زيارة بن فرحان إلى روسيا.. توطيد مستمر للعلاقات بين موسكو والرياض (تحليل خبري)

الجمعة 10 مارس 2023 01:28 م

مزيد من البراهين قدمتها زيارة وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إلى موسكو، الخميس، على انتهاج المملكة العربية السعودية سياسة خارجية براجماتية، لا تلتزم بتحالفها الاستراتيجي التاريخي مع الولايات المتحدة، برهنت عليها، إذ أعلن استعداد المملكة لـ "الوساطة" في الحرب الأوكرانية.

وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي، سيرجي لافروف، أكد بن فرحان على أهمية العلاقة مع روسيا من منطلق الحرص على "استقرار أسواق الطاقة العالمية"، حسب قوله.

المنطلق ذاته هو ما دفع المملكة إلى تبني موقف حيادي إزاء الحرب الروسية الأوكرانية، رغم العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو، والضغوط التي تعرضت لها الرياض للمشاركة فيها.

وسمح الموقف السعودي بممارسة نوع من الوساطة بين موسكو وكييف من جانب، وبين موسكو وواشنطن من جانب آخر، وهي الوساطة التي ركز بصفة خاصة على دبلوماسية تبادل الأسرى، ما أسفر عن إفراج موسكو عن نجمة كرة السلة الأمريكية، بريتني جرينر، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد قرابة 9 أشهر من اعتقالها.

وفي المقابل، أطلقت الولايات المتحدة سراح الروسي، فكتور بوت، المدان بتجارة السلاح، والمعروف باسم "تاجر الموت"، والذي قضى في سجن أمريكي مدة 12 عاما.

وقبل شهرين، توسطت السعودية وتركيا في تبادل أسرى على نطاق واسع، حيث تم إطلاق سراح ما يقرب من 300 شخص، بينهم 10 أجانب.

ومن بين المفرج عنهم أمريكيان وسويدي وكرواتي و5 بريطانيين ومغربي. وفي المقابل، تمت إعادة 55 روسيًا وأوكرانيًا مواليًا لموسكو إلى موسكو.

 وفي السياق، جاء تأكيد بن فرحان على استمرار تعاون السعودية الوثيق مع روسيا في سوق الطاقة عبر تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها "أوبك+"، رغم التحفظ الأمريكي على اصطفاف الرياض إلى جانب موسكو ورفضها زيادة إنتاج النفط، ما أغضب واشنطن، التي كانت تحاول علاج العجز في سوق الطاقة، وسط ضغوط تمارسها على موسكو.

 وأكد بن فرحان على سعي المملكة إلى تعزيز العلاقات مع روسيا في جميع المجالات في إطار تنويع محسوب لتحالفات المملكة، وخاصة مع روسيا والصين، في محاولة للضغط على واشنطن من أجل إعادتها إلى الالتزام بالتحالف الدفاعي معها.

وبلغ عمق محادثات لافروف وبن فرحان إلى مستوى مناقشة العودة المحتملة لبشار الأسد إلى جامعة الدول العربية، حيث التقطت موسكو خيط التحول الأخير في سياسة المملكة باتجاه قبول مشروط للتطبيع مع النظام السوري.

ولم تعد السعودية تطالب برحيل الأسد، لكنها تستمر في التمسك بمقاطعتها الدبلوماسية له، ومن ثم استخدمت حق النقض ضد دعوة النظام السوري لحضور قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في الجزائر، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وتشترط المملكة على الأسد للمصالحة فتح مفاوضات جادة مع المعارضة السورية والابتعاد عن طهران، وهو ما لم يبد الرئيس السوري جزما بالموافقة عليه حتى الآن، حسبما أوردت صحيفة "لوموند" الفرنسية.

  وجاءت زيارة بن فرحان إلى روسيا بعد أسبوعين من أخرى جرت إلى أوكرانيا ومساعدات إغاثية أرسلتها الرياض خلال الأيام الأخيرة لكييف، ما قدم برهانا عمليا على براجماتية السياسة الخارجية للمملكة وموازنتها لمصالحها مع مختلف أطراف الصراع.

وفي إطار إدراك موسكو للنهج السعودي، صرح لافروف بأن التنسيق المستمر مع السعودية "مهم على جميع المستويات، حيث إن كافة الوزارات المعنية بتعزيز التعاون بين البلدين على اتصال دائم"، حسبما أوردت وكالة رويترز.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

السعودية روسيا الرياض موسكو سيرجي لافروف فيصل بن فرحان أوكرانيا كييف