قرار "سلطات الحرب" يسلط الضوء على معضلة اليمن بالنسبة لواشنطن

الجمعة 23 ديسمبر 2022 09:11 ص

في 13 ديسمبر/كانون الأول، أعلن السيناتور الأمريكي "بيرني ساندرز" أنه سيسحب قراره المقترح "سلطات الحرب" المعنيّ باليمن، ويأتي هذا بعد أن واجه القرار (الذي دعا إلى وقف الدعم الاستخباراتي الأمريكي لحرب اليمن ووقف إمدادات قطع الغيار والصيانة للطائرات الحربية التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية) معارضة شديدة من البيت الأبيض، بما في ذلك التهديد بالفيتو.

ويجسد النقاش حول قرار "ساندرز" معضلة اليمن الأوسع التي تواجهها الولايات المتحدة، حيث ترغب في إنهاء الحرب لكن ليس لديها وسيلة حقيقية لتحقيق هذا الهدف، كما إن الخيارات السياسية القليلة التي لديها قد تجعل الوضع أسوأ.

على سبيل المثال، فإن قرار "ساندرز" حسن النية، لكنه ينتمي إلى الماضي ومنفصل عن الحقائق على الأرض في اليمن.

ويريد "ساندرز" مثل الغالبية في الولايات المتحدة، أن يكون هناك نهاية للحرب في اليمن، والتي توصف بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لكن قراره من المحتمل أن يوسع الحرب لا أن ينهيها.

(())

ومن خلال وقف تشارك المعلومات الاستخباراتية والصيانة وقطع الغيار مع القوات الجوية السعودية والإماراتية، ستساعد الولايات المتحدة بشكل فعال الحوثيين في محاولاتهم للسيطرة على مأرب وحقول النفط والغاز في المحافظة. 

وعلى مدار العامين الماضيين، انخرط الحوثيون في عمليات واسعة للسيطرة على مأرب، بهدف إنشاء قاعدة اقتصادية لدولة حوثية مستقلة. وبالرغم من بعض المكاسب المهمة إلى حد ما في عام 2021، فقد كبحت القوات الجوية السعودية الحوثيين إلى حد كبير، لكن قرار "سلطات الحرب" لـ"ساندرز" كان سيزيل هذه العقبة ويمنح المليشيا وسيلة للانتصار في مأرب. أما ما يزيد الطين بلة، فإن ذلك قد يدفع الجماعة في التفكير فيما وراء مأرب.

ففي عام 2021، عندما كان الحوثيون يحققون نجاحات في الاستيلاء على مناطق من مأرب، انتقلوا أيضًا إلى تهديد محافظة شبوة الشمالية، المنتجة للنفط والغاز. وإذا أخذ الحوثيون شبوة، فسوف يفصلون عدن عن حضرموت، وينهون أي أمل في دولة جنوبية مستقلة. 

ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن الشيء الوحيد الأسوأ من سيطرة الحوثيين على شمال اليمن هو سيطرة الحوثيين على كل اليمن.

وأشار مراقبو الشأن اليمني مثل "كاثرين زيمرمان" من "معهد أميريكان إنتربرايز"، إلى أن قرار "ساندرز" كان يهدف إلى معاقبة السعودية على "خطايا الماضي"، بما في ذلك اغتيال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" عام 2018 وكذلك العدد المذهل من الضحايا المدنيين من الغارات الجوية السعودية والإماراتية.

فقد كانت الخطيئة الأصلية للولايات المتحدة في اليمن قرارًا من إدارة الرئيس السابق "باراك أوباما" بدعم حرب تم التخطيط لها بشكل سيء ولا يمكنها توجيهها أو السيطرة عليها. 

وفي كثير من الحالات، كانت الطائرات والصواريخ الأمريكية، والرحلات الجوية الأمريكية لإعادة التزود بالوقود، وقطع الغيار والصيانة الأمريكية، هي التي سمحت للسعودية بتنفيذ غارات جوية في اليمن. ووفق المنطق الذي يقف خلف قرار "سلطات الحرب"، فإن حرمان الرياض من كل ذلك، سيجبرها على الانسحاب.

ومع ذلك، فإن الانسحاب السعودي لن ينهي الحرب في اليمن، بل قد يؤدي إلى توسيعها فعليًا، فيما تتدافع المجموعات المسلحة اليمنية لتأمين سيطرتها على أكبر قدر ممكن من المناطق. وبالتأكيد، سيضمن ذلك انتصار الحوثيين في الشمال، وربما حتى في جميع أنحاء اليمن. 

معضلة اليمن

تعرضت إدارة "جو بايدن" لموقف مشابه بشأن اليمن من قبل، إلا أنها كانت على الجانب الآخر. ففي يناير/كانون الثاني 2021، صنفت إدارة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" في آخر يوم لها، الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية؛ مما جمد فعليًا المساعدات الإنسانية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث شعرت المنظمات الدولية بالقلق بشأن انتهاك العقوبات الأمريكية.

وبعد أن تولى "بايدن" منصبه مباشرة في 20 يناير/كانون الثاني، كان على إدارته أن تتخذ قرارًا بشأن الأمر؛ فقد أدركت الولايات المتحدة أن الحوثيين تلاعبوا بالمساعدات الإنسانية القادمة إلى البلاد واستخدموها كسلاح، حيث حولوا المساعدات إلى مؤيديهم واستخدموا الوعد بسلال الطعام كجزرة لحث الأسر على المساهمة بالمقاتلين، بما في ذلك تجنيد الأطفال.

لكن إدارة "بايدن" كانت تعلم أيضًا أن استمرار العقوبات سيحد بشدة من المساعدات الإنسانية التي تدخل البلاد، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى وفاة الآلاف.

في النهاية، رأت إدارة "بايدن" أن تكلفة استمرار العقوبات كبيرة جدًا ورفعت التصنيف. وبدا هذا بالنسبة للبعض وكأنه قرار مؤيد للحوثيين ومناهض للسعودية، مثلما يبدو الآن أن معارضة البيت الأبيض لقرار "سلطات الحرب" في صالح المملكة.

لكن الواقع إن كلا القرارين هما ببساطة نتيجة لمعضلة اليمن التي تجد الولايات المتحدة نفسها فيها، حيث تفتقر الولايات المتحدة إلى النفوذ للضغط على الحوثيين للتفاوض بحسن نية، والإجراءات القليلة التي يمكن أن تتخذها تجعل الحرب أسوء وليس أفضل.

ونتيجة لذلك، تجد الولايات المتحدة نفسها -كما كانت على مدى العامين الماضيين في اليمن- في حالة شلل، ولديها الآن القليل من الخيارات لتحافظ على الوضع الراهن الهش، وتأمل أن تظهر طفرات تغير الواقع بشكل غير متوقع.

** لقراءة النص الأصلي The Yemen Conundrum

المصدر | جريجوري دي جونسن/ معهد دول الخليج في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قرار سلطات الحرب بيرني ساندرز حرب اليمن بن سلمان خاشقجي الحوثيين

وفد عماني يصل صنعاء لبحث تطورات أزمة اليمن