ميدل إيست آي: شركات المقاولات التركية تملأ الفراغ الصيني في أفريقيا

الأحد 5 فبراير 2023 03:12 م

لا يمكن لأنقرة أن تضاهي النفوذ المالي لبكين، لكن الشركات التركية تقضي على نظيراتها الصينية في أفريقيا، بحسب تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني.

التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، ذكر أنه كان من المفترض بحلول الوقت الراهن أن ينتهي بناء خط السكك الحديدية البالغ طوله 273 كم بتكلفة 2.2 مليار دولار، ويمتد شرقا من كمبالا في أوغندا إلى مالابا عبر الحدود مع كينيا.

وفي 2015، فازت شركة "China Harbour Engineering Company" الصينية المملوكة للدولة بعقد لبناء هذ الخط المهم والخاص بالنقل، لكن بعد ثماني سنوات من عدم وجود أي تحرك في المشروع، أعادت الحكومة الأوغندية في يناير/ كانون الثاني الماضي توجيه المشروع إلى شركة تركية هي "يابي ميركيزي".

ولم تكن هذه هي الحالة الوحيدة التي تغلبت فيها شركات تركية على نظيرتها الصينية.

خطة عمل 

منذ عقود، تشق تركيا طريقها إلى الأسواق الأفريقية، وبدأ الأمر في 1998 بخطة "عمل أفريقيا" التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية على مستوى القارة.

لكن في ظل إدارة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بدأت أنقرة بالفعل في التركيز على أفريقيا عبر استثمارات اقتصادية ودبلوماسية واسعة النطاق.

وفي 2008 قدم الاتحاد الأفريقي تركيا على أنها  "شريك استراتيجي"، واستمتعت أنقرة بلعب "الورقة العثمانية" في القارة: أي أنها خلافا للقوى الغربية ليس لها تاريخ استعماري في أفريقيا ولم تنهب موارد القارة، وفق الموقع.

وارتفع عدد السفارات التركية من 12 فقط في 2002 إلى 43 سفارة في أفريقيا، وتطير شركة الخطوط الجوية التركية إلى 61 وجهة في أنحاء القارة، وفتحت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) 22 مكتبا، ومؤسسة معارف 175 مدرسة في 26 دولة أفريقية.

وحذت شركات المقاولات التركية حذوها، حيث تقوم حاليا بـ 17.8% من أعمال البناء الأجنبية في أفريقيا، بحسب أرقام 2021 من جمعية المقاولين التركية، التي أفادت بأن الحجم الإجمالي لمشاريع تلك الشركات تجاوز 77 مليار دولار.

كما زاد حجم تجارة تركيا مع الدول الأفريقية من 5.4 مليارات دولار في 2003 إلى 34.5 مليار دولار في 2021.

الهيمنة الصينية

لكن مكاسب تركيا في أفريقيا مهما كانت مثيرة للإعجاب تتضاءل أمام مكاسب الصين أكبر مستثمر في القارة وأكبر شريك تجاري لها، بحسب الموقع.

وفي 2003 ارتفع استثمار الصين المباشر في القارة من 490 مليون دولار إلى 43.4 مليار دولار 2020، وبلغ حجم التجارة بين الجانبين 254 مليار دولار في 2021، وتوفر بكين 16% من إجمالي واردات الصناعة التحويلية لأفريقيا.

ويعتقد الأستاذ بجامعة "تريست" الإيطالية ومؤلف كتاب "تركيا في أفريقيا"، "فيديريكو دونيلي"، أنه من "المبالغة" الحديث عن منافسة تركية صينية في القارة.

وقال للموقع إن "تركيا قوة وسطى صاعدة في النظام الدولي متعدد الأقطاب (...) لكن لا يزال من السابق لأوانه رؤية تركيا كمغير حقيقي للعبة في أفريقيا مع القدرة على التنافس مع الصين".

متفقا مع "دونيلي"، اعتبر الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني بإسطنبول "محمد أوزكان" أن تركيا ليست في وضع يمكنها من بدء التنافس مع الصين.

وأوضح: "أولا الموارد الاقتصادية للصين أكبر من موارد تركيا، ثانيا سياسة أنقرة بالمنطقة هي عدم الدخول في منافسة مع أي جهات فاعلة أخرى".

ويجادل "أوزكان" بأن "التاريخ النظيف" لتركيا في القارة يجعلها شريكا تجاريا شهيرا في ظل مخاوف أفريقية من أن العلاقة مع الصين، بقروضها واتفاقياتها طويلة الأجل للموارد الطبيعية، قد تتحول إلى استعمار جديد.

ورأى أن "الروابط الثقافية والدينية لتركيا، فضلا عن تأكيدها على التعاون المباشر والمتساوي، تمنح أنقرة موقفا أكثر موثوقية وتعد بوضع يربح فيه الجميع".

لكن الرئيس التنفيذي لشركة "Development Reimagined" ومقرها بكين، والباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "هانا رايدر"، لا "تأخذ هذه الحجة على محمل الجد"؛ لأن الصين "تقدم الحجة نفسها لتأكيد اختلافها عن المستثمرين الغربيين".

وتعتقد "رايدر" أن البلدان الأفريقية بحاجة إلى تقييم كل علاقة على أساس الجدارة من حيث ما تساهم به في خطط التنمية الأفريقية.

ملء الفراغ

ووفق "دونيلي" فإن الشركات التركية تفضل التعاون مع الموردين المحليين وتوظيف السكان المحليين، مع تشجيع تركيا على تبادل الخبرات وتقديم الدورات التدريبية.

كما أن سياسة الصين الصارمة بشأن جائحة "كورونا" وما أعقبها من اضطرابات في سلسلة التوريد وفرت فرصا للشركات التركية، بحسب "دونيلي".

وأردف: "على الرغم من كونها بلا شك أكبر لاعب في أفريقيا، إلا أن الوباء أجبر الصين على إعادة النظر في خططها الاستثمارية في القارة"؛ وهو ما أوجد فراغات، خاصة في قطاع البنية التحتية، تحاول تركيا ملأها، وفق الموقع.

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا الصين أفريقيا شركات المقاولات استثمار أردوغان

قبل القمة المشتركة.. أوراسيا ريفيو: على أفريقيا إعادة النظر في العلاقة مع روسيا