كيف تؤثر زيارة زيلنسكي إلي واشنطن على مسار الحرب في أوكرانيا؟

الأحد 25 ديسمبر 2022 07:55 ص

من غير المرجح أن تقنع زيارة الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلنسكي" البيت الأبيض بتزويد كييف بالأسلحة التي تحتاجها لاستعادة المزيد من أراضيها من روسيا. 

وفي 21 ديسمبر/كانون الأول، قام "زيلنيسكي" بأول زيارة خارجية له منذ اندلاع الحرب ووصل إلى واشنطن لإجراء محادثات مع الرئيس الأمريكي "جو بايدن" وكبار المسؤولين الأمريكيين، ثم إلقاء خطاب في اجتماع مشترك للكونجرس الأمريكي. 

وتزامنت الزيارة مع الإعلان عن حزمة أمريكية جديدة بقيمة 1.85 مليار دولار كمساعدة أمنية إضافية لأوكرانيا تتضمن منظومة دفاع "باتريوت" واحدة (تفاصيل النموذج والذخائر لم يتم الكشف عنها). 

الأسلحة بعيدة المدى

وتأتي الزيارة في لحظة محورية، حيث حققت القوات الأوكرانية مكاسب في ساحة المعركة في الأشهر الأخيرة، لكن أوكرانيا تفتقر إلى معدات لتنفيذ ضربات بعيدة المدى وغيرها من المعدات الهجومية التي تحتاجها للحفاظ على مكاسبها ضد القوات الروسية. 

وفي المؤتمر الصحفي مع "زيلينسكي"، رفض "بايدن" فكرة تزويد أوكرانيا بمواد "مختلفة اختلافًا جوهريًا" عن تلك التي تذهب بالفعل إلى هناك، قائلاً إن هذا قد يسبب تفكك الناتو وتراجع دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا. 

وأعاد هذا التصريح التأكيد على سياسة الغرب المتمثلة في رفض تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى يمكن أن تستخدمها القوات الأوكرانية لتقويض الخطوط اللوجيستية الروسية بفاعلية لتتراجع أكثر عن خط الجبهة الحالي. 

وبالرغم أن زيارة "زيلينسكي" ستساعد على الأرجح في تعزيز الدعم بين المشرعين والمواطنين الأمريكيين لمواصلة مساعدة أوكرانيا، فإنها لن تضمن الحصول على قدرات الضربات بعيدة المدى التي تحتاجها كييف للحفاظ على زخم التقدم الحالي، مما يمنح روسيا الوقت لتدريب وإعادة تسليح وبناء تحصينات لقواتها في شرق أوكرانيا، وبالتالي يجعل من الصعب على كييف استعادة الأراضي التي استولت عليها روسيا هذه السنة.

منظومة "باتريوت"

يأتي قرار الولايات المتحدة بتوفير منظومة "باتريوت" الدفاعية نتيجة لحملة روسيا على البنية التحتية المدنية في أوكرانيا، وهذا القرار جدير بالملاحظة بسبب قدرة المنظومة على المساعدة في الدفاع عن أوكرانيا وسط الغارات الجوية الروسية المستمرة ضد البنية التحتية الحيوية للبلد الذي مزقته الحرب (مثل شبكة الطاقة). 

كما يعد تسليم منظومة "باتريوت" لافتا أيضًا لأنه يمثل تحولًا في سياسة الولايات المتحدة، إذ رفضت الولايات المتحدة في الأشهر التي تلت الغزو الروسي هذه الفكرة مرارًا وتكرارًا، وكانت غالبًا ما تقول إن المنظومة ستتطلب تمركز أفراد أمريكيين في أوكرانيا، مما يشكل خطرًا غير مقبول بالنسبة للناتو.

التقارب الروسي الصيني

تأتي الزيارة في الوقت الذي تشير فيه روسيا إلى عزمها على الحفاظ على مجهوداتها الحربية على المدى الطويل، مع تسليط الضوء على تعاونها مع الصين. فقد كان هناك حدثان لم تعلن موسكو عنهما سابقًا في يوم زيارة "زيلينسكي"، فيما بدا محاولة للإشارة إلى نية روسيا الحفاظ على موقفها التفاوضي ومواصلة الحرب، بغض النظر عن المدة التي تستغرقها الحرب وعن التكلفة بالنسبة لروسيا. 

وأدلى الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ووزير الدفاع الروسي "سيرجي شويجو" بتصريحات عامة قبل اجتماع موسع لفريق وزارة الدفاع الروسية، حيث قال "بوتين" خلال الاجتماع إنه "لا توجد قيود على تمويل" الجيش الروسي وأنه سيتم "تحقيق نتائج مقابلة لذلك"، بينما ذكر "شويجو" بشكل مبهم أن هدف روسيا لعام 2023 هو مواصلة "العملية الخاصة" [في أوكرانيا] حتى الانتهاء منها. 

وفي 21 ديسمبر/كانون الأول أيضًا، التقى الرئيس الروسي السابق "ديمتري ميدفيديف" - وهو أحد المقربين الوثيقين لـ"بوتين" ويعمل حاليًا كنائب لرئيس مجلس الأمن الروسي - الرئيس الصيني "شي جين بينج" في زيارة غير معلن عنها مسبقًا إلى بكين، حيث قام بتسليم "رسالة" من "بوتين"، لم يتم الكشف عن شئ من محتوياتها فيما يتجاوز الإشادة بالتعاون "غير المسبوق" بين البلدين. 

