أوبزرفر: إيران تريد التمترس بالصين ضد الغرب وبكين لا توافق.. وتوقعات العلاقات المستقبلية

السبت 18 فبراير 2023 11:40 ص

اعتبر تحليل نشره موقع "أوبزرفر" أن الشراكة بين الصين وإيران رغم أنها تكتسب قيمة استراتيجية من الناحية النظرية، لكنها لا تزال تواجه تحديات من الناحية العملية، لعدة أسباب أبرزها إصرار طهران على ربط تقاربها مع بكين بالخصومة مع الغرب، وهو ما لا تفضله الأخيرة، علاوة على مضي إيران في سياساتها الإقليمية والدولية المثيرة للتوترات، وآخرها دعم روسيا في غزو أوكرانيا.

وقال التحليل، الذي كتبه الأكاديمي "والي جول محمدي"، وترجمه "الخليج الجديد"، إن زيارة الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" الأخيرة إلى الصين كانت أجندتها الرئيسية هي وضع اللمسات الأخيرة على آليات تنفيذ الاتفاقية الاستراتيجية التي مدتها 25 عامًا، وهي الصفقة التي تم توقيعها في عام 2021 لكنها فشلت في تلبية التوقعات الاقتصادية لإيران.

تدهور الاتفاق النووي

وأشار التحليل إلى أن الاتفاق الاستراتيجي الذي مدته 25 عاما بين الصين وإيران يعوقه بشكل أساسي التدهور الذي شهدته مساعي إحياء خطة العمل المشتركة (الاتفاق النووي) بين إيران والقوى الدولية.

ولا تدعم الصين إحياء خطة العمل المشتركة كخيار استراتيجي لدعم إيران ضد الغرب بقدر ما هو ناجم عن قلق بكين من طموحات نووية مشابهة للملف الإيراني على حدودها من قبل اليابان وكوريا الجنوبية، وفق التحليل.

ويضيف الكاتب أن سياسة الصين تجاه الاتفاق النووي الإيراني تأثر بشكل أساسي بالفوائد الاقتصادية التي يمكن أن يحققها تنشيط خطة العمل الشاملة المشتركة في تنفيذ عقود التجارة والطاقة الكبيرة بين بكين وطهران.

لذلك، إذا لم يتم إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، فقد تتعرض مصالح الصين الاقتصادية والطاقة للخطر بسبب التوتر المتزايد بين إيران وخصومها العرب في الخليج الفارسي.

وتوفر الصين حوالي 30% من احتياجاتها من الطاقة من منطقة الخليج الفارسي.

وبشكل عام، يبدو أن صيغة "لا حرب ولا سلام" في المستنقع الإيراني الأمريكي كانت السيناريو المفضل لدى الصينيين ، طالما أن إيران لم تصبح دولة ذات عتبة نووية، يقول الكاتب.

فوائد للصين

وعلى مدى السنوات الماضية، وفرت إيران - الخاضعة للعقوبات ذات الأنشطة النووية المحدودة - فوائد اقتصادية كبيرة للصين.

ووفقًا لبعض التفاصيل المسربة التي لم يتم التحقق منها بشأن اتفاقية التعاون الاستراتيجي التي تبلغ مدتها 25 عامًا بين إيران والصين، تشتري بكين النفط والغاز الإيراني بخصم 30% ولديها مهلة عامان للسداد.

نقطة أخرى هي أن الصين يمكنها سداد ديونها النفطية باليوان الصيني.

أما الامتياز الاقتصادي الثالث الممنوح للصين فهو أن ثلثي مبلغ شراء النفط والغاز سيكون نقدًا وأن الثلث سيكون في شكل سلع وخدمات، أو بعبارة أخرى، تبادل النفط مقابل البضائع.

وإذا تم إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، فمن المحتمل أن تُحرم الصين من هذه المزايا، بحسب التحليل.

