استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مفارقات-الظروف-المالية

الأحد 12 فبراير 2023 12:47 م

مفارقة الظروف المالية

متغيرات يتوجب التوقف عندها والتفكير فيها بعناية، لأنها تتحدث مباشرة عن الرفاهية المستقبلية للاقتصاد العالمي.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي اتخذ مؤخرا منعطفاً صعباً نحو توقع هبوط ناعم، أي أن التضخم يتجه إلى الهدف مع ضرر قليل للنمو الاقتصادي.

الاقتصاد العالمي يتخبط في أوجه عدم يقين ترتبط بتغير العولمة وتحول الطاقة وإعادة ربط سلاسل التوريد وظروف سوق العمل الاستثنائية في أمريكا وبريطانيا.

اختلافات أكبر في تنفيذ السياسة بين البنوك المركزية الرئيسية وتباين واضح بين أحدث إشارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وظروف مالية عبرها تحقق السياسة النقدية نتائجها.

*   *   *

حمل الأسبوع الماضي معه دروساً «غير معتادة وأقل شيوعاً» لتطورات البنك المركزي، متغيرات يتوجب التوقف عندها والتفكير فيها بعناية، لأنها تتحدث مباشرة عن الرفاهية المستقبلية للاقتصاد العالمي.

أود الإشارة هنا إلى تباينين واضحين: الأول، اختلافات أكبر في تنفيذ السياسة بين البنوك المركزية الرئيسية. والثاني والأهم، هو التباين الملحوظ بين أحدث الإشارات الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والظروف المالية التي من خلالها تحقق السياسة النقدية نتائجها.

في المؤتمر الصحفي الأخير الذي أعقب الإعلان عن رفع سعر الفائدة «المتوقع على نطاق واسع» بمقدار 25 نقطة أساس، أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى تراجع التضخم 11 مرة.

في المقابل، لم تظهر هذه الكلمة على الإطلاق في المؤتمرات الصحفية التي عُقدت هذا الأسبوع من قبل كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، وأندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا.

هبطت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت مباشرة بعد قرار الفائدة، لكن سرد «تراجع التضخم» في خطاب الفيدرالي ساعد على تفسير سبب استعادة الأسواق قوتها في الوقت الذي كان فيه باول يجيب عن أسئلة الصحفيين.

لكن الاختلاف بين الاحتياطي الفيدرالي من ناحية والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا من ناحية أخرى لا يقتصر على الكلمات والسرد فقط، إذ بتنا نشهد تبايناً في تطورات السياسات والتوقعات.

بدا أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد اتخذ الأسبوع الماضي منعطفاً صعباً نحو توقع هبوط ناعم، أي أن التضخم يتجه إلى الهدف مع القليل من الضرر للنمو الاقتصادي.

ويبدو أن البنكين المركزيين الآخرين أكثر قلقاً بشأن استمرار التضخم، وبالتالي، هبوطاً صعباً يحاكي الركود أو ما هو أسوأ من ذلك، «الركود التضخمي». ولا داعي للتذكير هنا بالانعكاسات السلبية لذلك على الاقتصاد العالمي، بالنظر إلى التأثير المنظم لهذه البنوك المركزية.

قارن هذا الوضع بنظام السياسة النقدية السابق، عندما كانت لدينا درجة عالية من الارتباط، إن لم يكن تعاوناً أولياً بين البنوك المركزية، لتجد أنه بعد تطبيع الأسواق المالية المعطلة، ضاعفت البنوك المركزية من السياسة النقدية غير التقليدية للحاق بنتائج الاقتصاد الكلي الأوسع، وخاصة النمو والتوظيف.

أما بخصوص التباين الآخر، وربما الأكثر أهمية، وهو بين كيفية تصوير بنك الاحتياطي الفيدرالي للظروف المالية، وما تخبرنا به المؤشرات الأكثر متابعة على نطاق واسع، فالظروف المالية مهمة لفعالية السياسة النقدية. ولتوضيح ذلك، فكر مرة أخرى في كيفية قمع النظام السابق، ذي الفائدة المنخفضة والسيولة الكبيرة أو التيسير الكمي، التقلبات الاقتصادية والمالية.

لكن هذه المرة، ووفقاً لمؤشرات طويلة الأمد، فكّت تطورات الظروف المالية ارتباطها عن السياسة النقدية الفضفاضة، قبل أن يشرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في دورة رفع سعر الفائدة 4.5 نقطة مئوية؛ ليبدأ التشديد منذ اجتماع الفيدرالي في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وكل هذا يتوافق مع تقرير الوظائف الأمريكي المذهل قبل أيام.

لا يزال هذا التفاوت حديث الكثيرين من محللي السوق، ومع ذلك، فإنه يختلف عما يراه الاحتياطي الفيدرالي، انطلاقاً من تصريحات باول في مؤتمره الصحفي الذي عقده يوم الأربعاء الماضي، والذي أشار فيه مراراً وتكراراً إلى تشديد الأوضاع المالية قليلاً خلال الاثني عشر شهراً الماضية. لكن كلما طالت فترة بقاء «مفارقة الظروف المالية» دون حل، زاد نطاق حدوث خطأ سياسي آخر.

قد يكون مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وكما اقترح نائب رئيسه لايل برينارد قبل بضعة أسابيع، يسترشد بنظرة مخففة للأوضاع المالية. وبالتالي نحن أمام نهج مماثل لنهجه السابق في التعامل مع التضخم، حيث يولي الآن الكثير من الاهتمام للأسعار الأساسية في الخدمات باستثناء الإسكان.

وتتمثل إحدى طرق اكتشاف ذلك في معرفة كيفية استجابة بنك الاحتياطي الفيدرالي داخلياً لحركة أسعار السوق الصاخبة يوم الأربعاء، وتقرير الوظائف القوي الجمعة.

لكن لسوء الحظ، فإن مثل هذه المعلومات بعيدة المنال إلى حد كبير ما لم يخرج بعض مسؤولي الفيدرالي الرئيسيين في الأيام القليلة المقبلة، أو باول نفسه لـ«تصحيح» فهم الأسواق لما سمعوه وشاهدوه.

لسنوات عديدة، تم الاحتفاء بالبنوك المركزية الكبرى، لكونها تقمع التقلبات الاقتصادية والمالية، لكننا الآن في عالم مختلف. ويجب على هذه البنوك توخي الحذر كي لا يكونوا مصدراً لا داعي له لتقلبات جديدة.

وهذا الأمر أكثر أهمية في الاقتصاد العالمي الذي يتخبط في أوجه عدم اليقين المرتبطة بتغيير العولمة، وتحول الطاقة، وإعادة ربط سلاسل التوريد، فضلاً عن ظروف سوق العمل الاستثنائية مثلما هي الحال في الولايات المتحدة وبريطانيا.

*د. محمد العريان خبير اقتصادي، رئيس «كلية كوينز» في «كامبريدج» ومستشار «أليانز» و«غراميرسي».

المصدر | فاينانشيال تايمز

  كلمات مفتاحية

أمريكا تضخم سيولة سعر الفائدة السياسة النقدية الاحتياطي الفيدرالي الفائدة المنخفضة التيسير الكمي التقلبات الاقتصادية نمو الاقتصاد