استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الأردن: هل المواطن مؤهل للتحول الديمقراطي

الجمعة 17 فبراير 2023 03:15 م

 

الأردن: هل المواطن مؤهل للتحول الديمقراطي

 

مقولة خشبية مجددا على لسان أوروبي: «أولويتنا الأمن والاستقرار في الأردن قبل الديمقراطية والإصلاح السياسي».

رددت على مسامعنا أحابيل وسرديات مضللة وأسطوانات مشروخة ترعب المواطنين من بعضهم جراء الإصلاح الحقيقي كما تضلل وترعب صناع القرار.

قيل لنا عشرات المرات بأن التدخل في الانتخابات وتزييفها بين الحين والآخر وصفة لمجتمع جاهل منغلق على نفسه، تقيم توازنات تحافظ على الاستقرار الأهلي.

سلسلة من أفكار محورها الأساسي تلك الرسالة التي تقول بأن الشعب الأردني بكل مكوناته رجعي وجاهل ولا يؤمن بالديمقراطية والإصلاح أصلا ولا يستحقهما.

سمعنا مرارا الكذبة التي تقول بأن الديمقراطية والإصلاح الحقيقي يضربان الهوية الوطنية الأردنية والانتخابات النزيهة ستوقع المملكة برمتها في حضن الإخوان المسلمين.

بات واضحا أن السفراء الغربيين والأوروبيين حصرا ومعهم مجموعة السفارة الأمريكية ينظمون اجتماعات تثقيفية ويبرمجونها لتمرير وتبرير عكس كل ما هو ديمقراطي وإصلاحي جوهري.

*   *   *

مقولة خشبية مجددا لكن هذه المرة على لسان أوروبي، قالها رفيقنا الألماني وبدون أن ترمش عيناه، وبكل بساطة وصراحة، وهو يحاول شرح الفهم الألماني لشراكة الأردن مع بلاده «أولويتنا الأمن والاستقرار في الأردن قبل الديمقراطية والإصلاح السياسي».

كان يمكن لهذه العبارة أن تمر بسلام، أصارحكم القول: أذن المواطن الأردني اعتادت على سماعها لكن ليس من شخص أوروبي يقيم في عمان تحت عنوان لافتة دعم النشاط المدني والتحول الديمقراطي.

أغلب التقدير أن صاحبنا سمعها من شرائح موظفين محليين بالتأكيد والسفراء الأوروبيين قالوها ورددوها أيضا في بعض الاجتماعات.

طبيعي أن نسمع مثل هذه العبارة من ضابط أمن أو موظف بيروقراطي يدافع عن البلد وحتى من شخصية سياسية مغرقة في الانتماء والولاء لفكرة التيار المحافظ.

طبيعي سماع العبارة نفسها من قبل موظفين في وزارة الداخلية مثلا أو من وزراء صدفة ورؤساء حكومات خدمتهم المرحلة يوما، فانقلبوا على أنفسهم وعلى الشعب فجأة للاحتفاظ بمقاعدهم ووظائفهم.

طبعا سمعت العبارة نفسها عشرات المرات من مسؤولين وسياسيين يحاولون لفت نظري إلى ما أتجاهله، أو إفهامي الحقيقة كما هي على حد زعمهم طبعا، بواسطة جرعات من الإحباط التي تحارب الفضيلة من أجل عكسها عمليا، وسلسلة من أفكار محورها الأساسي تلك الرسالة التي تقول بأن الشعب الأردني بكل مكوناته رجعي وجاهل ولا يؤمن بالديمقراطية والإصلاح أصلا ولا يستحقهما.

سمعتها من كل مروجي سيناريو الدولة الرعوية ومن كل القطط السمان التي خدمتها صدفة المحاصصة، وتم تركيبها على أكتاف شعبنا الوفي الصابر وهي تتلاعب بأرجلها.

سمعناها مرارا وتكرارا مع كل الإضافات والنكهات التفصيلية، ابتداء من تلك الكذبة التي تقول بأن الديمقراطية والإصلاح الحقيقي يضربان الهوية الوطنية الأردنية مرورا بالاسطوانة المشروخة التي تقول بأن الانتخابات النزيهة حقا ستوقع المملكة برمتها في حضن الإخوان المسلمين.

