كاتب تركي: كيف يمكن لأنقرة تحويل التطبيع السعودي الإيراني إلى مكسب؟

الجمعة 17 مارس 2023 06:16 ص

إن تحرك إيران والسعودية لتطبيع العلاقات بعد الوساطة الصينية له أهمية كبيرة لتركيا. عندما كان هناك خلاف سابق بين أنقرة والرياض وطهران، كان هناك استعراض لوحدة نوع من "المحور السني" لكن عندما توترت العلاقات بين الرياض وأنقرة، لم يكن هناك مثل هذا التضامن بين إيران وتركيا اللتين تتنافسان على العديد من الملفات الإقليمية.

يشبّه الكاتب فهيم تاشتكين في مقاله على موقع "أمواج" الصداقة والتنافس بين تركيا وإيران بثورين مرتبطين ببعضهما البعض، ويدفعان بعضهما البعض إلى اليسار واليمين ولكنهما يتوازنان لكليهما. ويرى أنه إذا أنهت إيران، تماشياً مع المطالب السعودية، حربها على النفوذ في المنطقة - وهذا ليس توقعًا واقعيًا - فستكون تركيا أحد المستفيدين الرئيسيين.

على هذه الخلفية، أصدرت وزارة الخارجية التركية على الفور بيانًا تهنئ فيه إيران والمملكة العربية السعودية على اتفاق 10 مارس/آذار الجاري الذي تم التوصل إليه في بكين لإعادة فتح السفارات في غضون شهرين. وأشار إلى أن هذه الخطوة تتماشى مع عمليات الانفراج والتطبيع السائدة في غرب آسيا لبعض الوقت. وأكدت الوزارة أنها ستساهم بشكل كبير في أمن واستقرار وازدهار المنطقة.

 

الخلافات التركية مع إيران

ويرى تاشتكين في مقاله الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن الخلافات التركية المستمرة مع إيران أصبحت عاملاً حاسماً في العلاقات التركية مع السعودية. وقد تصاعد التنافس بين إيران وتركيا في العراق، حيث تعتبر حكومة حزب العدالة والتنمية نفسها حامية السنة، وفي سوريا، حيث حاولت أنقرة إلى جانب الرياض الإطاحة بالنظام البعثي المدعوم من طهران. كما أضاف المسعى التركي لدخول المعادلة السياسية اللبنانية عبر العروق السنية بعدًا آخر إلى التنافس مع إيران في ساحة كانت المملكة فيها تاريخياً لاعباً مهماً.

ويشير الكاتب إلى أن تركيا والسعودية تعاونتا خلال تشكيل جيش الفتح في سوريا عام 2015 والاستيلاء على منطقة إدلب الشمالية من الحكومة السورية. ولكن مع إبقاء القوات المدعومة من إيران في نهاية المطاف على النظام في دمشق في السلطة، ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باللوم على إيران في سياستها تجاه تركيا وليس فقط في سوريا.

في العراق، عارض أردوغان بشدة مشاركة وحدات الحشد الشعبي المرتبطة بإيران في العملية العسكرية 2016-2017 لتحرير الموصل من تنظيم "الدولة".

وفي اليمن، تحمس الرئيس التركي منذ البداية للتدخل العسكري بقيادة السعودية الذي انطلق في عام 2015 لإعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

وقد قدم أردوغان الدعم المعنوي والخطابي بدلاً من الدعم العسكري، قائلاً: "نحن ندعم تدخل المملكة العربية السعودية"، محذرًا من أن "تركيا قد تفكر في تقديم الدعم اللوجستي بناءً على تطور الوضع".

ويقول الكاتب إن وسائل الإعلام التابعة للدولة التركية لا تزال تشير إلى الحوثيين ووحدات الحشد الشعبي والجماعات المسلحة المدعومة من إيران في سوريا على أنهم "منظمات إرهابية"، وبالرغم من أن المناخ السياسي قد خفت حدته، لكن هذا الخطاب في وسائل الإعلام مستمر.

السياق الجيوسياسي

ويعتقد تاشتكين أن هذا التفاعل يحدث هذا في سياق جيوسياسي حيث طورت عناصر وحدات الحشد الشعبي المرتبطة بإيران موقفًا مهددًا لخطط تركيا لعملية في منطقة سنجار شمال العراق، وشنت أحيانًا هجمات صاروخية على قاعدة بعشيقة بالقرب من الموصل حيث تتمركز القوات التركية.

بالتوازي مع الانقسام السني الشيعي، خسرت أنقرة أيضًا ورقة التركمان العراقية لصالح إيران إلى حد كبير على خط كركوك والموصل خلال الفترة 2014-2017، عندما ازدهر تنظيم "الدولة".

