منتدى الخليج: مونديال الدوحة فجر انفراجات كبيرة لا تخلو من مزالق محتملة

الخميس 22 ديسمبر 2022 05:16 م

بينما قدمت بطولة كأس العالم 2022 التي استضافتها الدوحة، وجبة كروية دسمة ومبهجة داخل الملاعب، أتاحت البطولة التي تقام لأول مرة في الشرق الأوسط وليمة سياسية أكثر دسامة وإبهاجا خارج الملاعب.

ووفق تحليل نشره "إبراهيم كاراتاش" المحاضر في العلاقات الدولية في جامعة إستينيا في تركيا، بموقع منتدى الخليج الدولي، فإن البطولة فجرت انفراجات في العلاقات المتأزمة بين خصوم المنطقة وإن كانت الأمور لا تحلو من المزالق المحتملة.

وأوضح أنه في كل الأحوال، أثبتت البطولة أن الانفراج في العلاقات بين بلدان منطقة الخليج بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ليست فقط ممكنه ولكنها مفضلة أحيانا، حتى لو استمرت الانقسامات بين الطرفين.

وأوضح "كاراتاش" أن مونديال قطر الذي استفاد من اتفاقية العلا الموقعة في مطلع العام، وبرز كمنتدى للمصالحة ليس فقط بين دول منطقة الخليج، بل أيضا غير الخليجين بالمنطقة.

في يناير/كانون الثاني 2021، انهت اتفاقية العلا الأزمة التي اندلعت في منتصف 2017، بين قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

وأشار "كاراتاش" بأن الدوحة استضافة خلال فترة المونديال عشرات القادة الذين التقوا لمناقشة العلاقات الدولية، على وجه الخصوص، كانت اللقاءات بين بعض قادة منطقة الخليج رائعة.

وشهد حفل افتتاح المونديال وحده حضور ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، والرئيس المصري المصري "عبد الفتاح السيسي"، وحاكم دبي الشيخ "محمد بن راشد"، والرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، إلى جانب 22 من قادة العالم الآخرين.

أرسلت العديد من الدول التي لم يتمكن رئيسها من الانضمام ممثلين على المستوى الوزاري بدلاً من ذلك.

وفي 5 ديسمبر/كانون أول، أجرى رئيس الإمارات "محمد بن زايد" زيارة مفاجئة لقطر، للمرة الأولى انتهاء الأزمة الخليجية على قطر، وبالنظر أن الإمارات كانت القوة الدافعة وراء حصار قطر في عام 2017، كانت زيارته مهمة بشكل خاص لتطبيع العلاقات.

وعلى جانب آخر، استفادت الإمارات من المونديال، حيث تشير التقديرات إلى أن دبي وحدها استضافت مليون سائح إضافي خلال البطولة.

علاوة على ذلك، قامت بعض المنتخبات الوطنية المشاركة بتدريبات ما قبل البطولة إما في أبو ظبي أو دبي.

وكان حضور "السيسي" هي الزيارة الثانية للدوحة، حيث سبقتها زيارة رسمية في سبتمبر/ أيلول الماضي كانت الأولي من نوعها منذ توليه الرئاسة.

ولم تكن زيارة "السيسي" الثانية للدوحة بمثابة تعزيز جديد للعلاقات بين قطر ومصر فحسب، بل شهدت أيضا مصافحة واجتماع غير مسبوق مع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"

وأكد المحاضر التركي، أنه بدون كأس العالم، سيكون من الصعب تخيل رؤية "السيسي" و"أردوغان" يتصافحان، وكنتيجة مباشرة لهذه المصافحة من المتوقع أن يعيد كلا البلدين نشر سفرائهما قريبًا، للاستفادة من الزخم الإيجابي.

بالطبع، لا ينبغي الاستهانة بدور الوساطة القطرية. فلطالما سعت الدوحة إلى استعادة العلاقات بين تركيا ومصر، وقدم المونديال الفرصة فقط للقيام بذلك.

مزالق محتملة

وبالرغم من هذه الانفراجات، فإن المظالم البعيدة التي أدت إلى حصار 2017 ما زالت مستمرة حتى اليوم. على سبيل المثال، لم تتغير السياسات الخارجية لقطر وتركيا تجاه المنطقة.

ورأي "كاراتاش" أنه إذا استمرت الدوحة وأنقرة في دعم جماعة الإخوان المسلمين، فقد تنفجر العلاقات الإقليمية مرة أخرى.

في الوقت الحالي، يُتوقع أن تتجنب جميع الأطراف استعداء بعضها البعض دون تغيير مواقفها بشأن هذه القضايا الجوهرية.

وذكر أنه بهدوء تم تنيه وتذكير وسائل الإعلام التي تديرها الدولة- التي كانت ذات يوم بمثابة مكبرات صوت لنشر الدعاية المعادية – بأنه لا ينبغي أن تسبب تغطيتها غضبًا أو تعطل التقدم نحو التطبيع الدبلوماسي.

ولفت إلى أن ثمة عدد من الأسئلة التي تطرح نفسها للنقاش حاليا أبرزها إلى متى سيستمر هذا الوفاق؟ وما إذا كان لديه أساس قوي بما يكفي للاستمرار في المستقبل؟

نظرًا لأن الانتفاضات الشعبية ضد الأنظمة الاستبدادية غير متوقعة في المستقبل القريب، فقد تعزز تركيا وقطر جهودهما للمصالحة بين الأحزاب الإسلامية والأنظمة العربية.

يجادل بعض العلماء الأتراك بأن جماعة "الإخوان المسلمين"، التي يُنظر إليها من قبل الأنظمة الاستبدادية باعتبارها مصدر انتفاضات، قد تستفيد من التهدئة العامة مع قادة وحكومات المنطقة.

وأضاف "كاراتاش" بأن أحد الاقتراحات هو أن الدبلوماسيين القطريين والأتراك قد يتوسطون حتى بين جماعة الإخوان المسلمين وإدارة السيسي لخلق ظروف اجتماعية وسياسية مماثلة لتلك التي كانت أيام الرئيس المصري الراحل "محمد أنور السادات"

فعلى عكس "عبد الناصر"، عقد "السادات" السلام مع الإخوان، وحافظ الجانبان على مستوى معين من الاحترام تجاه بعضهم البعض.

بشكل عام، يمكن القول إنه في أعقاب اتفاقية العلا، تعد بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 علامة بارزة أخرى نحو تحسين العلاقات بين الدول في منطقة الخليج والشرق الأوسط على نطاق أوسع.

وخلص المحاضر التركي إلى أن جولة المصافحات الأخيرة في الدوحة تشير إلى أن الانفراج في العلاقات بين دول المنطقة ليس ممكنًا فحسب، بل يُفضل أحيانًا - حتى لو استمرت الانقسامات والخلافات.

المصدر | منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي رجب طيب أردوغان مونديال قطر