نيويورك تايمز توثق مقتل 4 مدنيين عزل في الهجوم الإسرائيلي على نابلس

الأربعاء 1 مارس 2023 10:09 م

خلص تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن القوات الإسرائيلية استخدمت القوة المميتة ضد فلسطينيين مدنيين عزل وقتلت 4 منهم على الأقل (من أصل 11 قتيلا) لا يبدو أنهم كان يشكلون تهديدا وذلك خلال اقتحامها نابلس بالضفة الغربية المحتلة نهاية شهر فبراير/شباط المنصرم.

وأوضحت الصحيفة أن ما خلصت إليه من نتائج في هذا الصدد، جاء بعد عمليات تدقيق أجرتها، شملت لقطات كاميرا مراقبة وشهادات مصورة لشهود من مواقع متعددة في نابلس، فضلا عن منشورات وبث مباشرة مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشارت الصحيفة إلى أن تلك المعطيات ساعدتها أيضا في تحديد مكان وزمان الغارة والأعمال المميتة التي تلت الهجوم الذي يعد الأعنف منذ عقود في الضفة الغربية.

الهدف 3 مسلحين

وذكرت الصحيفة أن القوات الإسرائيلية دخلت نابلس في 22 فبراير/شباط الماي بهدف القبض على 3 مسلحين في جماعة فلسطينية اختبؤوا في بيت آمن.

وبعد الاشتباك مع المسلحين الثلاثة، في عملية تم تنفيذها في وضح النهار وفي مكان مزدحم بالمدنيين وهو أمر نادر الحدوث، وأعقب الاشتباكات تعزيزات إسرائيلية جديدة، دخلت بدورها إلى المدينة حيث حاصرت المدينة القديمة وأغلقت مناطق الدخول والخروج إليها.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجنرال ريتشارد هيشت، إن الجيش قرر القيام بالمداهمة نهارا -حيث تكون الشوارع مكتظة بالمدنيين- لأنه كان عليهم التحرك سريعا بعد الحصول على معلومات حول مكان المسلحين.

وقال عمر شاكر، مدير قسم إسرائيل وفلسطين في منظمة "هيومن رايتس ووتش": "في مدينة نابلس، أنت أمام مداهمة حدثت في النهار، وهي مختلفة عن التصرفات الأخرى". مضيفا: "يبدو أن نتيجة هذه المداهمة، كان هناك عدد كبير من المصابين".

وتعليقا على تنفيذ القوات الإسرائيلية هجومها وسط المدنيين قال القيادي في وسط نابلس عميد المصري: "لا يهتمون (الإسرائيليين) لو أصابوا المدنيين".

وأسفرت العملية عن مقتل المسلحين الثلاثة في البيت إلى جانب مسلح آخر، لكن وفقا للصحيفة فإن لقطات الفيديو تُظهر أن الجنود الإسرائيليين استخدموا القوة القاتلة ضد فلسطينيين عزّل، وقتلوا 4 أشخاص لم يكونوا يشكلون تهديدا.

وكانت حصيلة الهجوم النهائية حسب وزارة الصحة الفلسطينية، استشهاد 11 شخصا، وجرح 100 آخرين، في وقت لم يتحدث الجيش الإسرائيلي فيه عن جرحى في صفوفه.

أدلة موثقة

وأوردت الصحيفة شهادة الفلسطينية سحر زلوم (63 عاما) التي توثق دخول القوات الإسرائيلية متخفية إلى منطقة سوق البلدة القديمة في نابلس صباح 22 فبراير/شباط الماضي.

وقالت سحر إنها شاهدت شخصا غريبا يرتدي ثوبا رماديا تحت معطف، و"سألته إن كان يريد شيئا"، وعندها، أخرج بندقية وقال لها: "روحي على البيت".

وإضافة لذلك، تظهر لقطات الفيديو جنودا إسرائيليين يشقون طريقهم مشيا في سوق مزدحمة ويتخذون مواقع في بيوت وعلى الأسطح المحيطة بالبيت الذي اختبأ فيه المسلحون الثلاثة من جماعة عرين الأسود.

وذكرت الصحيفة أن القتال اندلع لعدة ساعات بين الجانبين بعدما رفض المسلحون الاستسلام، وبعد ربع ساعة من الهجوم في حوالي الساعة العاشرة والربع، دخلت تعزيزات عسكرية إلى نابلس من المدخل الرئيسي، وبدأت الحشود الفلسطينية الغاضبة من وجود القوات الإسرائيلية بالتجمع.

وفي تقاطع لا يبعد إلا ربع ميل عن البيت المستهدف، بدأت مجموعة برمي الحجارة وأشياء أخرى على القافلة العسكرية المارّة، وعندها انحرفت واحدة من السيارات العسكرية فجأة باتجاه التجمع وكادت أن تدهس عددا من الناس في الشارع.

وتظهر صور التقطتها كاميرات المراقبة من محل قريب، أن أحدا من الجمهور المحتشد لم يكن يملك أسلحة.

