر إلى منعت اللافتات والقمصان المناهضة للحكومة الإيرانية وكذلك أعلام ما قبل الثورة من دخول الملاعب. وتبددت هذه المشكلة نفسها عندما خرجت إيران من كأس العالم في مرحلة المجموعات.

ومع ذلك، تبقى القضية الأكبر موجودة، فقد تجلى في مونديال قطر أن إصرار الفيفا على أن الرياضة والسياسة يمكن فصلهما بمثابة خيال سياسي، أما الأكثر إثارة للقلق فهو أن ذلك يسمح لمضيفي المونديال بتقرير المسموح وغير المسموح به من التعبيرات عن السياسة.

** لقراءة النص الأصلي Qatar Punctures FIFA’s Political Fantasy

المصدر | جيمس إم دورسي/ أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مونديال قطر كأس العالم الفيفا إيران احتجاجات إيران فلسطين التطبيع اتفاقيات أبراهام

رئيس فيفا ردا على الانتقادات الغربية الموجهة لقطر: منافقون

المدير التنفيذي لعمليات نقل الجماهير في قطر 2022: حققنا نجاحا كبيرا في المونديال