ماذا تريد تركيا من السويد لقبول انضمامها إلى الناتو؟ الإجابة: سوريا

السبت 28 يناير 2023 12:08 م

ماذا تريد تركيا من السويد؟ سؤال تناوله "ريتش أوتزن"، المستشار السابق في الجيش الأمريكي، وعضو في فريق تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية، في تحليل سلط الضوء على ردود الأفعال التركية على حادثة حرق نسخة المصحف أمام السفارة التركية في السويد، والموقف من عضوية الأخيرة في حلف شمال الأطلسي "ناتو".

فتركيا تواصل فرض شروط على انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، ما أثار غضب المسؤولين والمعلقين الغربيين بشكل واضح وتسبب في تجدد الخلاف حول دور تركيا داخل الحلف، حسبما أشار "أوتزن" في التحليل الذي نشره بموقع "المجلس الأطلسي" وترجمه "الخليج الجديد".

ولفت إلى أن المستشار الرئاسي التركي "إبراهيم قالن"، صرح في وقت سابق من الشهر الجاري بأنه من غير المرجح أن تنتهي هذه الجولة من توسيع الحلف قبل الانتخابات التركية في 14 مايو/أيار المقبل، بينما وجه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" رسالة إلى السويد، الإثنين، مفادها أنها عليها ألا تتوقع موافقة أنقرة على انضمامها للناتو.

 ونوه "أوتزن" إلى أن الموقف التركي جاء بعد عدة استفزازات مناهضة لأنقرة في السويد، بما في ذلك مظاهرات دعم لحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابيا لدى أنقرة وواشنطن، وحرق مصحف أمام السفارة التركية، وإجراء محتجين عملية إعدام وهمي لدمية "أردوغان"، لكنه نوه إلى أن "سوء ترجمة" تصريحات أردوغان يقف وراء بعض القلق الغربي بشأن موقفه من عضوية السويد بالناتو.

فكثير من الصحف الغربية أوردت أن "أردوغان" لم يستبعد "دعم" انضمام السويد للناتو، انطلاقا من ترجمة كلمة "Destek" بالتركية، في حين أن أفضل ترجمة للكلمة هي: "حسن نية"، وهي ترجمة أكثر دقة من "الدعم" حسبما يؤكد "أوتزن".

هذا يعني أن "أردوغان" تحدث عن حسن النية، الذي يمكن أن يتغير لاحقا، وهو ما تجاهلته أغلب التقارير الغربية، فضلا عن غياب حقيقة أخرى عن هذه التقارير، وهي أن "أردوغان" استخدم الكمة ذاتها (Destek) في استبعاده إجراء محادثات بشأن عضوية السويد بالناتو، لكنه وافق لاحقًا على بدء المحادثات بعد الحصول على تنازلات تفاوضية بشأن المخاوف الرئيسية لأنقرة، والخاصة بدعم حزب العمال الكردستاني.

ومع ذلك، يؤكد "أوتزن" أن الشكوك التركية بشأن السويد لا تنبع من رد الفعل إزاء الاستفزازات السابق ذكرها ولا تنبثق عن حسابات انتخابية محضة، بل تنبع من موقف السويد من دعم وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، التي تصنفها أنقرة كفرع لحزب العمال الكردستاني.

فالمحادثات السابقة بين الحكومات التركية والفنلندية والسويدية، والتي أسفرت عن توقيع مذكرة ثلاثية تحدد الطريق إلى انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، في يونيو/حزيران الماضي، تضمنت 10 نقاط تحدد آلية مشتركة دائمة لتتبع التقدم، وتؤكد الدعم التركي النهائي لانضمام السويد إلى الناتو، لكنها تطلب من استوكهولم خطوات ملموسة لدعم الجهود الأمنية التركية في مواجهة الجماعات الكردية التي تصنفها أنقرة إرهابية، ومنها تسليم متهمين بالإرهاب لتركيا ووقف الدعم المالي عن وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.

وتقول السويد إنها لا تستطيع القيام بكل ما تطلبه تركيا، خاصة تسليم 130 مشتبهاً بهم، تعتقد أنقرة أن لهم صلات بحزب العمال الكردستاني وبدعم محاولة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016.

وأقرت السويد مؤخرا إصلاحات قانونية تمكنها من إجراءات أكثر فاعلية ضد حزب العمال الكردستاني، ولكن ذلك لم يسفر عن الكثير حتى الآن في طريق تحقيق نتائج ملموسة، ومن المرجح أنها لن تؤدي إلا إلى عمليات تسليم محدودة للمطلوبين لدى أنقرة.