وتظهر لقطات من كاميرا مراقبة، مقاتلا فلسطينيا، هو مصعب عويس، وهو يصوب بندقيته على عربة إسرائيلية واقفة في الجانب الآخر من الشارع، قبل أن تُطلق النار عليه ويسقط على الأرض.

وسارع عدد من الأشخاص لمساعدته، وحمل شخص بندقيته وتم تبادل إطلاق النار، وحملوا عويس الذي مات لاحقا في سيارة الإسعاف.

في هذا الوقت، كانت العربات العسكرية قد تمركزت حوالي نصف ميل على طول الطرف الجنوبي للبلدة القديمة، ودفعت سيارة عسكرية إسرائيلية سيارةً مدنية نحو الجدار.

واخترقت عربة أخرى حاجزا فولاذيا من حاويات القمامة على التقاطع، وكادت أن تدهس مدنيا قبل أن تصطدم بالبناية.

 وبعد 20 دقيقة، تقدم محمد العينبوسي (24 عاما) نحو التقاطع، ومن خلف عربة واقفة في الشارع، أطلق النار باتجاه العربة العسكرية الواقفة هناك.

كما تظهر لقطات فيديو أن جنديا في العربة أطلق النار من على بعد 85 ياردة على العينبوسي الذي كان يختفي وراء السيارة. ويبدو أنه أصيب بجرح في رجله.

وتكشف الصور التي حصلت عليها الصحيفة، السيارة التي اخترقها الرصاص بشكل كثيف.

وطلب العينبوسي المساعدة، وجاء رجل آخر وهو جاسر قنير للمساعدة. وبعد دقيقة بدأ الرجلان بالركض بعيدا عن العربة الإسرائيلية.

وكان العينبوسي يعرج. ولم يكونا يمثلان تهديدا للقوات الإسرائيلية عندما أُطلقت النار عليهما من الخلف.

انتهاك حقوقي

وقال عمر شاكر، من "هيومن رايتس وووتش": "من الصعب النظر عبر اللقطات كيف كان محمد العينبوسي وجاسر قنير يمثلان أي تهديد أقل تهديد على الحياة الذي يبرر القوة المميتة حسب القانون الدولي، في اللحظة التي أطلقت القوات الإسرائيلية النار وقتلتهما".

وأضاف: "هذا مثال آخر عن استخدام القوات الإسرائيلية القوة المفرطة".

وارتمى العينبوسي وقنير على عتبة بيت بلا حراك، ويبدو أن قنير مات برصاصة في الرأس، وفي فيديو التقط بعد دقائق، ظهر العينوسي وسط بحر من الدم النازف من صدره. تتحرك العربة العسكرية للأمام ثم تتراجع.

وقال خالد اللداوي الذي ساعد في سحب الجثث، إن قنير مات مباشرة، أما العينبوسي فقد مات مع وصول سيارة الإسعاف.

وبدأت العربات العسكرية، الآن، حيث كان الوقت هو 12.30 بعد الظهر بالانسحاب من نابلس. ويظهر فيديو عملية إطلاق النار على اثنين من المارة وقتلهما.

وكانت جماعة تراقب الوضع في منطقة واقعة بين عيادة الرحمة والمسجد، وبدا رجل يقف في الزقاق بعيدا عن الجماعة حيث أطلق النار على العربات الإسرائيلية المارة.

وركض المسلح باتجاه الفناء الذي يقف فيه الآخرون. وعادت عربتان ومرّتا من أمامهم، وأطلقت النار على الجمهور الواقف. وقال متحدث باسم الجيش، إن الجنود كانوا يردون على إطلاق نار حي.

وأدى وابل الرصاص لمقتل خالد الأشقر البالغ من العمر 65 عاما، والذي كان خارجا من المسجد، ومحمد شعبان (16 عاما) حسب 3 موظفين في عيادة طبية تحدثوا للصحيفة.

وقالت سارة هاريسون، المحامية السابقة في البنتاجون، وتعمل الآن مع مجموعة الأزمات الدولية: "لو نظرت إلى هذا بشكل موضوعي، فمن الواضح أن القوات الإسرائيلية خرقت قانون حقوق الإنسان عبر إطلاق عشوائي للنار على المارة، وقتلت أشخاصا لا يمثلون تهديدا".

وقالت إنه يجب، حسب القانون، على المسؤولين الأمريكيين تقييم اللقطات والتأكد من أن الوحدات العسكرية الإسرائيلية مؤهلة للحصول على الدعم الأمني الأمريكي.

 وفي البيت الآمن، وبعد ساعة من القتال، كان المسلحون الثلاثة الذين أراد الجيش اعتقالهم ميتين، وكذا سكانٌ مدنيون. ويظهر فيديو عدنان بعارة (72 عاما) ميتاً على الأرض.

((4))

المصدر | الخليج الجديد + وسائل إعلام

  كلمات مفتاحية

نابلس نيويورك تايمز تحقيق