نمو مذهل بلا تفسير.. عمالة شركة إماراتية ترتفع من 40 موظفا إلى 150 ألفا في 3 سنوات

الأحد 8 يناير 2023 01:55 م

قبل 3 سنوات، كانت "الشركة العالمية القابضة" غير معروفة، وتدير مزارع الأسماك والأغذية والعقارات، بعمالة يبلغ عددها 40 شخصاً فقط، واليوم تبلغ قيمتها السوقية المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية 240 مليار دولار، أي أكثر من ضعف القيمة السوقية لشركتي "سيمنز" و"جنرال إلكتريك"، بعمالة يبلغ عددها 150 ألف موظف.

النمو المذهل لم يلاحظه أحد خارج الإمارات إلى حد كبير وغير مفهوم حتى من قبل المصرفيين المقيمين في المنطقة، حسبما أوردت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، وهو ما عبر عنه مصرفي دولي مقيم في الخليج بقوله: "لا أحد يعلم".

ارتفاع 42000%

وذكرت الصحفية البريطانية أن ما قاله المصرفي الدولي هو الرد الشائع على الأسئلة حول الشركة الإماراتية العملاقة، رغم أنها تمثل ثلث مؤشر "FADX 15"، وهو المؤشر المعياري لسوق أبوظبي للأوراق المالية "ADX".

ومع ارتفاع سعر سهمها بنسبة 42000% منذ عام 2019، أصبحت "العالمية القابضة" ثاني أكبر شركة مدرجة في الشرق الأوسط بعد "أرامكو"، شركة النفط الحكومية السعودية.

حتى "سيد بصر شعيب"، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي للشركة الإماراتية في منتصف عام 2019، أقر بأن نموها كان "مذهلاً"، وأصر، في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز"، على أن "هناك تفسيرات بسيطة لنمو الشركة".

وأوضح "شعيب" أن قصة النمو المذهل تتلخص في نقل أكثر من 40 شركة، تبلغ قيمتها مجتمعة 4.7 مليارات دولار من مجموعة "رويال" في أبوظبي إلى الشركة العالمية القابضة، مشيرا إلى أن غالبية الأعمال تم تحويلها بقيمة اسمية درهم واحد لكل منها.

لكن تقرير الصحيفة البريطانية يشير إلى أن تصريح "شعيب" يفسر جزءًا فقط من القصة، إذ تضخم إجمالي أصول الشركة العالمية القابضة من 215 مليون دولار في نهاية عام 2018 إلى 54 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2022.

وأشار التقرير إلى أن المدينة العالمية للخدمات الإنسانية يراها بعض المراقبين مثالا على العلاقة غير الواضحة بشكل متزايد بين مجتمع الأعمال والسلطة في أبوظبي؛ ما يثير تساؤلات حول الشفافية الاقتصادية في البلد الخليجي.

وفي السياق، قال المصرفي الدولي: "من المحتمل أن يكون هذا هو أكبر تهديد لمؤشر ADX؛ لأننا لا نعرف ما الذي يحدث"، مضيفا: "هناك الكثير من الأشياء الرائعة التي تحدث في ADX، لكن هناك شيء لا يعرفه أحد".

ونقلت الصحيفة البريطانية عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن القلق بشأن النمو المذهل لقيمة المدينة العالمية للخدمات الإنسانية يتمثل في أن المسؤولين في إمارة دبي المجاورة لم يعودوا يفكرون في إمكانية إحياء المناقشات بشأن الاندماج المستقبلي لسوق الأوراق المالية في الإمارة مع سوق أبوظبي للأوراق المالية.

وأشار التقرير إلى أن توقيت تحول "العالمية القابضة" إلى العملاق الحالي يعود إلى الفترة التي تولى فيها الشيخ "طحنون بن زايد آل نهيان"، منصب رئاستها في عام 2020.

طحنون في الواجهة

فبالإضافة إلى كونه مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة، فهو شقيق رئيسها، الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان"، ويشرف على إمبراطورية تجارية آخذة في الاتساع، كما يرأس صندوق "ADQ"، وهو أداة استثمارية حكومية جديدة ونشطة بشكل متزايد، وبنك أبوظبي الأول، وهو أكبر بنك في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومجموعة 42، وهي شركة للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية مقرها أبوظبي.

كما يسيطر الشيخ "طحنون" على مجموعة "رويال"، وهي شركة قابضة تمتلك 62% من المدينة العالمية للخدمات الإنسانية.

لكن "شعيب" يرفض الشكوك حول النمو السريع في أسعار أسهم المدينة، قائلاً إنها تعود إلى "القليل من الجهل لدى المصرفيين الذين لا ينظرون إلى الأمر بشكل صحيح".

