تجريف الفولجا الروسي.. ترسيخ لمحور مناهضة الغرب وعواقب عسكرية ضد أوكرانيا

الأحد 26 فبراير 2023 06:01 ص

تقوم الشركة الإيرانية للصناعات البحرية حاليًا بإصلاح سفينة روسية تحطمت في الجليد على نهر الفولجا وتنضم إلى الصين في مساعدة روسيا في حفريات تجريف نهر الفولجا-قزوين في تحركات قد تكون أكثر أهمية من إمداد طهران المستمر بطائرات بدون طيار للجيش الروسي.

يعتقد مقال الكاتب بول جوبل الذي نشره موقع "جيمستاون" وترجمه "الخليج الجديد"، أن تجريف القناة سيسمح لسفن الشحن الروسية والصينية والإيرانية والهندية وغيرها بنقل المزيد من الشحنات الثقيلة من وإلى بحر قزوين.

علاوة على ذلك، سيسمح هذا بعبور سفن بحرية أكبر إضافية من أسطول بحر قزوين الروسي إلى بحر آزوف، حيث يمكن لموسكو استخدامها ضد أوكرانيا.

والتجريف هو نوع من أنواع أعمال الحفريات التي تجرى على الغالب تحت الماء في مناطق البحار الضحلة أو في مناطق المياه العذبة بغرض تجميع الطمي المترسب ورميه في مكان آخر بأهداف تسهيل عمليات الملاحة للسفن ومنع ارتطام قاعها بقعر المسطح المائي.

ويضيف جوبل أنه بالنسبة لإيران، وكذلك الصين، فإن المشاركة في هذا الجهد مفيدة من الناحية الجغرافية والاقتصادية والجيوسياسية لأنها ستساعد روسيا على التغلب على بعض الاختناقات التي تعاني منها بنيتها التحتية الحالية وقدرة موسكو على معالجة هذه المشاكل بمفردها. لكن ربما الأهم من ذلك، أن عملية التجريف هذه ستعزز محور موسكو-طهران الناشئ، وتدمج إيران في التحالف الروسي الصيني، وتواجه النفوذ التركي والغربي في المنطقة، فضلاً عن تهديد أوكرانيا.

ومع ذلك، فإن رغبة موسكو في السماح لطهران بالانضمام إلى الصين في تجريف قناة فولجا-قزوين البحرية هي أكثر أهمية لأنها تدمج إيران في التحالف الروسي الصيني في المجالين العسكري والاقتصادي.

ويأتي هذا القرار الروسي في أعقاب قرارين آخرين، أحدهما يسمح لشركات التجريف الصينية بالمشاركة في هذه العملية والآخر يسمح لطهران باستخدام سفنها الخاصة في قناة نهر الفولجا-قزوين.

ووفقا للمقال فإن المسؤولين الروس يؤكد أن القناة بعمق 3.5 متر. ومع ذلك، يقرون أيضًا أنه في العديد من الأماكن، أدى الطمي إلى تقليل العمق بشكل أكبر، ونتيجة لذلك، لا يمكن للسفن اجتياز القناة عند هذا العمق، وبالتالي تتقلص أهميتها الاقتصادية والعسكرية.

ويرى جوبل أنه إذا نجحت الجهود الحالية في تعميق القناة إلى 4.5 متر على طول مسارها بالكامل، فستتمكن جميع فئات السفن في بحر قزوين تقريبًا من الانتقال إلى بحر آزوف والبحر الأسود، وهو أمر طالما رغبته موسكو.

وبعيدا عن الأمور التقنية يصف بعض المعلقين مثل هذا التطور بأنه مسار محتمل نحو إعادة ترتيب التجارة الدولية، ويتحدثون على الفور عن السبل التي يمكن من خلالها للتجارة بين روسيا وإيران عبر بحر قزوين التغلب على بعض المشاكل الناجمة عن عدم الاستقرار في جنوب القوقاز والقيود المفروضة على السكك الحديدية في آسيا الوسطى.

لكن هناك مشاكل حقيقية تلوح في الأفق، فحتى لو تعمقت قناة فولجا-قزوين البحرية، قد لا توفر الدفعة الاقتصادية المتوقعة حيث إن إيران لا تمتلك ما يكفي من السفن، خاصة السفن الدوارة، لإحداث فرق كبير، بالإضافة إلى أن ميناء أستراخان، وهو المكان الأكثر طبيعية للسفن المتجهة إلى القناة، لا يخلو من الجليد على مدار العام، والبديل المتمثل في استخدام ميناء محج قلعة في داغستان يجعل طريق السكك الحديدية أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.

ولهذا يقترحون أن توسيع خطوط السكك الحديدية شرق وغرب بحر قزوين قد يكون نهجًا أفضل للمضي قدمًا فيما يتعلق بالتجارة بين الشمال والجنوب، على الأقل في المستقبل القريب.

ومع ذلك، فإن هذه التحليلات لا تناقش التداعيات العسكرية لمثل هذه الخطوة، بالرغم من المؤشرات التي تشير إلى أن لها أهمية أكبر بكثير في حسابات موسكو بالنظر إلى تدخل بكين، والآن طهران، في عملية التجريف.

وبحسب المقال على أقل تقدير، ستمنح قناة فولجا-قزوين البحرية العميقة لروسيا القدرة المتقدمة على توجيه القوة غربًا بسرعة أكبر، وقد يعني أنه في غضون بضعة أشهر، ستتجه المزيد من السفن من أسطول قزوين نحو الشواطئ الأوكرانية، وهو أمر يمكن أن يساعد القوات البرية على طول ساحل البحر الأسود لاستخدامها ضد الجيش الأوكراني في الداخل.

ونظرًا لمدى تعرض القوات الروسية لضغوط شديدة في أوكرانيا الآن، فإن الأسباب الكامنة وراء السماح لطهران وبكين بالمشاركة في ما ينبغي أن يكون جهدًا داخليًا للبنية التحتية لفتح الطريق أمام المزيد من سفن قزوين البحرية للتحرك غربًا قد تكون مقنعة للكرملين.

ويوصي المقال بضرورة مراقبة هذا الجهد عن كثب لتحديد ما إذا كان ما قد يبدو للوهلة الأولى مجرد تصحيح بسيط للبنية التحتية أو أنه سيكون له عواقب عسكرية واستراتيجية كبيرة.

المصدر | بول جوبل | جيمستاون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران الفولغا قزوين روسيا