استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اخرجوا من علمانيتكم.. أوروبا ستصبح دينية!

الخميس 14 يناير 2016 06:01 ص

يضع بعض الخبراء برنامجاً مرحلياً خاصاً بالنازحين السوريين للعام 2019. المسألة طويلة إذاً خلافاً لما يتصوره البعض. فقد ذبلت «ثورة» أو زهرة الياسمين بعد دقيقتين من قطافها، لكنّ شذاها الإسلامي يمتدّ طويلاً بين تونس ودمشق وما بينهما وقبلهما من باريس «الثورة الإسلاميّة» إلى طهران أو بعدهما في عواصم العرب والمسلمين ، وصولاً إلى تعميم الصراعات المتنامية بما يستقرّ حاملاً الكثير من الدماء والتحوّلات.

طبعاً لا فروقات كبرى في الياسمين بين العواصم سوى ما أسميته بالعتبة السورية التي يحلّ بها الربيع الخامس، وتخوم الحيرة ترتفع منها مجدداً فوق قوس الاهتزاز العربي والإقليمي الواسع وفي كلّ اتجاه.

كلّ ما ينشر أو يقال يدور في الإسلام وأحوال المسلمين ومستقبلهم، حيث يعاين القارئ في العاصمة الواحدة مقولات التعدّد والتنوّع في النظرة الإسلامية إلى شؤون الدين والدنيا، بينما يحتلّ الإسلام الطبق الفكري والتحليلي الممدود فوق طاولات الغرب إلى درجة تتقدّم فيها العناصر الإثنية والدينية واللغوية والتاريخية والمؤسسية والعنصرية والنبذ المرتجل مكان الإيديولوجيات السياسية كعناصر أساسية في تحديد هويات الدول والشعوب والمهاجرين أمام الموت.

هذا يعني صعود الفكر الديني لا الدين الصافي في استنباط أصول الحكم المعاصر، بعدما طغى على الفكر البشري ابتعاد عن الأديان منذ الثورة الفرنسية العلمانية مروراً بالبولشيفية الإلحادية ، وصولاً إلى الثورات الملوّنة التي استلهمت مختلف الألوان والأشكال في تحريك الشعوب.

وهنا ملاحظة: ليس اختيار ألوان الثورات مسائل عشوائية مزاجية، بل مسائل استراتيجية مدروسة تنظر إلى الشعوب والمجموعات البشرية في سلوكها تماماً ، كما ننظر نحن إلى طفل صغير لا تغريه سوى الهدايا والأشياء المزركشة والملوّنة بشكل فاقع وبأشكال غريبة عجيبة وكبيرة الحجم.

عبّر المفكر الأمريكي صموئيل هنتنغتون صاحب نظرية «صراع الحضارات» في محاضرة له فائقة الأهمية ألقاها في 16/6/2005 في إسطنبول، ولم تنشر خارج تركيا، عن سعادته البالغة لكونه في «إسطنبول المدينة المثيرة والكوسموبوليتية التي تضمّ عدداً كبيراً من الثقافات والحضارات المختلفة، وتشكّل نقطة التقاء أساسية بين الشرق والغرب»، مخاطباً نخبة من السياسيين والمفكرين والأساتذة الجامعيين الأتراك، وعلى رأسهم أحمد داود أوغلو بأن «الإسلام هو الموضوع البارز الذي يشغل بال الغرب، بل هو المعضلة المستعصية على الحلول الجذرية»، وقال مشجّعاً إيّاهم بشكل غير مباشر للخروج من علمانيتهم: «أنتم علمانيون فيما أوروبا ستصبح دينية».

وروى عن كيسنجر قوله له باستحالة التفاهم مع المسلمين في تشتّت مرجعياتهم. فلو أراد واحدنا محادثة مرجعية مسلمة في الشرق ولو هاتفيّاً، فإنه سيضيع حتماً ولن يجد من يجيبه على الطرف الآخر بشكل قاطع وفي أي مسألة كبرى أو صغرى تخص هذا الجزء الواسع من قارتي آسيا وإفريقيا.

فكيف نفهم الإسلام والمسلمين إذاً وهم يدهمون أبواب الغرب مجدداً، كما يقول؟ ومع من نتكلم منهم؟ هل نتكلم مع المملكة العربية السعودية أو مع أفغانستان أو مع باكستان أو مع تركيا أو إيران أو مصر والمغرب وليبيا وغيرها؟

ويضيف أن كيسنجر قد لامه لأنه تناول في محاضراته ومقالاته حضارة المسلمين بصيغة الجمع أو الكتلة الإسلامية المتجانسة مع أن الواقع يفرض مخاطبتهم والتفكير بهم بصيغة المفرد ، لتعدّدهم وتباعدهم في نظراتهم وسلوكهم إلى الحكم عن طرائق الأحكام.