ولعل أحد النقاط الأهم في المقال هي أنه بالرغم من انعدام الثقة بين إيران وتركيا، فإنهما يعرفان كيفية إدارة بعضهما البعض في مواجهة التوترات وتضارب المصالح.

ووفقا للكاتب فإنه حين تدهورت علاقة تركيا بالسعودية والإمارات بقيت في حدود التوتر مع إيران وكان الدافع الفوري وراء التحول التركي نحو أبوظبي والرياض هو الحاجة إلى الأموال الساخنة. بالنسبة للإماراتيين والسعوديين، كانت الحاجة إلى كسب بلد مثل تركيا في منافستهم مع إيران حافزًا إضافيًا لإعادة تطبيع العلاقات مع أنقرة.

ومع انحسار التوترات الخليجية الإيرانية، يبرز السؤال عما يمكن أن يتغير في مجالات المنافسة التي تهم أنقرة. بالنسبة لأردوغان، من المهم جدًا ألا تنقطع الاستثمارات الإماراتية والسعودية في وقت تتزايد فيه الاضطرابات الاقتصادية المحلية لاسيما في عام الانتخابات.

وبالنسبة للسعودية، يمكن أن توفر المصالحة مع إيران بيئة أكثر أمانًا للمملكة لمتابعة أجندة التنمية الخاصة برؤية 2030. من ناحية أخرى، فإن المنافسة الاقتصادية السعودية المتزايدة مع الإمارات قد تتيح لتركيا فرصًا جديدة في علاقاتها التجارية مع دول الخليج العربية. قد يؤدي انخفاض التوترات العربية الإيرانية إلى إبراز خطط ربط الخليج بتركيا عبر إيران. هنا، قد يتشكل وضع مربح للجانبين لأنقرة وطهران.

وينوه الكاتب إلى أن التقارب الإيراني السعودي قد ينعكس أيضًا في المعادلة السورية. ومع ذلك، فإن مزيدًا من اللين في العلاقات الخليجية السورية قد يسهل عودة سوريا إلى قلب المنطقة العربية. كما أن تركيا أيضا ترغب في تراجع إيران في سوريا على الأقل بقدر ما ترغب السعودية. يمكن لهذا أن يعيد توحيد الجهود السعودية التركية للحد من النفوذ الإيراني.

بينما يتم حجز مقعد لإيران على الطاولة التي تجمع روسيا وتركيا وسوريا، فإن الاتصالات السعودية المتزايدة مع الروس توفر فرصة لاستعادة التوازن. أثارت مقاومة إيران وليس روسيا للعملية العسكرية التركية الجديدة في شمال سوريا المخطط لها منذ الصيف الماضي غضب أنقرة إلى حد كبير. ومع ذلك، كان مفهوماً من قبل جميع الأطراف أنه يجب إشراك إيران في اللعبة من أجل تحقيق الهدف الأوسع المتمثل في التطبيع بين سوريا وتركيا.

ويؤكد الكاتب أن التطبيع العربي السوري الذي سيلعب فيه السعوديون دورًا رئيسيًا، وتطبيع أنقرة ودمشق، الذي ستكون إيران فيه مؤثرة، هما عمليتان متوازيتان ومترابطتان في الوقت نفسه.

إذا نجحت اتفاقية بكين، فربما تنحسر حرب النفوذ في البلاد قليلاً. لكن يرى تاشتكين أنه سيكون من التفاؤل المفرط القول بأن الخلافات حول قضايا مثل العمليات العسكرية التركية ضد حزب العمال الكردستان، واتفاقيات النفط والغاز مع أكراد العراق، ووضع كركوك، وإعادة إعمار الموصل ستختفي.

كما أن التناقض السني الشيعي في السلطة في بغداد سوف يستمر أيضًا في تغذية التنافس بين تركيا وإيران.

ويمضي الكاتب بالقول إلى أن الميل إلى تنويع العلاقات دون الوقوع بين المحاور في المنطقة يشجع على فتح صفحة سعودية جديدة مع كل من إيران وتركيا، ومع ذلك يوصي تاشتكين بالحذر؛ لأن الملفات الإشكالية لها دينامياتها الداخلية وتاريخها. ومن المرجح أن تظل بعض القضايا مستعصية بغض النظر عن التغيرات في المعادلات السياسية في المنطقة.

المصدر | فهيم تاشتكين | أمواج - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا إيران السعودية الصين

استفادة خاصة لباكستان والهند من التقارب السعودي الإيراني

تحليل: التقارب السعودي الإيراني يقلق تركيا.. وأنقرة تبحر في مشهد إقليمي جديد

إيران: مساعٍ لعقد اجتماع مع تركيا والسعودية لتعزيز التعاون الاقتصادي