على غرار الربيع العربي.. احتجاجات إيران تحد غير مباشر للحكومات الخليجية

السبت 7 يناير 2023 08:15 م

اعتبر تحليل أورده المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، أن ثمة ارتدادات محتملة وغير مباشرة للاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة في إيران والمتواصلة منذ أشهر في أعقاب وفاة الشابة "مهسا أميني" سوف تطال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتشهد إيران منذ 16 أيلول/سبتمبر احتجاجات إثر وفاة "أميني" بعد 3 أيام من توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.

وأوضح التحليل أنه بالنظر للقواسم المشتركة بين بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فإن تلك البلدان مترابطة بشكل خاص، كما أظهرت بوضوح الانتفاضات العربية عام 2011.

فقبل أكثر من عقد، انتشرت الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت لأول مرة في تونس كالنار في الهشيم في جميع أنحاء المنطقة، بينما تمكنت العديد من الحكومات من تعلم استراتيجيات الاحتواء من بعضها البعض ومن خلال مراقبة البلدان التي تأثرت سابقًا بأحداث مماثلة.

ويضاف إلى ذلك تأثيرات العولمة وحقيقة أن القضايا المحلية للدول القومية لم تعد "شأنا محليا بحتا"، ووفقا لذلك فإن التطورات الأخيرة في إيران قد تمثل نقطة تحول جديدة للمجتمعات المدنية في المنطقة.

وبالتالي فإن الاحتجاجات بمثابة تحدٍ جديد للعديد من الحكومات سواء كانت قريبة من إيران أو لديها علاقات غير ودية تجاه الدولة الفارسية.

ويشير التحليل إلى أن الاحتجاجات التي بدأت بوفاة الشابة الكردية "أميني" سرعان ما انتشرت خارج دائرة الأكراد والنساء لتشمل عدة فئات اجتماعية. وفي حين أن الحريات الشخصية في قلب الاحتجاجات، فإن الاستياء الشعبي أوسع بكثير.

وبالتالي، هناك العديد من الأسباب التي تجعل الاحتجاجات الإيرانية قادرة على الارتداد على المستوى الإقليمي: فهي متقاطعة ومتعددة الأجيال ومتعددة الطبقات.

باختصار، تكشف الانتفاضة الإيرانية عن نقاط ضعف النظام السياسي القمعي ضعيف الأداء. ويمكن أن تقود النظام الإقليمي واستقرار الحكومات في المنطقة بطريقتين مختلفتين.

الطريقة الأولى

يمكن أن تقود طبيعة الأنظمة القائمة في جميع أنحاء المنطقة، وفي الخليج العربي على وجه الخصوص، إلى تعرضهم لتأثيرات غير مباشرة لموجات الاحتجاج.

من الناحية النظرية، قد تستفيد الحكومتان المتنافستان لطهران -الرياض وأبو ظبي- من عدم استقرار الجمهورية الإسلامية، وينبغي أن تكونا مسرورتين لرؤية منافسهما الإقليمي يواجه صعوبات داخلية شديدة.

ويضاف إلى ذلك الفراغ السياسي الإقليمي الذي يخلقه عدم الاستقرار الإيراني، بما أن الاضطرابات الداخلية تجبر طهران على الانعطاف إلى الداخل، ما يسمح للدولتين الخليجتين بتعزيز موقفهما.

ومع ذلك، فقد رأينا القليل جدًا من الشماتة في السعودية والإمارات فيما يتعلق بمشاكل طهران، كما لو كانوا يعتقدون أن تحركات شعبية مماثلة قد تحدث في بلادهم أيضًا.

ووفق التحليل، فإن الرغبة في الحريات الفردية والمساءلة الديمقراطية هي تيار خفي في جميع أنحاء المنطقة، وفشل انتفاضات 2011 لم يمنع في نهاية المطاف المواطنين السودانيين والجزائريين والعراقيين واللبنانيين من التعبئة ضد الأنظمة القائمة منذ عام 2019.

وفي حين يمكن أن توفر دول الخليج مستوى أعلى بكثير من إيران فيما يتعلق بالسلع الاقتصادية لمواطنيها، يمكن أن يكون البعد السياسي والاجتماعي عامل تعبئة هاما.

بعد كل شيء، لم م نع الثروة النفطية ليبيا والبحرين من تجربة انتفاضات خاصة بهما. وهكذا، في حين أن خصوم طهران قد يستغلون لحظة ضعف الجمهورية الإسلامية، يجب على دول الخليج أن تهتم بحجم الاحتجاجات التي يمكن أن تلهم مجتمعاتها المدنية.

ورغم ذلك، قد تكون البلدان خارج الخليج - مثل سوريا ولبنان - أكثر تضررًا بسبب تحالفها الواضح والمباشر مع طهران.

إذا كانت طهران ستبتعد أكثر عن التزاماتها الخارجية للتعامل مع الوضع الداخلي، فقد يترك ذلك سوريا وحزب الله معزولين بشكل متزايد، مما يسمح للجهات الفاعلة الأخرى، مثل السعودية أو تركيا، بالاستفادة.

الطريقة الثانية

هناك دائمًا خطر يتمثل في قيام طهران بتصدير عدم استقرارها. وعلى الرغم من عدم وجود ما يشير إلى أن إيران عازمة على خلق حوادث قد تصرف انتباه مواطنيها عن الوضع الداخلي الحالي، فإن الأنظمة الاستبدادية، التي تشعر بخطر زوالها، غالبًا ما تلجأ إلى الصراعات الخارجية لسحق المعارضة في الداخل وخلق خطر خارجي.

وذكر التحليل أنه من الصعب للغاية التنبؤ بنتائج الاحتجاجات الإيرانية محليًا وما هو تأثيرها في الخارج إذا استمرت.

ومع ذلك، بالنظر إلى التراجع الاستبدادي في المنطقة بعد انتفاضات 2011، فإن الاحتجاجات لديها القدرة على زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة. لكن الاتجاه الذي ستأخذه، بين الفوضى أو التغيير السياسي الديمقراطي الحقيقي، لم يتحدد بعد.

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاحتجاجات الإيرانية الحكومات الخليجية الربيع العربي

مركز سياسي أمريكي: لهذه الأسباب أحجم العرب عن التفاعل مع احتجاجات إيران