"صفقة انتقال كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر أكبر من مجرد تشتيت للانتباه عن سجل حقوق الإنسان البغيض في المملكة العربية السعودية".

بهذه الكلمات سلط الصحفي والمحلل الأمريكي "جيمس دورسي" الضوء على التأثير الأبرز للصفقة الأغلى في تاريخ كرة القدم، مشيرا إلى أن "حقوق الإنسان ليست سوى واحدة من مشاكل سمعة المملكة، حتى لو كانت هي ما يجذب أكبر قدر من الاهتمام".

وذكر "دورسي"، في تحليل نشره بموقع "مودرن دبلوماسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن السعودية تسعى إلى تغيير صورة راسخة على مدى 7 عقود لمملكة "غامضة" استخدمت ثروتها النفطية للترويج عالميًا لتفسير محافظ للغاية للإسلام، لصالح المشروع التحديثي الجديد الذي يتبناه ولي عهد المملكة، الأمير "محمد بن سلمان".

وفي محاولة لإدخال السعودية إلى القرن الحادي والعشرين، وتنويع اقتصادها، وتلبية تطلعات شبابها، خلق "بن سلمان" اللبنات الأساسية لبقاء نظامه، عبر إدخال إصلاحات اجتماعية واقتصادية كبيرة، مع تشديد القمع السياسي، حسبما يرى "دورسي"، واصفا انتقال "رونالدو" إلى النصر بأنه يساهم في تلك الإصلاحات حتى لو كان في السابعة والثلاثين من عمره وعلى وشك الانتهاء من مسيرته الكروية.

فالرياضة، وخاصة كرة القدم، تمثل أكثر أشكال الترفيه شعبية، وأحد أعمدة خطة الإصلاح الخاصة برؤية 2030 التي وضعها "بن سلمان"، وتعزز جهود ولي العهد لاستبدال دول الخليج الأصغر، مثل قطر والإمارات، كمحور اقتصادي ورياضي في الخليج بالسعودية.

ولتحقيق هدفه، يحتاج "بن سلمان" إلى إبراز المملكة كدولة حديثة قادرة على المنافسة دوليًا، ذات هوية وطنية وليست دينية، مدعومة بنجومية "رونالدو"، الذي يرجح "دورسي" أن تستمر فائدته لـ "بن سلمان" لما بعد مسيرته الكروية، كما جرى بالنسبة للإنجليزي "ديفيد بيكهام"، الذي لعب الدور نفسه مع قطر وروج لاستضافتها كأس العالم الأخيرة.

ويتوقع "دورسي" أن يكون "رونالدو" هو سفير عرض السعودية المشترك مع مصر واليونان للحصول على حقوق استضافة مونديال 2030.

وعلى المستوى الرياضي، قد يكون انتقال "رونالدو" إلى نادي النصر خطوة أولى في جهد أكثر جرأة لوضع السعودية في قلب عالم الرياضة بالشرق الأوسط، عبر إنشاء اتحاد كرة قدم عربي منفصل عن الاتحادين الآسيوي والأفريقي ومعترف به من الاتحاد الدولي لكرة القدم.

وهنا يشير "دورسي" إلى أن إنشاء اتحاد عربي سيكون لديه فرصة أكبر للنجاح مقارنة بمحاولة السعودية الفاشلة في عام 2018 لتشكيل منظمة لاتحادات كرة القدم في جنوب غرب آسيا والتي كانت ستضم الدول العربية ودول جنوب آسيا، لافتا إلى أن فكرة الاتحاد العربي المعترف به دوليا لم تعد بعيدة المنال بعد استضافة قطر لكأس العالم وسعي دول الخليج لاستضافة البطولات الكبرى.

ففي الشهر المقبل، سيستضيف المغرب كأس العالم للأندية وستستضيف قطر كأس آسيا بعد ذلك بقليل (عام 2023) ومن المؤكد أن السعودية ستستضيف كأس 2027، كما عادت الدوحة إلى الصورة كموطن للألعاب الآسيوية 2030، وسيأتي دور الرياض في عام 2034.

كما تدرس قطر والسعودية بشكل منفصل استضافة أولمبياد 2036، فضلا عن وجود محادثات لبيع نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي مع مستثمرين سعوديين وقطريين، في مدينة تملك الإمارات ناديها الرئيسي الآخر، "مانشستر سيتي".

ويخلص تحليل "دورسي" إلى أن "رونالدو" من شأنه أن يفيد دوري كرة القدم والنظام الرياضي في السعودية، كما سيلهم الشباب نحو المستقبل، بما يدعم مشروع "بن سلمان" التحديثي.