الغرب مدين باعتذار.. ميدل إيست آي: قطر قدمت نسخة رائعة من المونديال رغم هجمات الكراهية

الأربعاء 21 ديسمبر 2022 01:55 م

"تدين هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، ووسائل الإعلام الفرنسية المشهورة بالتعصب، وكثير من الصحافة البريطانية والغربية باعتذار كبير لقطر.. لقد حان الوقت للاعتراف بأنهم أخطأوا وأن قطر استضافت واحدة من أروع بطولات كأس العالم لكرة القدم في التاريخ".

كان هذا خلاصة تحليل كتبه الصحفيان البريطانيان، "عمران ملا" و"بيتر أوبورن" في موقع "ميدل إيست آي"، قائلين إن قطر نجحت في تنظيم بطولة رائعة واستثنائية من كأس العالم "رغم نبوءات الإعلام الأوروبي بحدوث كوارث واضطرابات"، وهجمات تلك الوسائل الإعلامية على قطر قبل وخلال البطولة.

ووفقا للتحليل فإن وسائل الإعلام الأوروبية لم تكن المشارك الوحيد في حملة تشويه المونديال، لكن أيضا كان هناك مشاركة من الساسة، حيث قال زعيم "حزب العمال" في بريطانيا "كير ستارمر"، إن الحزب لن يرسل أيا من أعضائه لحضور البطولة في قطر.

وأضاف التحليل أن التنديد تجاوز الانتقادات المعقولة بشأن قضايا حقوق الإنسان، فكانت هناك توقعات جامحة، وجذلة في بعض الأحيان، بأن قطر لم تكن مستعدة لاستضافة البطولة، وثار السخط بسبب القرار الذي اتخذ في اللحظة الأخيرة بحظر بيع الخمور داخل الملاعب.

وانتشرت الروايات الكاذبة حول دفع رشاوي للعمال المهاجرين من جنوب آسيا حتى يشجعوا فرقا بعينها، وقررت الـ"بي بي سي" عدم بث الحفل الافتتاحي، رغم أنها كانت قد بثت حفل افتتاح كأس العالم في روسيا عام 2018.

وقال التحليل: "والآن، أما وقد انتهت البطولة، فقد ثبت أنها نجحت نجاحا باهرا، وبذلك كذبت كل النبوءات التي توقعت الكوارث والعذاب"

وأشار التحليل إلى أنه لم تقع أعمال شغب في الدوحة، ولم يحصل تعطيل يذكر، ولم تشهد البطولة كوارث تنظيمية ذات بال، مردفا: "في الواقع، مر الحدث بأسره مرور الكرام، وكانت تلك أول بطولة كأس عالم في التاريخ لم يلق فيها القبض على شخص واحد من مشجعي إنجلترا".

وتابع: "الآن، أما وقد انتهت البطولة، فإنه ينبغي بطبيعة الحال الاستمرار في إخضاع قطر للتحري بشأن قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك معاملة العمال المهاجرين وحقوق الأقليات. ولكن، يبدو أن كثيراً من المعلقين عازمون إلى حد السخافة على الاستمرار في توبيخ البلد بسبب تقاليده الثقافية".

وقال الصحفيان: "حدث ذلك يوم الأحد الماضي عندما أهدى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، البشت (العباءة)، وهو لباس عربي احتفالي تقليدي، للأرجنتيني ليونيل ميسي بينما كان يرفع كأس العالم بيديه. وهي مبادرة قُصد منها التعبير لميسي عن الاحترام والحفاوة والتكريم من خلال عرض للثقافة المحلية في اللحظات الأخيرة من حدث عالمي حقق، بلا ريب، نجاحاً باهراً".

وصفت "ديلي تليجراف" ما حدث بالقول إنه "عمل شاذ دمر أعظم لحظة في تاريخ كأس العالم".

أما مقدم برامج الـ"بي بي سي" البريطانية "جاري لينيكر"، الذي أخضع مشاهدي التلفزيون إلى جعجعة من العداء لقطر في بداية كأس العالم، فقد استهجن بسخرية واستهزاء ما فعله أمير قطر، واصفاً البشت، والذي يعتبر ارتداؤه في قطر علامة على التكريم، بالثوب الصغير.

أما "لوري وايت ويل" الذي يكتب عن كرة القدم لصحيفة "ذي أتلانتيك"، فوصف ارتداء "ميسي" للبشت بأنه "مظهر غريب لا ضرورة له".

وقال "مارك أوجدن"، كبير الكتاب في "إي إس بيه إن" فأعرب عن تقززه، قائلاً في تغريدة ما لبث أن حذفها: "كل الصور دمرت من قبل شخص جعل ميسي يرتدي معطفاً كما لو كان يوشك أن يجلس عند الحلاق ليقص شعره"، وفي تغريدة حذفت كذلك فيما بعد، قال "دان ووكر" من القناة الخامسة: "أراهنكم أن مبابي سعيد بأنه نجا من الرداء الغريب ذي الحافة الذهبية".

