استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تونس: هل أتاكم نبأ "الحرب الضروس"؟

السبت 11 مارس 2023 06:16 ص

تونس: هل أتاكم نبأ "الحرب الضروس"؟

حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تونس مرشّحة للاستمرار والتوسع والقادم يحمل في طياته قدرا عاليا من استعراض قوة الدولة.

دقّ قيس سعيّد المسمار الأخير في نعش الديمقراطية ويعتقد أنه بذلك يتخلّص من الأجسام الوسيطة ويسيطر كليا على الدولة والشعب! فهل ينجح في ذلك؟

تسير الأمور وفق خطة سعيّد المرسومة، وبسلاسة عجيبة. صحيحٌ أن هناك مقاومة سياسية ومدنية تدلّ على شجاعة وروح قتالية، لكنها ضعيفة أمام عناده وإصراره وتحدّيه واستعماله المكثف أجهزة الدولة.

* * *

يبدو أن حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تونس مرشّحة لكي تستمر وتتوسع، فتصريح وزير الداخلية، توفيق شرف الدين، دليل على أن القادم قد يحمل في طياته قدرا عاليا من استعراض قوة الدولة، إذ جاء فيه:

"وجود أشخاصٍ لا يعرفون معنى الأمانة والوطنية ويتاجرون بكل القيم"، متسائلا "من نهب المال العام؟ من خرّب الاقتصاد؟ من تاجر بالحصانة البرلمانية والقضائية وبرسالة الإعلام ورسالة العمل النقابي؟

لقد كانوا أبعد ما يكون عن القاضي الحقّ والنقابي الحقّ والإعلامي الحقّ". ودعا الوزير، في الأخير، التونسيين إلى "الالتفاف حول رئيس الدولة، إنها حرب ضروس".

أثار هذا التصريح مخاوف المعارضة والمجتمع المدني، حيث رفضت 34 جمعية ومنظمة في بيان مشترك، من بينها رابطة حقوق الإنسان وجمعيات نسوية، ما جاء في هذا التصريح الذي وصفته بـ "العنيف والخطير والمتسرّع"، وطالبت الوزير بـ"الاعتذار"، واعتبرته "انحرافا خطيرا عن النواميس والقوانين التي تحكم الدولة المدنية التي تضمن الحريات والعيش المشترك".

وانتقد رئيس جبهة الخلاص الوطني، نجيب الشابي، بشدّة، اللغة الحربية في هذا التصريح، واتّهم صاحبه بأنه "حوّل وزارة الداخلية إلى وزارة حرب على الداخل"، في حين واصل محمد عبده تشاؤمه، معلنا من جهته أن البلاد "في وضع دولة منكوبة"، وهي، حسب تقديره، "تمضي نحو الخراب والانهيار".

وأعلن رئيس الجمهورية عن حلّ المجالس البلدية، والاستعداد لوضع مرسوم انتخابي جديد، يتسم بالروح والفلسفة الإقصائية التي ميزت القانون الانتخابي للبرلمان، معلنا أنه لا ينوي التراجع عن منهجه السياسي، وأنه مصرٌّ على تطبيق حرفي لأجندته التي كشف عنها منذ انفراده بالسلطة، الأجندة التي لم يبق منها سوى مجلس الجهات، وتغيير البيئة التشريعية للجمعيات.

وبذلك يكون قد دقّ المسمار الأخير في نعش المسار الديمقراطي، وهو يعتقد أنه بذلك سيتخلّص من الأجسام الوسيطة، ويسيطر كليا على الدولة والشعب. فهل ينجح في ذلك؟

تسير الأمور وفق الخطة المرسومة، وبسلاسة عجيبة. صحيحٌ أن هناك مقاومة سياسية ومدنية تدلّ على شجاعة وروح قتالية، لكنها لا تزال ضعيفة أمام عناد الرئيس وإصراره وتحدّيه واستعماله المكثف أجهزة الدولة.

وحتى يزيد من إضعاف هذه المقاومة، وجّه (حذّر) السفارات الغربية، ودعاها إلى الكفّ عن "التدخل في شؤون البلاد" من خلال الاتصالات التي تجريها من حين إلى آخر بالأحزاب والجمعيات المشاكسة للسلطة. فبعض هذه السفارات متهمة بأنها "شريكة في التآمر على أمن الدولة"، حسبما تدّعيه محاضر البحث ضد نشطاء سياسيين ومدنيين عديدين.

لا تزال الحسابات الفئوية الضيقة تفعل فعلها ضد النخبة التونسية، وهي من الأمراض الموروثة جيلا بعد جيل. هذه النخبة لا تتعظ بذلك، سواء عندما يشعر بعض مكوّناتها بالقوة أو لمّا تخسر معاركها وتصاب بالوهن. كنتُ يوما أتحدّث مع أحد مستشاري الرئيس بن علي في بداية عهده، وقد انتقل هذا المثقف من المعارضة إلى الولاء للحاكم الأقوى.

أسرّ لي بأنه نصح الجنرال بألا يخاف من معارضيه، لأنهم لن يصمُدوا طويلا أمام قوة الدولة. ... لم يبق هذا المستشار طويلا في مكانه، حيث سرعان ما استهلكته الأجهزة، وتخلّى عنه الرجل القوي، وطواه النسيان.

يعيد آخرون، الكرّة، يدفعون الرئيس نحو المحرقة. صحيحٌ أن المعارضة ضعيفة، وأن المجتمع المدني مرهقٌ ومفكّك، لكن ذلك ليس مبرّرا لكي تتحوّل البلاد إلى ساحة حرب بين الدولة وقطاع واسع من نخبها.

تونس في حالة وهن شديد، فيعمد بعضهم نحو تصفية الحساب مع الخصوم بمختف ألوانهم وانتماءاتهم. ولكن، قد تأت اللحظة التي يتحوّل فيها هؤلاء إلى ضحايا اللعبة الخطيرة التي يمارسونها اليوم بشغف لتحقيق مكاسب مؤقتة. سيكون الحصاد مرّا، وقد يقول بعضهم "أكلت يوم أكل الثور الأسود".

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي بالمجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس الحرب الضروس قيس سعيد توفيق شرف الدين المعارضة التونسية المجتمع المدني وزير الداخلية جبهة الخلاص الوطني

جبهة الخلاص التونسية: حل المجالس المحلية انقلاب جديد