في ذكرى ثورة الياسمين.. هل يستجيب الشارع التونسي لدعوات الاحتجاج ضد قيس سعيد؟

الجمعة 13 يناير 2023 09:56 م

تراهن عدد من الأطياف المعارضة في تونس، والتي جمعها الغضب من طريقة إدارة رئيس البلاد "قيس سعيد" لدواليب الدولة التي جمعها بالكامل تقريبا في يده منذ قراره بتجميد عمل مجلس النواب والإطاحة بالحكومة منتصف عام 2021، على النزول إلى الشارع يوم 14 يناير/كانون الثاني الجاري، لإحياء ذكرى ثورة 2011، والتي عرفت باسم "ثورة الياسمين"، ولكي تتحول مراسم ذلك الإحياء إلى بذرة محاولة ثورية جديدة ضده.

وتترقب عدة أطراف ما سيحدث، السبت 14 يناير، في ضوء تعدد الدعوات للتظاهر ضد "قيس سعيد"، ومن بينها الأجهزة الأمنية بالطبع التي تراقب تصاعد الإحباط الاجتماعي في الشارع، بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، وسط فشل من الرئيس في معالجة الاختلالات المتزايدة في هذا الملف، واستمراره بإلقاء المسؤولية على أطراف هنا وهناك.

ووفقا لمحللين، فإن أكثر ما بات يميز الغضب الشعبي الحالي في تونس أنه عاد إلى المربع الاجتماعي بسبب الفشل في معالجة الملف الاقتصادي الذي يرتبط مباشرة بمعيشة الناس، ولم يعد الأمر قاصرا أو مركزا على المربع السياسي الذي كان هو المهمين خلال الفترة التي تلت أزمة إطاحة "سعيد" بالحكومة والبرلمان المنتخب.

ولعل أبرز مظاهر ذلك هو المقاطعة الشعبية الواسعة للانتخابات النيابية الأخيرة التي دعا إليها "سعيد"، والتي لم يستجب إليها إلا حوالي 9% فقط من الناخبين، ما يعكس خيبة أمل التونسيين.

لذلك، يظل الترقب سيد الموقف، لاسيما مع تصاعد دعوات التظاهر ضد "قيس سعيد".

كيف تبدو خريطة الدعوات؟

بطبيعة الحال، تتزعم "جبهة الخلاص" المطالبة بالخروج إلى الشوارع والثورة ضد "قيس سعيد".

وتضم "جبهة الخلاص" العديد من الأحزاب في مقدمتها "حركة النهضة"، والتي تمثل المعارضة لـ"سعيد". وهناك أيضا "الحزب الدستوري الحر"، الذي لا يصطف إلى جانب "جبهة الخلاص" رغم معارضته لآلية تنفيذ مسار 25 يوليو/تموز 2021، رغم أنه كان يؤيد قرار "سعيد" آنذاك بتجميد البرلمان والإطاحة بالحكومة، لكنه فوجئ بمدى إقصائية الرئيس التونسي لكافة الأطراف وإصراره على التفرد بالحكم عبر مراسيم بنكهة "الفرد الواحد".

أيضا لا ينسى أحد "الاتحاد التونسي للشغل"، والذي لا يزال صاحب قوة شعبية ضخمة بين المواطنين والعمال والموظفين.

ورغم أن "اتحاد الشغل" لم يعلن صراحة نيته المشاركة في مظاهرات 14 يناير المرتقبة خلال ساعات، لكن مراقبين استدعوا تهديد الأمين العام له "نورالدين الطبوبي"، في 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بتنظيم احتجاجات حاشدة و"احتلال الشوارع قريبا"، على حد قوله، لإظهار الرفض لميزانية التقشف للعام المقبل.

خطة "جبهة الخلاص"

بدوره، قال القيادي في "جبهة الخلاص" والمتحدث باسم "حركة النهضة، "عماد الخميري"، إن الجبهة لديها خطة مبنية على تحركات سلمية لاستعادة الديمقراطية في البلاد ومؤسسات الدولة، في مواجهة الإجراءات الأحادية للرئيس "قيس سعيّد"، وذلك وفق ما نقلت عنه قناة "الجزيرة مباشر"، مساء الجمعة.