ولا يقتصر الأمر على وسائل الإعلام البريطانية. فمن خلال شاشة قناة التلفزيون الفرنسية "بي إف إم تي في"، فقد أعرب المعلقون عن انزعاجهم الشديد من ارتداء "ميسي" للبيشت، وسخروا منه مطلقين عليه أوصافاً مثل "بساط محلي رخيص" و"روب الحمام".

وكما يعرف مسلمو فرنسا جيداً فإن وسائل الإعلام الفرنسية تعتبر أي شكل من أشكال الزي الإسلامي شيئاً مستهجناً، بل وخطيئة من الخطايا، حسب التحليل.

واعتبر الصحفيان أن "الحملة الغربية ضد مونديال قطر كانت متعصبة ولم تكن مدفوعة بالسخط على سجل حقوق الإنسان، وإنما بالكراهية للإسلام والثقافة العربية".

وأضافا: "لقد عرت تغطية مباريات كأس العالم الكبر الثقافي لدى كثير من الصحفيين، الذين يتعاملون مع الأعراف الأوروبية كما لو كانت الوضع الطبيعي والمعيار الذهبي، ويرون أن أي احتفاء بثقافة أخرى – مثل إسباع أمير قطر البشت على كتفي ميسي – فعلا ينبغي أن يهاجم باعتباره اختراقاً همجياً".

ولفتا إلى  أن "هذه الشوفينية العدائية، سيطرت على مجمل التغطية الغربية لأحداث كأس العالم. خذ على سبيل المثال الشكوى الشائعة من أنه ما كان ينبغي عقد البطولة في الشتاء، وهو أمر استدعاه كون حرارة الصيف في قطر شديدة جداً".

ومضمون هذا التظلم الغربي هو أنه لا ينبغي إزعاج الأوروبيين وأنه يجب على بقية العالم الخضوع لرغبات أوروبا، بحسب التحليل.

وقال الصحفيان: "ثم جاء الاحتجاج على حظر بيع الخمور داخل الملاعب. صور ذلك في بعض وسائل الإعلام البريطانية باعتباره خضوعاً للثقافة الإسلامية الأنانية التي سوف تدمر التجربة بالنسبة لحملة التذاكر، إلا أن كثيراً من المشجعين من كل أنحاء العالم، بما في ذلك ليس فقط المسلمون الممتنعون عن تعاطي الخمور، بل وكذلك النساء اللواتي شعرن بالأمان والاطمئنان، سرهم تطبيق الأحكام الجديدة".

ووصف الصحفيان تنظيم كأس العالم في قطر بالعظيم، وأضافا أنه "بالفعل، كان هذا بالنسبة للعالم العربي كأس عالم عظيما وخارقا للعادة، الأول الذي ينعقد في الشرق الأوسط. شهدت الدوحة استعراضات واضحة للتضامن مع فلسطين حتى غدت تلك واحدة من أهم خصائص البطولة. وبالنسبة لكثير من المسلمين، فقد أثار مشاعرهم سماع القرآن يتلى في الحفل الافتتاحي".

وشهدت البطولة انتصارات غير متوقعة، مثل الهزيمة التي ألحقتها المملكة العربية السعودية بالأرجنتين في بداية البطولة، وانطلقت بسببها الاحتفالات متجاوزة الحدود القطرية والاختلافات السياسية.

وكان الحدث الأبرز هو نجاح المغرب في ما يشبه المعجزة، فكان فريقها أول فريق عربي يصل إلى الأربعة النهائية في كأس العالم. ولذلك كانت هذه البطولة بالنسبة للكثيرين، بمثابة معلم تاريخي.

في تلك الأثناء، رأى العشرات من المشجعين الذين وردوا من البلدان الأوروبية في وجودهم في قطر فرصة للتعلم عن الإسلام وعن الثقافة القطرية، فزاروا المساجد، وأقاموا صداقات جديدة، وارتدوا الملابس التقليدية. وشهد الميدان تبادلاً ثقافياً حماسياً، وسرت فيه روح أممية كم تحتاج إليها الإنسانية بعد أن أضحى العالم، وبشكل متزايد، شديد الانقسام.

واختتم الصحفيان البريطانيان تحليلهما بالقول: "ينبغي على بي بي سي، وبشكل خاص لينيكر، ووسائل الإعلام الفرنسية المتحاملة، وجل الصحافة البريطانية، التقدم باعتذار كبير لقطر. آن لهم أن يقروا بأنهم أخطأوا التقدير وأن قطر استضافت واحدة من أروع بطولات كأس العالم في التاريخ".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مونديال قطر كأس العالم 2022 العنصرية الهجوم على مونديال قطر تشويه مونديال قطر نجاح مونديال قطر

مونديال قطر يشهد أكثر من 14 ألف رحلة جوية عبر الدوحة