مع إعلان هيئة كهرباء ومياه دبي "ديوا"، الأربعاء، عن استخدامها تقنية المحادثة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي" لتحسين عروضها، كأول كيان حكومي إماراتي، وأول شركة مرافق على مستوى العالم تفعل ذلك، تصدرت التساؤل حول مدى جدوى استخدام هكذا تقنية في مؤسسات الخدمات حول العالم.
و"تشات جي بي تي" عبارة عن روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي تم إنشاؤه بواسطة مختبر الأبحاث OpenAI، ويتمتع بقدرات محادثة متقدمة تسمح بالتبادلات الشبيهة بالبشر، ويمكنه تفسير الفروق الدقيقة وكتابة الخطب والشعر والإجابة على الأسئلة وإعطاء النصائح.
ويتمثل أحد أهم حالات استخدام هذه التقنية بالشركات في السماح لها بتطوير "خدمة عملاء" فعالة دون الحاجة إلى توظيف شخص للرد على الهواتف أو إجراء محادثات.
ومع ذلك، فإن هذه الميزة بالنسبة لهيئة كهرباء ومياه دبي، ليست سوى غيض من فيض، وفقًا لـ"محمد الكف الهاشمي"، كبير مسؤولي الأعمال في جمعية حق للخدمات المالية الرقمية، ومقرها الإمارات العربية المتحدة، حسبما أورده تقرير لموقع "المونيتور"، ترجمه "الخليج الجديد".
ويعتقد "الهامشي" أن استخدام هذه التقنية بالشركة سيكون بمثابة نافذة للتعرف على سلوك المستهلك المطلوب، مضيفا: "من المهم جدًا لشركات مثل هيئة كهرباء ومياه دبي أن تحصل على بيانات في الوقت الفعلي لاستهلاك مستخدميها لبناء تحليل تنبؤي"، مشيرًا إلى حاجة الشركات للتنبؤ بدقة بكيفية تصرف المستهلكين في المستقبل.
وأضاف أنه في حالة هيئة كهرباء ومياه دبي، فإن البيانات التي يدخلها المستخدم حول كيفية استهلاك الأسر للمياه والكهرباء ستقدم رؤية قيمة للشركة.
لكن "كريت ميمل"، المستشار الاستراتيجي في شركة الذكاء الاصطناعي Everyday AI، قال إن استخدام أداة الذكاء الاصطناعي لأي شيء حاليا "يعتبر وظيفة حرجة وسيكون أمرًا غير محتمل وسابقا لأوانه"، مضيفا: "أنصحهم بالمضي قدمًا بحذر"، لأن الكثير لا يزال مجهولًا حول كيفية أداء هذه التقنيات.
وأضاف أن نماذج مثل "تشات جي بي تي" جيدة جدًا في إنتاج النصوص، ولكن على الرغم من أنها صحيحة في كثير من الأحيان، لا يمكن ضمان صدقها.
كما أشار إلى أن استخدام هكذا تقنية في مجال الصحافة مثلا سيؤدي إلى "تحيز" في الصيغ التحريرية، ليس بسبب أي خطأ في البرنامج، ولكن اعتمادًا على البيانات المبرمجة فيه من قبل مستخدميه.
وتقر شركة OpenAI، التي أنشأت "تشات جي بي تي"، بصحة تحذير "ميمل"، وأوضحت في قائمة المشكلات الخاصة بها أن "تشات جي بي تي يكتب أحيانًا إجابات تبدو معقولة ولكنها غير صحيحة"، مضيفة أن "إصلاح هذه المشكلة يمثل تحديًا. ولا يزال يتطلب إشرافًا بشريًا ثابتًا".
ولعلاج هذه المشكلة، يقترح "ميمل" أن تتأكد الشركات من أن برنامج الدردشة الآلي الخاص بها لا يوفر سوى ردود على مجموعة محددة جدًا من الموضوعات، على أن يتجنب الإجابة عن الأسئلة التي لا تريد الشركة الإجابة عنها.
لكن تظل التكلفة عاملا رئيسيا آخر يحير مجتمع التكنولوجيا والشركات التي تتطلع إلى استخدام الذكاء الاصطناعي، فعند إصدار "تشات جي بي تي"، وصف الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI "سام ألتمان" السعر المتوقع للخدمة عبر الإنترنت بقوله: "تكاليف الحوسبة مذهلة".
كما يتوقع "توم جولدشتاين"، الأستاذ المساعد لأمن وخصوصية الذكاء الاصطناعي بجامعة ماريلاند، الحاجة إلى استثمارات هائلة لتطوير الذكاء الاصطناعي مستقبلا، وهو ما عبر عنه على "تويتر" مغردا: "أقدر تكلفة تشغيل تشات جي بي تي بـ 100 ألف دولار في اليوم، أو 3 ملايين دولار شهريًا".
وبينما لا تزال الشركات بحاجة إلى تقييم المبلغ الذي ترغب في إنفاقه على التكنولوجيا الناشئة، لحسن الحظ يمكن لأي شخص لديه جهاز كمبيوتر شخصي استخدام "تشات جي بي تي" مجانًا من خلال الإصدار التجريبي الذي قدمته OpenAI عبر الإنترنت.
ويهدف هذا الإصدار إلى تحسين استخدام أداة الذكاء الاصطناعي عبر الاستفادة من تعليقات المستخدمين حول العالم، وبالتالي فإن الأداة لن تظل مجانية على الأرجح.
وكانت هيئة كهرباء ومياه دبي قد أعلنت أنها ستستخدم "تشات جي بي تي" بدعم من شركة مايكروسوفت العالمية، التي أعلنت هذا الأسبوع أنها ستطلق برامج لإنشاء روبوتات محادثة خاصة بها.
