هل تتغير الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط؟

الجمعة 30 ديسمبر 2022 07:38 م

أثارت عدة تطورات خلال الأشهر الأخيرة في الشرق الأوسط تساؤلات حول ما إذا كانت المنطقة تمر بتغيير جذري في أنماط التعاون والصراع بين دول المنطقة ومع القوى الخارجية

ووفق تقرير نشره موقع "مودرن ديبلوماسي" فإن زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينغ" إلى الرياض وعقده لقاءات مع القادة العرب هناك، كانت المعلم الأبرز في هذا الصدد.

كما برز البيان المشترك الصادر عن الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، والذي فسره الكثيرون على أنه دليل على انحياز الصين إلى جانب الإمارات في نزاعها مع إيران حول امتلاك بعض الجزر الصغيرة في الخليج العربي.

وفي غضون ذلك، ظهر تعميق العلاقات بين موسكو وطهران متمثلا في تدفق الأسلحة الإيرانية على الجيش الروسي الذي يقاتل في أوكرانيا.

وفي الوقت ذاته، تقوم إسرائيل بتنصيب أكثر حكومة يمينية متطرفة على الإطلاق، مما يثير تساؤلات حول مستقبل علاقات إسرائيل التي طورته مؤخرا مع بعض الدول العربية، ولكن ذلك مر حتى الآن دون آثار واضحة على تلك العلاقات.

وحظي مونديال كأس العام الذي استضافته الدوحة باهتمام واسع ليس فقط من عشاق الرياضة، ولكن أيضا من المراقبين السياسيين. كما جرى تسليط الضوء على الأثار المحتملة للمونديال على العلاقات بين دول الخليج وغيرها، وكانت التعبيرات القوية للتضامن مع القضية الفلسطينية دليلا حديثا على ذلك.

جزء من كل ما سبق يستند إلى تحويل بوصلة الاهتمام الأمريكي بعيد المنطقة إلى اتجاه شرق أسيا، وجزء أخر يستند إلى حالة الدبلوماسية المحتضرة فيما يتعلق بإحياء الاتفاق النووي الإيراني.

ووفق التقرير، فقد لعبت الاعتبارات قصيرة المدى، والأحداث خارج المنطقة، وفي بعض الأحيان الاعتبارات السياسية المحلية دورًا كبيرًا في الأخبار القادمة من الشرق الأوسط، كأي شيء يمكن وصفه بأنه مراجعة أساسية للجغرافيا السياسية في المنطقة.

وكانت زيارة "شي" إلى السعودية جزءًا من جهود الصين لتعميق العلاقات مع دول الخليج العربية.

وكان هذا البيان الصيني الخليجي، في ظاهره، معتدلا وحياديا فيما يتعلق بجزر الخليج العربي، واكتفى بالقول إن الخلاف يجب تسويته من خلال المفاوضات الثنائية وفقا للقانون الدولي.

لكن في المقابل، اعترضت إيران على البيان لأنها مثل العديد من الدول الأخرى التي تسيطر على منطقة متنازع عليها، تزعم أنه لا يوجد نزاع وأن الجزر هي حق إيران.

وهناك أسباب كثيرة للاعتقاد بأن الصين لا تزال تريد علاقات واسعة مع جانبي الخليج. فقد كانت إيران موردًا رئيسيًا للنفط إلى الصين ومستوردًا للبضائع الصينية المصنعة. في العام الماضي فقط وقعت الصين وإيران "اتفاقية استراتيجية" مدتها 25 عامًا.

وبحسب التقرير فإن الجغرافيا السياسية العامة للشرق الأوسط لم تتغير بشكل ملحوظ خلال السنوات العديدة الماضية وليست مستعدة للتغيير بشكل أساسي في الأشهر المقبلة.

وتُظهر الصورة الإقليمية المنافسات التي تستند جزئيًا إلى الانقسامات العرقية والدينية ولكنها تعكس أيضًا طموحات مزعزعة للاستقرار في بعض الأحيان من قبل قادة بشكل فردى.

ثم هناك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي لم يتم حله. على الرغم من الجهود الإسرائيلية المثلى لإخراج هذا الصراع من وعي العالم (بالتعاون مع بعض أنظمة الخليج العربية، وتحفيزها بشكل مناسب)، لا يزال الصدى الشعبي لهذه القضية مستمراً.

وتواصل روسيا، على الرغم من العقوبات والأزمة المرتبطة بعمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، إظهار الكفاءة في العمل مع جميع أطراف نزاعات الشرق الأوسط، من إسرائيل إلى إيران وما بينهما.

رحلة الرئيس الصيني الأخيرة إلى السعودية هي جزء من جهود بكين لمحاكاة الروس بسياسة خارجية شاملة في الشرق الأوسط.

وتعد تركيا قوة خارجية نشطة أخرى، لكن سياستها مقيدة بعدم كونها خارجية بالكامل ولديها مخاوف خاصة بشأن النشاط الكردي في سوريا والعراق، فضلاً عن الاعتبارات الأيديولوجية المتعلقة بصلات الحزب الحاكم بالإخوان المسلمين.

ربما كانت الولايات المتحدة، ولا تزال، القوة الخارجية الأكثر تقييدًا بشكل ذاتي في تعاملاتها مع المنطقة. إذ يرتبط القيد الذاتي بالسياسات الداخلية وإرث الصراعات السابقة، ويتجلى بشكل خاص في الدعم غير المشروط لإسرائيل والعداء غير المشروط تجاه إيران.

وخلص التقرير إلى أن أحد الدروس المستفادة هو أنه لتوسيع نفوذ الولايات المتحدة، يجب عليها أن تحاكي الروس (والصينيين الآن) في التعامل مع الجميع بدلاً من النظر إلى الشرق الأوسط على أنه مقسم بشكل صارم إلى أصدقاء وأعداء.

المصدر | مودرن ديبلوماسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الشرق الأوسط الجغرافيا السياسية مونديال قطر