قال لنا مرارا وتكرارا أصحاب تلك الإضافات الإبداعية بأن الفساد له وظيفة أساسية في الاستقرار والأمن وبأن الأردن الاجتماعي برمته خلطة مثل دجاج «بروستد» إذا ما اختلطت معاييرها ولو قليلا ستصبح الوجبة سامة.

قيل لنا عشرات المرات بأن التدخل في الانتخابات وتزييفها بين الحين والآخر وصفة لمجتمع جاهل منغلق على نفسه، تقيم توازنات تحافظ على الاستقرار الأهلي.

رددت على مسامعنا كل تلك الأحابيل والسرديات المضللة والأسطوانات المشروخة التي ترعب المواطنين من بعضهم، جراء الإصلاح الحقيقي والتي تضلل وترعب صناع القرار أيضا تحت عنوان المشروخة التي تقول بأن كلفة الإصلاح الحقيقي أكثر بكثير من كلفة بقاء الأمور كما هي.

قيل لنا الكثير في التنظير البيروقراطي والمحافظ لكل اتجاهات ومراكز قوى الشد العكسي.

وقيل أكثر في فلسفة عدم استحقاق المواطن لدولة القانون والمؤسسات وعدم جدارة المكونات الاجتماعية والمناطق بالتمثيل الحر وبضرورة السيطرة على الصناديق في الانتخابات وفلترة المخرجات وبدلا من بروز نتائج متوقعة ومرسومة دخل الجميع في الحائط عدة مرات.

وتشكلت مراكز قوى ابتزت الدولة والنظام تحت بند خدمات بائسة تقدمها باسم الولاء المسموم حتى استمر المشهد إلى أن أصبح من أنتجتهم ديمقراطية «البروستد» أقوى من الجهات التي برمجت الأمور في القرار الرسمي.

بكل حال سموم الأقاويل تلك نعرفها كمواطنين وكمتابعين أيضا، لكن ما لم نكن نتخيله أن يؤمن العقل الأوروبي بتلك الأسطوانات المشروخة الكاذبة، ويرددها على مسامعنا نحن أبناء التجربة والبلد، لا بل يتبناها بوقاحة وبرود في اجتماعات تثقيفية بات واضحا الآن أن السفراء الغربيين والأوروبيين حصرا ومعهم مجموعة السفارة الأمريكية ينظمونها ويبرمجونها لتمرير وتبرير عكس كل ما هو ديمقراطي وإصلاحي جوهري في المشهد السياسي الوطني.

السؤال هو لماذا يروج هؤلاء في عاصمتنا هذه المعلبات والأكاذيب؟

أزعم شخصيا أن مثل هذا الخطاب الغربي شوفيني ومريض ومختل وعنصري بامتياز لأن ما يقبله أمريكي أو نرويجي لمواطنه من جرعات تحول إصلاح وديمقراطية لا يريد أن يقبله للمواطن الأردني، وإذا لم تكن تلك عنصرية تكرس قناعتهم بأن المواطن العربي أو المسلم أو الأردني ليس مؤهلا للتحول الديمقراطي فما هي العنصرية؟

لدي شخصيا تفسير طبعا فهؤلاء الذين ينظرون على شعبنا باسم التنمية والتحديث ينكرون أحقية المواطن بانتخابات نزيهة ومواقف سفاراتهم بالتأكيد هي التي تستنسخ منها في الأقبية والزوايا المظلمة كل معلبات الإصلاح المتدرج وهندسة الإصلاحات بكل تعبيراتها.

لدي شعور أن الأوروبي أو الغربي أو الأمريكي عندما يردد هذه الفرية ويدعي أن ما يقال له من المسؤولين عن مخاطر الإصلاح على الأمن والاستقرار في الأردن لديه أجندة خفية هدفها تكريس القناعة بأن الأردن برمته ينبغي أن يبقى على الحافة ويستقر عليها اقتصاديا وحقوقيا وديمقراطيا.

ابحثوا معنا عن المستفيد… شخصيا أشم رائحة إسرائيل.

*بسام البدارين كاتب صحفي وإعلامي أردني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الأردن الأمن الاستقرار الديمقراطية الإصلاح السياسي التحول الديمقراطي الإخوان المسلمون الخطاب الغربي السفارة الأمريكية صناع القرار