وأضاف: "نقوم بالاستحواذ (على شركات جديدة)، وبعد ذلك مباشرة نذهب للتنويع (..)  على سبيل المثال، إذا اشترت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية شركة اتصالات فسوف تدمجها في جانب الخدمات بالمدينة وتتوسع في الحلول التكنولوجية ومبيعات الأجهزة الإلكترونية.

ولفت "شعيب" إلى أن "العالمية القابضة" لديها صندوق بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمارات وتستهدف نمو إيرادات المجموعة من 7.7 مليارات دولار في عام 2021 إلى 27 مليار دولار في عام 2023، من خلال عمليات الاستحواذ بنسبة كبيرة.

وتابع: "خطتنا الخمسية هي بلوغ تريليون درهم (272 مليار دولار) من العائدات على الأقل، في عمليات الاستحواذ".

وشملت صفقات "العالمية القابضة" في عام 2022 استثمار ملياري دولار في 3 شركات مدرجة في مدينة مومباي بالهند، وهي جزء من إمبراطورية "Gautam Adani"، أغنى رجل في آسيا، و500 مليون دولار لشراء حصة بنسبة 50% في شركة تركية للطاقة النظيفة، وعرض ملياري دولار لشراء ما يصل إلى 31.25% من مجموعة الأغذية الكولومبية "Grupo Nutresa".

وعزا "شعيب" أرباح المدينة العالمية للخدمات الإنسانية، البالغة 6.5 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، بزيادة قدرها 236% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، إلى "الاستثمارات"، قائلا: "تركيز المدينة كان على التكنولوجيا والرعاية الصحية والعقارات والإنشاءات والأغذية والصناعات الزراعية والاستثمار العام.

جغرافياً، كان اهتمامها منصباً على آسيا وأمريكا اللاتينية؛ وهي تبحث عن صفقات في أسواق متنوعة مثل تركيا وإندونيسيا".

وأوضح: "هذه اقتصادات تتقدم؛ لديهم سكان، ولديهم أنظمة معقولة لدعم كل هذا النمو، ولأننا من أبوظبي ويبلغ عدد سكان الإمارات 10 ملايين فقط، فلا نستطيع الوصول إلى 100 مليون نسمة، ولكن يمكننا الوصول إلى هذا العدد من خلال الشركات (المستحوذ عليها)".

وأضاف أن "العالمية القابضة" تبحث في إبرام صفقات في الولايات المتحدة، حيث تمتلك بالفعل بعض الأصول، بما في ذلك حصة بشركة SpaceX المملوكة للملياردير "إيلون ماسك"، وتنظر إلى أوروبا على أنها "سوق غير مؤكد للغاية في الوقت الحالي".

وتابع: "نحصل على الكثير من الصفقات الجيدة جدًا (في أوروبا)، لكننا لا نعرف ما إذا كانت هذه الصفقات الجيدة ستظل جيدة".

وردا على سؤال حول سبب عدم وجود بيانات مستقلة وافية عن "العالمية القابضة" رغم حجمها وهيمنتها على سوق أبوظبي للأوراق المالية، قال "شعيب": "عندما أذهب إلى السوق لإجراء أي طرح عام أولي لشركاتي، أتلقى أسئلة كافية من قاعدة المستثمرين المحليين.. لديهم ما يكفي من البحث عن شؤوننا المالية (..) كتبنا مفتوحة للغاية".

وأشار إلى أن المدينة العالمية للخدمات الإنسانية أجرت مناقشات مع وكالة ائتمان حول التصنيف، لكن هذه العملية واجهت حجر عثرة عندما سألت الوكالة عما يمكن مقارنة المجموعة به.

وأضاف: "لا يزال الفريق يعمل (على التصنيف) وعلى الأرجح سيجد حلاً"، مشيرا إلى أن المدينة العالمية للخدمات الإنسانية لديها ديون بنحو 10 مليارات درهم، وستتطلع إلى زيادة اقتراضها مع توسعها.

غير أن "فايننشال تايمز" نقلت مصرفي آخر مقيم في الخليج، قوله: "لا أفهم ذلك لأنها (العالمية القابضة) شركة ذات قيمة سوقية تبلغ 200 مليار دولار، وتقدم إفصاحات أقل من الكيانات الأصغر من ذلك بكثير".

لكن المصرفي ذاته قال إن الشركة الإماراتية العملاقة باتت تمثل مصدرا مهما لتدفق الصفقات، مضيفا: "أنا متأكد من أن بعض البنوك تدرس ما يمكن أن تفعله للمشاركة باستثماراتها".

المصدر | فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات العالمية القابضة دبي أبوظبي طحنون بن زايد

هكذا يعمق طحنون بن زايد مصالحه الاقتصادية في إسرائيل