أطلال مدينة أنطاكيا التركية تحكي قصة التاريخ العريق

الأربعاء 22 فبراير 2023 05:44 ص

لجأ محمد عصمت، الرجل البالغ من العمر 74 عامًا، إلى مسجد "حبيب النجار" في أنطاكيا بعد زلزال بقوة 7.8 درجة أدى إلى مقتل عشرات الآلاف في تركيا وسوريا في 6 فبراير/ شباط، ونام وصلى تحت الأقواس القليلة التي لا تزال قائمة، حدادًا على مستقبل المدينة التاريخية.

تناول تقرير لوكالة  "أسوشييتد برس" الدمار في أنطاكيا، حيث أصبح جزء كبير من المدينة التاريخية التي تجمع تاريخ المسيحيين والمسلمين وحضارات أخرى عبارة عن أنقاض، ولا يزال الجزء القائم غير آمن للغاية للعيش فيه. لقد غادر الجميع تقريبًا.

وضرب زلزال جديد قوته 6.4 درجة، المدينة مرة أخرى؛ ما أسفر عن مقتل أشخاص وإصابة أكثر من 200، وتسبب في انهيار المزيد من المباني.

إن أنطاكيا القديمة التي بنيت 300 سنة قبل الميلاد، وكانت واحدة من أكبر مدن العالم اليوناني الروماني، وتنافس الإسكندرية والقسطنطينية، تدمرت مرارًا وتكرارًا بسبب الزلازل، وأعيد بناؤها عبر التاريخ.

لكن السكان حاليا، وفقا للتقرير، يخشون أن يمر وقت طويل قبل أن تتعافى، وأن تفقد هويتها التاريخية الفريدة التي قد لا يتم استردادها بالكامل أبدًا. الدمار كبير جدا.

ووفقا للتقرير، يُقال إن القديسين "بطرس" و"بولس" أسسا واحدة من أقدم المجتمعات المسيحية هناك، وهنا ظهرت كلمة "مسيحي" لأول مرة. وجذبت لاحقًا فاتحين مسلمين، وغزاة أوروبيين صليبيين. ويعتبر اندماج الأديان جزءًا من شخصية المدينة.

ويقول عصمت إن 3 رسل من الله جاءوا إلى البلدة يحثون أهلها على اتباعه لكنهم رفضوا، ودمر الله المدينة ولم يذكر القرآن اسمها، لكن العديد من التقاليد تقول إنها كانت أنطاكية القديمة.

ويضيف: "كل الأديان هنا. كنا نعيش بشكل جيد. ثم سادت السياسة والنفاق، وتبع ذلك الخلاف. لقد اختلف الناس... وهم يسرقون بعضهم البعض. والله يعاقبهم".

ولا يمكن الآن الوصول إلى مسجد "حبيب النجار"، الأقدم في تركيا، إلا عن طريق التسلق فوق أكوام من الخرسانة والحجارة القديمة التي كانت ذات يوم مدينة أنطاكيا القديمة.

احتوى الموقع في الأصل على معبد وثني قديم، ثم كنيسة، قبل أن يستقر وضعه أخيرًا كمسجد، تم بناؤه في القرن الثالث عشر. وتم تدميره في زلزال عام 1853 وأعاد العثمانيون بنائه بعد 4 سنوات، وتكررت التغييرات عليه مرات أخرى.

حتى الأساطير المحيطة "بحبيب النجار"، الذي يحمل الاسم نفسه للمسجد، متشابكة مع ديانات متعددة.

وقد روى عصمت لمعدة التقرير قصة شائعة: كان "النجار" من سكان أنطاكية وحث السكان المحليين على تصديق رسل الله المشار إليهم في القرآن. فقطعوا رأسه وتدحرج رأسه على الجبل إلى المكان الذي يوجد فيه المسجد الآن. تقول نسخة أخرى من الأسطورة أن "النجار" كان مؤمنًا "بعيسى" (عليه السلام).

واقع ما قبل الزلزال

ويضيف التقرير أن المدينة شهدت في السنوات الأخيرة تدهوراً اقتصادياً حاداً وهجرة متزايدة إلى أوروبا والخليج، وكان التوتر يتزايد بين السكان المحليين الآخذين في التقلص، بمن فيهم المسيحيون والعلويون، فيما تزايد عدد السكان السوريين الذين فروا من الحرب الأهلية في بلادهم.

ووفقا للتقرير، يشكو بعض سكان المدينة من إهمال الحكومة المركزية المنشغلة بمساعدة المقاطعات الأخرى، حيث تتمتع بقاعدة تصويت أقوى.

وفي ذات السياق، ولكن مع القليل من الأدلة، اتهم السكان المحليون اللاجئين السوريين بالسرقة من المتاجر، واتهموا الحكومة بالتقليل من عدد القتلى. ويخشى الكثير من أن المزيد من الناس قد يغادرون إذا لم يتم إعادة بناء أنطاكيا بسرعة.

وحول دور الحكومة فيما يتعلق بالإرث التاريخي، قال يحيى جوشكون، نائب المدير العام للمتاحف والتراث الثقافي التركي، عن الدمار الذي لحق بمعالم المدينة: "ربما في غضون شهر واحد، سنبدأ التجديد والترميم".

وقال جان استيفان، صائغ الفضة وأحد المسيحيين القلائل المتبقين في المدينة: "تدمير أنطاكيا خسارة للبشرية... ما زلنا نريد العيش هنا. ليست لدينا نية للمغادرة".

لقد تم تدمير كنيسة الروم الأرثوذكس في أنطاكيا، التي كانت مقر بطريرك الروم الأرثوذكس حتى القرن الرابع عشر، في زلزال عام 1872 وأعيد بناؤها، وتعرضت لأضرار في الزلزال الأخير.

وامتلأ شارع كورتلوش بالمباني المدمرة، والذي يُقال إنه كان أول شارع مضاء في العالم بالمشاعل ليلاً في العصر الروماني. وتضررت أجزاء من المتحف الأثري.

كانت هناك أيضا تصدعات في جدران كنيس أنطاكيا، موطن الجالية اليهودية في المنطقة التي يبلغ عمرها 2500 عام. ومات رئيس الجالية اليهودية في المدينة وزوجته ونقل حوالي 12 يهوديًا مقيمًا ومخطوطات التوراة في الكنيس مؤقتًا إلى إسطنبول.

يقول السكان إن المدينة تدمرت 7 مرات قبل ذلك وأعيد بناؤها، والآن هي المرة الثامنة وهم مؤمنون أنها ستبنى من جديد.

المصدر | سارة الديب/ إيه بي نيوز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الزالزال تركيا أنطاكيا حبيب النجار