الانعطاف إلى الشرق

ويقول الكاتب إن سياسة إيران التي تعززت منذ قدوم "إبراهيم رئيسي" للحكم بالانعطاف إلى الشرق، وتمتين التحالف مع كتل شرقية، مثل الصين وروسيا ودول آسيوية أخرى، كانت فلسفتها تقوم في الأساس على معاداة الغرب أكثر من إقامة تحالفات صادقة مع الشرق.

لكن الصين لا تؤمن بهذه الفلسفة ولا تفضلها، وقد أرسلت هذه الرسالة بشكل غير مباشر لإيران خلال زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينج" الأخيرة إلى السعودية واجتماعه هناك بقادة دول الخليج، وهي الزيارة التي أقلقت طهران كثيرا.

وبشكل عام، لا تبحث الصين عن حلفاء استراتيجيين حصريين في الشرق الأوسط للإفادة منهم في تحديها ضد الولايات المتحدة، ولطالما كانت الصين مترددة في تحدي تفوق الولايات المتحدة في المنطقة، لكنها عازمة على الوقوف ضد أي عوامل مزعزعة للاستقرار لضمان تدفق الطاقة.

وبناءً على ذلك، قدمت الصين بالفعل خطة شاملة لبدء ترتيب أمني في الشرق الأوسط وشاركتها مع شركائها الإيرانيين والعرب.

وعلى ما يبدو، لم تجد الحكومة الصينية الأرضية الصحيحة لتبني هذه الخطة ولم تظهر أي جهد واضح وعام لتطبيقها، على الأقل في المجال الرسمي.

ويبدو أن زيارة "رئيسي" لبكين ستعطي هذه الفرصة للصينيين للتفاوض مع الرئيس الإيراني حول ضرورات مبادراتهم الأمنية.

وبالنسبة للصينيين، فإن ازدياد التوتر بين إيران وخصومها الإقليميين بشكل غير مسبوق يهدد بعواقب وخيمة على مصالح بكين في المنطقة، ولذلك فإن خفض التصعيد في المنطقة بات من أولويات الصين المتقدمة، كما يرى التحليل.

ومن هذا المنطلق، من الطبيعي أن ينتهز الصينيون الفرصة لإقناع الرئيس الإيراني بأخذ خطة بكين الأمنية على محمل الجد.

ويرى الكاتب أنه إذا استطاع الصينيون إقناع إيران بترتيباتهم الأمنية، فسيتم أيضًا توفير الأرضية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين طهران وبكين.

وبدون ذلك، فمن غير المرجح أن تؤدي زيارة "رئيسي" لبكين إلى إنجاز اقتصادي كبير.

ويخلص التحليل إلى أن الشراكة الإيرانية الصينية اكتسبت قيمة استراتيجية من الناحية النظرية، لكنها في الواقع لا تزال عالقة عمليا، نظرًا لسياسة التحول الصينية في الخليج العربي وعدم وجود أي نفوذ فعال لتغيير سلوك إيران الإقليمي.

نفوذ الصين على إيران

وتأتي زيارة "رئيسي" إلى الصين في وقت لا تزال فيه المحادثات النووية الإيرانية في طريق مسدود، واشتدت حدة الانتقادات الدولية ضد طهران بعد توفيرها طائرات بدون طيار لروسيا في حرب أوكرانيا، وتزايد الاستياء الداخلي من الوضع الاقتصادي، ما يترك لإيران بدائل استراتيجية أقل.

وفي مثل هذه الظروف، قد تستفيد الصين من نفوذ متعدد لإملاء تفضيلاتها على طهران.

وبالنسبة للرئيس الإيراني، فإن دعم الصين لتجاوز العقوبات الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة والتغلب على العزلة الدولية أمر حتمي قد يجبر سياسته الخارجية على مواكبة التعليمات الصينية، خاصة فيما يتعلق بالمحادثات النووية وتطورات الخليج الفارسي.

المصدر | والي جول محمدي | أوبزرفر - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الصينية إبراهيم رئيسي الاتفاق النووي