وأكد الحدثان معًا على التزام الكرملين بمساره الحالي، مطمئنًا الصين بأن روسيا ستبقى شريكًا موثوقًا طويل الأمد لبكين ضد الغرب بغض النظر عن كيفية تطور الحرب.

وخلال حدث 21 ديسمبر/كانون الأول، اقترح "شويجو" إجراءً مثيرًا للجدل وقبله "بوتين"، ويتضمن تغيير الفئة العمرية للتجنيد في الخدمة العسكرية من 18-27 إلى 21-30، وما زالت تفاصيل الاقتراح غير واضحة، بخلاف أن التنفيذ التدريجي سيبدأ في بداية العام المقبل. 

ولكن يبدو أن الهدف هو زيادة عدد سكان روسيا المتاحين للتجنيد، مع استبعاد المجندين في سن المراهقة من القتال في أوكرانيا (وهو أمر لا يحظى بشعبية في روسيا).

وكان "ميدفيديف" برفقة "أندريه تورشاك" أمين المجلس العام لحزب "روسيا الموحدة" و"فلاديمير فاسيلييف" رئيس فصيل "روسيا الموحدة" في مجلس الدوما. ومن المحتمل أن إدراجهم في رحلة الصين كان يهدف إلى طمأنة بكين بشأن الدور التوجيهي الذي سيلعبه حزب "روسيا الموحدة" في إدارة سياسات روسيا على المدى الطويل، وأنه في ظل قيادة الحزب ستواصل روسيا سياسة مواجهتها مع الغرب (حتى عندما لا يعود بوتين رئيسًا)، فيما يظهر للصين حصانة علاقاتهما الوثيقة.

((4))

استراتيجية أوكرانيا المتوقعة

من المحتمل أن يؤدي فشل كييف في تحويل الموقف الأمريكي بشأن تسليم الأسلحة المتقدمة وبعيدة المدى إلى إجبار أوكرانيا على تبني استراتيجية دفاعية وأكثر حذراً في ساحة المعركة، مما يستبعد استحواذ أوكرانيا على المزيد من الأراضي ويستبعد محادثات السلام مع روسيا خلال العام المقبل. 

وحتى لو لم تحصل كييف على الأسلحة التي تطلبها من الغرب، فمن غير المرجح أن توافق على أي نوع من وقف إطلاق النار ينطوي على التخلي عن الأراضي الأوكرانية لصالح روسيا، لأن هذا سيكون غير مقبول سياسيًا بالنسبة لـ"زيلينسكي". 

ومع استبعاد قدرة أوكرانيا على استعادة أراضيها بسرعة دون قدرات بعيدة المدى، ستتضمن استراتيجية كييف فعليًا انتظار تفاقم الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في روسيا إلى الحد الذي تضطر فيه موسكو في النهاية إلى الانسحاب من أوكرانيا. لكن هذه الاستراتيجية مشكوك في فعاليتها لأن وصول الوضع المحلي في روسيا إلى هذه النقطة قد يستغرق سنوات عديدة.

ويعتمد ذلك أيضًا على تطور الأحداث في روسيا بطريقة معينة، بالإضافة إلى استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا (والذي يمكن أن يضعف في النهاية وسط تفاقم وضع الاقتصاد العالمي بسبب الحرب).

نظريًا؛ يمكن للولايات المتحدة أن تتراجع عن قرارها بعدم تزويد أوكرانيا بأسلحة متقدمة وبعيدة المدى في المستقبل، كما فعلت مع منظومة "باتريوت". ومع ذلك، فإن هذه الخطوة غير مرجحة ما لم تصعد موسكو بشكل كبير من الحرب (مثل إطلاق هجوم جديد على كييف) لأن ذلك - كما أوضح "بايدن" - قد يتسبب في زيادة التوترات داخل "الناتو". 

لكن مثل هذا التراجع الاستراتيجي يمكن أن يكون مكلفًا سياسيًا بالنسبة لإدارة "بايدن"، لأن معارضة تزويد أوكرانيا بأنظمة متقدمة الآن ثم السماح بها لاحقً، يهدد بنفس مخاطر لتصعيد، علاوة على ذلك، فإنه يمنح روسيا وقتًا إضافيًا لإعادة تشكيل قواتها.

وبعد زيارة "زيلنيسكي" إلى واشنطن، يمكن لأوكرانيا أن تحول تركيز طلباتها للحصول على مساعدة غربية إضافية إلى احتياجات هجومية أخرى، مثل الدبابات الحديثة وناقلات القوات المدرعة، وطائرات الناتو ذات الجناح الثابت (التي أكد زيلينسكي للكونجرس أن الجيش الأوكراني قادر تمامًا على تشغيلها). 

ولكن لا يوجد حاليًا علامات كافية على أن موقف الغرب من تزويد كييف بمثل هذه الأنظمة سيتغير في أي وقت قريب.

((5))

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

زيلينيسكي حرب أوكرانيا روسيا الصين الولايات المتحدة الكونجرس بايدن