طبعاً، لسنا بحاجة إلى التذكير بكيسنجر مهندس سياسات التجزئة في الشرق الأوسط وصاحب نظرية مترنيخ التي دفعت به إلى أعلى المراتب في تقرير السياسة الخارجية الأمريكية في العالم، كما أننا لسنا بحاجة إلى التذكير بمقولات صموئيل هنتنغتون في «صراع الحضارات» الأرضية السبع الصينية واليابانية والإسلامية والهندية والسلافية واللاتينية الأمريكية والكونفوشوسية التي ستزول كلّها لشرعة الأقوى، ولن يستمر منها في القرون المقبلة سوى حضارات ثلاث: هي الغربية والإسلامية والصينية أو الكونفوشوسية.

مع العلم أنّ هذا المفكر الأمريكي قد دمغ السياسة الأمريكية الراهنة بأفكاره وتوقعاته، وزيّن كتاباته تلك بهاجس كبير هو تحالف الحضارتين الصينية والإسلامية في تلميح إلى تحالف نووي متوقع بين الصين وبعض الدول الإسلامية.

إنّ أهمّ ما جاء في المحاضرة التلويح بأن أمريكا مقتنعة بوضع ملفّ البلاد العربية الإسلامية كلها بين أيدي تركيا الخبيرة بهم عثمانياً والمستيقظة إلى جذورها الإسلامية ، بعدما راحت بلدان أوروبا الشرقية ترفع إشارات الصليب فوق صدرها، وهي بهذا تتشارك مع خبرة تركيا التي حكمت البلاد العربية والإسلامية وضبطتها في مرجعية واحدة طوال 415 سنة تقريباً، قبل أن تتخذ صفة «الرجل المريض» في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وهو ما يؤهلها لأن تقرع أبواب أوروبا من فرنسا سواء حافظت هذه الأخيرة على علمانيتها وديمقراطيتها ونهضة المرأة فيها، أم استغرقت في ردود فعلها الدينية حيال حضور المسلمين فيها.

المهم إغراء تركيا بتقديم نفسها كنموذج معاصر لما أسموه بالإسلام الجديد أو المعاصر الذي يرتدي البذلة الغربية والذي يقدّم إلى العالم إسلاميين يقتصرون في إعادة جمعهم على النص القرآني، وتسقط معه مع مرور الزمن الحروب والويلات ومئات الآلاف من القتلى والخرائب معظم الأركان الإسلاميّة الأخرى التي كانت في بذور الخلافات والانشقاقات الإسلاميّة في الحكم وأصوله.

يتيح هذا الفكر المخيف:

أوّلاً، تطويع التردد السياسي في أوروبا الجانحة نحو التعصّب الديني من فتح ذراعيها بسهولة لقبول المسلمين وتلقّفهم،

وثانياً بسحب الحدّة وتحديات الغرب في عقر داره من شرب كوب المسلمين التكفيريين، فيخفّف «الأدرينالين» في دمائهم عندما يتذوّقون طعم الحكم،

وثالثاً دفعهم إلى تحقيق ثوراتهم على النسق الذي حققه الغرب بدءاً من عصر الأنوار، وخصوصاً عند الفشل الطبيعي الذي سيتراكم في الحكم ، عندها تعمم أمريكا الأفكار والشعارات الجديدة في أرجاء العالم الجديد.

لكنّ العقدة هنا تكمن في القول إنّ الحكّام لا الأنظمة قد انصاعوا لصرخات شعوبهم ولأمريكا والغرب بالطبع، لكنّ بقايا الأنظمة ومؤسساتها صارت تنصاع للشرق المستيقظ والغرب، والشعوب رفضت الاثنين وأنظمتهما التي يكرهونها بالقدر الذي يكرهون فيه الولايات المتحدة و«إسرائيل» التي تقفز بكامل رصيدها العسكري والعالمي اليوم، وفي عطلة طويلة، بانتظار تظهير الجواب على السؤال الأكبر:

أين هي «إسرائيل» من ثورات العرب وأمريكا المتعثرة في الشرق الأوسط؟

يتحوّل العرب من الغرب إلى الشرق وصولاً إلى الشرق الأقصى في تبادلات وتحالفات تسبق هذا الغرب، ولربّما تذبل تركيا مجدّداً أمام أمراضها المتجدّدة، وقد يتنامى، في المقابل، الخطر الماثل حالياً في الشرق الأوسط تأسيساً لملامح حروب واسعة تنشب بين الصهيونية السياسية وبين قادة العالم الإسلامي الذي تستحيل قيادته.

وقد تُوجّه فيها هذه الحروب أو تُدار بحيث يتمكن المسلمون والصهاينة من تدمير بعضهما بعضاً، وفي الوقت ذاته تقوم الشعوب الأخرى التي تجد نفسها منقسمة أيضاً حول هذا الصراع بقتال بعضها بعضاً حتّى تصل إلى درجة من الإعياء المطلق، لنرى دول الشرق الأوسط محاصرة بالدمار الذي يتطلّب عقوداً واستنزاف ثرواته.

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الإسلام العالم الإسلامي أوروبا العلمانية صمويل هنتنغتون هنري كيسنجر

أسئلة مزعجة يجب أن تطرح

هذه العلاقة المشتبكة بين أوروبا والإسلام