أولوية أمريكية.. مواجهة فاجنر في أفريقيا بوقف التمويل في ليبيا

الثلاثاء 14 مارس 2023 07:58 ص

قال عماد الدين بادي، الزميل في برنامج الشرق الأوسيط بمعهد أبحاث "أتلانتك كاونسل" الأمريكي، إن الولايات المتحدة تركز حاليا على مواجهة وجود مجموعة مرتزقة فاجنر الروسية، بقيادة يفجيني بريجوزين، خارج أوكرانيا ولا سيما في إفريقيا.

وتابع بادي، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن واشنطن تعطي الأولوية في هذا الجهد لمحاولة إسقاط نفوذ روسيا عبر فاجنر التي عملت في ليبيا، البلد الغني بالنفط، "كأداة سياسة خارجية خفية للكرملين منذ أكثر من ثلاث سنوات".

وأضاف أن الكرملين وسع نطاق وجوده بشكل كبير في ليبيا بعد دعم الجنرال خليفة حفتر في هجومه الفاشل عام 2019 للاستيلاء على العاصمة طرابلس (غرب) والإطاحة بحكومة معترف بها من الأمم المتحدة.

و"أنشطة فاجنر ليبيا متعددة الأوجه، وبينها العمليات العسكرية وصيانة المعدات العسكرية والخدمات الاستشارية السياسية وعمليات التضليل والتأثير على وسائل التواصل الاجتماعي"، بحسب بادي.

وأفاد بأنه منذ وقف إطلاق النار في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، "تحصن مرتزقة فاجنر في جنوب وشرق ليبيا، واستولوا على القواعد الجوية العسكرية وعسكروا بالقرب من حقول النفط والبنية التحتية للموارد الطبيعية".

ولفت إلى أن هذا التطور تزامن مع الحصار الذي فرضه حفتر وجيشه على صادرات النفط، و"قد خدم حصاره الأخير خلال النصف الأول من 2022 المصالح الجيوسياسية الروسية وأضر بمصالح الولايات المتحدة عبر خنق إمدادات النفط إلى أوروبا ما ساهم في تفاقم التضخم العالمي".

الخيار العسكري.. مستبعد

واعتبر بادي أن "التحدي المباشر للنفوذ الروسي في ليبيا صعب على الولايات المتحدة، والهجوم العسكري للقضاء على فاجنر احتمال غير مرجح، حيث يمكن أن تتضر البنية التحتية النفطية، كما أن قرب روسيا من المنشآت النفطية يسمح لها بتهديد إمدادات النفط إلى أوروبا".

وعلقت دول الاتحاد الأوروبي على تقاعسها تجاه فاجنر في ليبيا باعتباره براجماتية، حيث يُنظر إلى الوجود الروسي، بجانب الوجود التركيي في غرب ليبيا، على أنهما يحافظان على السلام في ليبيا، وفق بلادي.

ورأى أن "التفكير الأوروبي أهمل حقيقية أن فاجنر في ليبيا ليست مجرد قوة غير ممولة، بل هي عقدة نفوذ مركزية مكنت من الناحية اللوجستية من تضخيم النفوذ الروسي في بوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومالي والسودان".

تمويل نفطي لفاجنر

ويُعتقد على نطاق واسع، بحسب بادي، أن وجود مرتزقة فاجنر في ليبيا يتم تمويله من التحويلات الشهرية لمبالغ مقطوعة من عائدات النفط إلى حفتر من جانب مصرف ليبيا المركزي (منقسم بين غرب وشرق) والذي يسيط عليه حفتر.

وأضاف أنه على الرغم من هذا الوضع، إلا أن مسؤولين ليبيين استجابوا للتركيز الأمريكي على مواجهة فاجنر، حيث يسعون إلى النأي بأنفسهم عن روسيا.

ومنذ مارس/ آذار 2022 تتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان إحداهما برئاسة فتحي باشاغا وكلفها مجلس النواب بطبرق (شرق) والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.

والدبيبة وحكومته المتمركزة في طرابلس، وفق بادي، كان أول من أثبت أن حكومة الوحدة مناهضة لروسيا، كما سعى باشاغا إلى النأي بنفسه عن موسكو، على الرغم من تأييدها لحكومته.

ونقلا عن مصادر لم يسمها، قال بادي إنه حتى حفتر يفكر الآن في اتخاذ خطوات للنأي بنفسه عن موسكو، لا سيما بعد تصنيف وزارة الخزانة الأمريكية لفاجنر كمنظمة إجرامية في يناير/ كانون الثاني الماضي.

دعم الخارطة الأممية

وللاستفادة من هذا الزخم المتنامي، يجب على الولايات المتحدة إصلاح سياستها تجاه ليبيا، وأن تعيد تأكيد موقفها على طول الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث أصبح الوجود الروسي في ليبيا والساحل يشكل تهديدا، بحسب بادي.

وشدد على أن هذه الحاجة ملحة لكون الوجود الروسي الليبي موجه نحو تعزيز الانتشار العملياتي في أفريقيا وتأمين ميناء لموسكو في المياه الدافئة بالبحر الأبيض المتوسط.

وأضاف أنه عند النظر إلى هذا الوضع، بالاقتران مع التهديد الروسي بتعطيل أسواق النفط، فإن هناك اتفاقا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة على أهمية تخفيف التهديد الروسي في ليبيا.

ويجب على واشنطن أن تدرك أن الجهود المبذولة لمواجهة فاجنر لا يمكن فصلها عن حل المأزق السياسي في ليبيا، وحاليا تحاول واشنطن استئناف المحادثات الاقتصادية حول ليبيا، وتعزيز الجهود المتعددة الأطراف بين أصحاب المصلحة الأوروبيين، بالإضافة إلى تركيا والإمارات ومصر وقطر.

واستدرك  بادي: ومع ذلك، فإن صياغة إجماع دولي بين أصحاب المصلحة هؤلاء سيتطلب متابعة أمريكية أكثر قوة وإجماعا على التغيير في ليبيا.

واعتبر أن بتدخل الولايات المتحدة في المسار الاقتصادي، إلى جانب التدقيق في الأموال التي يصرفها مصرف ليبيا المركزي (في الشرق)، يمكن أن يؤدي إلى حرمان فاجنر في ليبيا من تمويلها.

وتابع أن واشنطن تحتاج إلى بذل جهد إضافي عبر التركيز على عزل ليبيا عن التدخل الأجنبي لدعم التطبيق المتعدد الأطراف لخارطة طريق الأمم المتحدة التي تعمل على استقرار البلاد عبر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تقود إلى نقل السلطة وإنهاء النزاعات المسلحة والصراعات السياسية.

المصدر | عماد الدين بادي/ أتلانتك كاونسل- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فاجنر ليبيا أفريقيا روسيا الولايات المتحدة تمويل حفتر

السفارة الأمريكية تدعو لطرد فاجنر وجميع القوات الأجنبية من ليبيا

وثائق أمريكية: فاجنر تحاول تأسيس رابطة لدول أفريقية معادية للغرب

طائرات تابعة للحكومة تقصف مواقع فاجنر في ليبيا