الأمراض غير السارية تقتل أكثر من الزلازل فلا تقلق

لن يصيبك إلا ما كتب الله لك. اتكل على الله وعش حياتك، وفر من قدر الله إلى قدر الله.

كورونا لوحدها أخذت من بيننا نحو 14 ألف مواطن، كانت زلزالا دمر بيوتنا ومصالح وأرزاق الكثيرين!

"الرصاصة التي ستقتلك لن تسمع صوتها"، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره، وكفى بك داءً أن ترى الموت شافيا.

حالة من الخوف يعيشها كثيرون حاليا على وقع زلازل سوريا وتركيا وتأثيرها علينا. وكأن المرء لا يموت إلا بالزلازل، فقد تعددت أسباب الموت، والموت واحد!

حجم التشويش على عقولنا، حين تقع كارثة، يثير اضطرابنا، فمشهد إنقاذ طفل رضيع من تحت الركام يثير مشاعرنا فرحا، ويسيطر على أذهاننا وأكثر من 35 ألف ماتوا ومن 21 مليون شخص تضرروا، لم نر صورهم.

*   *   *

حالة من الخوف يعيشها الكثيرون حاليا على وقع الزلازل في سوريا وتركيا وتأثيرها علينا.

وكأن المرء لا يموت إلا بالزلازل، فقد تعددت أسباب الموت، والموت واحد، علما بأن 78% من الوفيات في المملكة سببها الأمراض غير السارية (أمراض القلب، والأوعية الدموية، وأمراض السرطان، ومرض السكري، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة، والأمراض النفسية).

كورونا لوحدها أخذت من بيننا نحو 14 ألف مواطن، كانت زلزالا دمر بيوتنا ومصالح وأرزاق الكثيرين.

اطمئن، نصف مليون زلزال يضرب الأرض سنويا، نحو 100 ألف من هذه الزلازل يمكنك أن تشعر بها، 100 فقط يمكن أن تكون ذات أثر مدمر.

الكوارث تحدث منذ قرون مضت ولن تتوقف، فأرضنا غاضبة منا، من حجم الخراب والظلم ودماء الأبرياء وعذاب الملايين من الفقراء والمشردين والمضطهدين، كل هذا يثير حزنها ونقمتها.

حجم التشويش على عقولنا، حين تقع كارثة، يثير اضطرابنا، مثلا مشهد إنقاذ طفل رضيع من تحت الركام يثير مشاعرنا فرحا، ويسيطر على ذهننا أكثر من 33 ألف ماتوا ومن 21 مليون شخص تضرروا، لم نر صورهم.

الرؤية البصرية خادعة دائما، مثل الكاميرا تكون مركزة على وجه نجمة العمل الفني، حتى تشعر بأنه لا يوجد في المكان سوى هذه الممثلة، لكن لو سمح لك بالتواجد سترى أنه يوجد في الغرفة أكثر من عشرين شخصا بين مخرج ومساعد وكاميرا وفني صوت وإنتاج وإضاءة وغيرها.

في علاقاتنا الإنسانية نرى فقط من يسيطر على قلوبنا ويسعد أرواحنا، لكننا لو نظرنا حولنا سنرى الكون الشاسع بأكمله.

الزلزال جزء من تجربتنا في الحياة نرى منه فقط ما يريح عقولنا من عناء التفكير بمعاناة من تضرروا، لذلك حين نرى طفلة تبكي بعد إنقاذها ترتاح عقولنا وقلوبنا من ضغط الضمير، فنفرح، وننسى باقي المشهد، بأن الموت في كل مكان لكننا لا نراه.

لذلك كله، لن يصيبك إلا ما كتب الله لك. اتكل على الله وعش حياتك، وفر من الله إلى الله.

أو كما يقولون "الرصاصة التي ستقتلك لن تسمع صوتها"، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره، وكفى بك داءً أن ترى الموت شافيا.

خلقت لتعيش لا لتفكر بالموت فهو ليس في عجلة من أمره.

*علي سعادة كاتب صحفي من الأردن