وأضاف أن الفترة المقبلة ستشهد اتفاقًا بين القوى السياسية المعارضة، لوضع خريطة طريق لإخراج البلاد من أزمتها. وأكد أنه في مظاهرات السبت "ستتواجد كل الأطياف السياسية وستندد بكل السياسات التي قادت تونس إلى حافة الانهيار سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا"، على حد قوله.

"قيس سعيد" يرد

من جانبه، انتقد رئيس البلاد "قيس سعيد" دعوات التظاهر ضده في 14 يناير، وقال إنه ماضٍ في حكمه، وإنه لا مكان لمن وصفهم بـ"الخونة والعملاء" في البلاد، وهو مصطلح دأب على إطلاقه ضد خصومه السياسيين.

وفي محاولة منه للتأكيد على عدم  اكتراثه بتلك الدعوات، أجرى "قيس سعيد" جولة ليلية، مساء الجمعة، في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، وفقاً لما ذكرته قناة "نسمة" التونسية.

وخلال الجولة، حرص "سعيد" على التصريح بأنه "لا يخاف إلا من الله والمسؤولية"، كما شدد على أنه "لا مكان للخونة والعملاء فى تونس".

وخلال تصريحاته أيضا هاجم "قيس يعيد"، الأطراف التي تستعد للتظاهر يوم 14 يناير، وذلك بقوله "عيد الثورة يوم 17 ديسمبر موش غدوة".

ويعد شارع الحبيب بورقيبة شاهداً على الثورة التونسية، منذ اليوم الأول لاندلاعها حتى سقوط نظام "بن علي".

ويعد الشارع رمزاً لكل التحولات السياسية والاجتماعية التي عرفتها البلاد على مدى عقود من الزمن، وهو الشارع الذي يفتح المدينة الإفرنجية في موازاة المدينة العتيقة.

محللون يتوقعون ما قد يحدث

ويقول "حاتم المليكي"، البرلماني التونسي السابق، إن العديد من الأطراف دعت للتظاهر، وأن مسار الاحتجاجات يمكن أن يطول إلى حين الوصول للأزمة الراهنة، بحسب ما نقلت عنه وكالة "سبوتنيك" الروسية.

ويشير المحلل السياسي التونسي "منذر ثابت" إلى أن قوام الحراك الأساسي يتكون من "جبهة الخلاص" والتي تضم "حركة النهضة" إلى جانب بعض التيارات اليسارية، قائلا إن لها تواجدا وازنا في الشارع.

ويلفت أيضا إلى أهمية مشاركة "الحزب الدستوري الحر" الذي زادت شعبيته في السنوات الأخيرة، حيث تشارك "عبير موسى" في الاحتجاجات على رأس حزبها.

لكنه يقول إن عدم إعلان "الاتحاد التونسي للشغل" المشاركة لا يعني أنه سيبتعد كليا عن المشهد.

وخلص "ثابت" إلى أن الشارع التونسي غدا سيكون عبارة عن ساحة تنافس حول من يمكنه الحشد بشكل أكبر، ليعبر عن مكانته الأقوى من الطرف الآخر، لكنه استبعد إمكانية تحول الأحداث إلى ثورة شعبية، خاصة أن الأغلبية لديهم موقف سلبي تجاه "الأحزاب المتصارعة من أجل الحكم"، وفق ما نقلت عنه الوكالة الروسية.

"المنصف المرزوقي" يدعو

وقد دعا الرئيس التونسي الأسبق "محمد المنصف المرزوقي" التونسيين للنزول إلى الشارع من أجل الإطاحة بالنظام الحاكم بقيادة "قيس سعيد".

من جانبه، اعتبر الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي "نبيل حجي" أنّ رئيس الجمهورية "قيس سعيّد"، "قد انتهى سياسيا بمنطق مشروعه القائم على سردية الشعب يريد".

وأكد أنّ "الشعب أصبح لا يريد قيس سعيّد في ظلّ فقدان المواد الأساسية وتهاوي جميع المنظومات وتزايد الضغط الجبائي وتواصل رفع الدعم والأزمة الخانقة التي تمر بها المالية العمومية وغياب بوادر الإنفراج"، بحسب ماذكره موقع "موزاييك" المحلي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قيس سعيد مظاهرات تونس ثورة الياسمين الثورة التونسية 14 يناير جبهة الخلاص حركة النهضة الاتحاد التونسي للشغل

في ذكرى ثورة الياسمين.. مظاهرات حاشدة في قلب تونس تطالب برحيل قيس سعيد