ويرى "أوتزن" أن الأتراك يدركون أنهم لن يحصلوا على جميع عمليات التسليم التي يريدونها، ولكن تظل هناك نقطة شائكة رئيسية واحدة تظل قائمة، وهي دعم وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.

فالفقرة الخامسة من المذكرة الثلاثية ألزمت السويد بمعاملة جميع "المنتسبين" للوحدات الكردية على أنهم أعضاء بحزب العمال الكردستاني.

وقدمت الحكومة السويدية السابقة ما يصل إلى 376 مليون دولار لدعم "الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا" التي تديرها وحدات حماية الشعب، التي تحصل أيضًا على دعم من الولايات المتحدة للقتال المشترك ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

بينما التزمت الحكومة السويدية المحافظة، التي تولت الحكم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعدم دعم الجماعات التي تعتبرها أنقرة إرهابية، لكنها لم تتخذ خطوات حاسمة في قطع الدعم عن الإدارة الكردية المستقلة في سوريا.

ويتوقع "أوتزن" أن تستمر تركيا في عدم الممانعة إزاء مبدأ توسيع الناتو، ليشمل أوكرانيا وجورجيا وفنلندا والسويد في نهاية المطاف، لكنها لن تفعل ذلك إلا بمزيد من الإجراءات الملموسة بشأن سوريا، وكذلك بشأن الأنشطة المناهضة لتركيا داخل السويد.

وبينما تم وقف الاجتماعات الثلاثية بين تركيا والسويد وفنلندا على خلفية الأجواء السائدة أخيرا بين السويد وتركيا، أشار "أردوغان"، بعد اجتماع مجلس الأمن القومي التركي الأخير إلى أن "التقدم لا يزال ممكناً"، في إشارة إلى انتظار الخطوات نحو تنفيذ السويدية والفنلندية للمذكرة الثلاثية.

الانتخابات التركية تلوح في أفق المأزق الحالي، ويقول أنصار حزب العمال الكردستاني إنهم يستخدمون الاحتجاجات ضد أنقرة لـ"تخريب" توسع الناتو، ومنع التقارب التركي السويدي، وإلحاق الضرر بـ"أردوغان" سياسيًا قبل الانتخابات.

ويكمل هذه الحرب السياسية معارضو "أردوغان" في الغرب، الذين يتجاهلون المخاوف الأمنية التركية ويضخمون الروايات القائلة بأن تركيا لا تنتمي إلى الناتو على أي حال.

ولذا يرى "أوتزن" أن ما بعد الانتخابات التركية، سواء فاز "أردوغان" أو المعارضة، هو ما سيحسم استئناف المشاورات بشأن انضمام السويد إلى الناتو.

وحتى ذلك الحين، ستكون قوانين مكافحة الإرهاب السويدية سارية لفترة أطول ضد من تصنفهم أنقرة إرهابيين، وستتاح لاستوكهولم فرصة لصقل سياستها في شمال شرق سوريا بطريقة تقطع دعمها المباشر للمنظمات التابعة لحزب العمال الكردستاني.

لكن "أوتزن" لا يرجح أن يكون التقدم في التفاوض بشأن انضمام السويد إلى الناتو سهلاً أو سريعًا، مضيفا: "نظرًا للمزايا المتبادلة التي ستتمتع بها السويد وحلف شمال الأطلسي وتركيا، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى الموافقة النهائية على توسيع الحلف".

ويرى عضو في فريق تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية أن الدول الطامحة في عضوية الناتو عليها أخذ مطالب أنقرة الأمنية على محمل الجد، فيما يتعين على تركيا قبول الالتزام الاستراتيجي بتقوية الناتو عبر توسيعه.

ويشير "أوتزن" إلى أن ترجيحه لقبول أنقرة لتوسيع الناتو يعود إلى أنها تستفيد من وجود الحلف في حالة "أكبر وأقوى"، نظرًا لعلاقاتها الثنائية المعقدة مع الدول الغربية وإحباطاتها من الانضمام المتعثر إلى الاتحاد الأوروبي.

المصدر | المجلس الأطلسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا السويد فنلندا الناتو سوريا وحدات حماية الشعب حزب العمال الكردستاني

أردوغان يلمح لضم فنلندا إلى الناتو: السويد ستُصدم

تركيا ترفض ربط صفقة "إف-16" بعضوية السويد وفنلندا في الناتو

إغلاق سفارات غربية بتركيا.. تهديد أمني حقيقي أم هناك مآرب أخرى؟

جيمس تاون: على السويد الاستجابة لمطالب تركيا بنزع نفوذ حزب العمال الكردستاني