سلطت صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية الضوء على منطقتي النحوة الإماراتية ومدحاء العمانية اللتين تشكلان أعجوبة جيوسياسية فريدة من نوعها، تسبب فيها خيار عمره قرن لسكان مدحاء في حينها.

وذكرت الصحيفة أن هناك نكتة يتندر بها السكان المحليون أن أكثر محطات الوقود ازدحاما في الإمارات لا تقع على أراضي الإمارات.

وأشارت إلى أنه للوصول إلى تلك المنطقة عليك تتجه جنوبا من مدينة خورفكان الساحلية (تقع على شواطئ خليج عمان) التابعة لإمارة الشارقة الإماراتية، حيث يأخذك الانعطاف يمينا إلى منطقة حدودية لا توجد بها نقاط شرطة أو تفتيش جمركي، فقط مجرد لافتة صغيرة ترحب بك في سلطنة عُمان.

وذكرت الصحيفة أن هذا الأمر كفيل أن تعرف أنك في قريتي النحوة ومدحاء اللتين تعدان أعجوبة جيوساسية، وجيبا، وجيبا مضادا.

والجيب هو ولاية مدحاء التي تعد منطقة عمانية تقع بكاملها داخل حدود دولة الإمارات. أما الجيب المضاد في النحوة الإماراتية والتي وتقع بأكملها داخل منطقة مدحاء العمانية، التي تقع بدورها داخل الإمارات، وتتبع إدارياً إمارة الشارقة.

وأوضحت الصحيفة أن قصة النحوة ومدحاء بدأت قبل قرن من الزمان، عندما كانت هذه البقعة من شبه الجزيرة العربية تعرف باسم الإمارات المتصالحة أو "إمارات الساحل المتصالح"، التي كانت تدار بواسطة مجموعة من المشايخ.

وكان هناك 4 عشائر تتنافس للسيطرة على مسندم (تقع شمال الإمارات وهي الآن محافظة عمانية) وهي منطقة عبارة رأس صخري يطل على مضيق هرمز.

وفي أواخر الثلاثينات، وأوائل الأربعينات بدأت العشائر في إرسال مبعوثين للبريطانيين لإعلان ولائهم.

واختار قادة النحوة سلطة قبيلة القواسم وهي عشيرة قوية على الساحل الغربي، بينما اختار جيرانهم في مدحاء (الذين كانوا ميسوري الحال قبل اكتشاف النفط بفضل وجود الماء العذب لديهم) عمان، وكان المدحاويون يمتلكون الكثير من الماء الذي تتقاتل عليه العشائر الأخرى، وظنوا أن سلطان عُمان سيحمي بئرهم.

كان الارتكان إلى جانب عمان أمرا منطقيا في ذلك الوقت فقد كانت إمبراطورية بينما كان لدى القواسم سمعة بأنهم قراصنة.

وانضم القواسم إلى الإمارات، واليوم أصبح أحفادهم يحكمون اثنين من إمارات الدولة الخليجية السبع، ومدعومين بثاني أكبر احتياطات نفطية في العالم.

ويتمتع الإماراتيون الآن بثاني أعلى ناتج محلي إجمالي للفرد في الشرق الأوسط، بينما عمان أفقر بكثير.

وتباعدت حظوظ الجيبين، وانتقل القرويون في النحوة في التسعينات إلى بلدة جديدة بها عيادة ومدرسة وتوجد بها مزارع وبساتين ونخيل وحديقة معلقة.

بينما تشعر أن مدحاء لم تتغير منذ عقود. وهناك حديث غير مؤكد عن تحويل المنطقة إلى منطقة جذب سياحي، حيث يتميز الجيب بمسارات رائعة للمشي لمسافات طويلة.

وفي الأيام الممطرة تزدحم الطرق بالسيارات من أماكن أخرى من الإمارات حيث تذهب العائلات والأصدقاء للتنزه في الجداول التي تمتلئ بالماء.

وبعد قرن من الزمان تقريبا لا تزال المياه هي عامل الجذب الرئيسي للوادي على الرغم من أنه لا أحد يتقاتل عليها الآن.