مودرن دبلوماسي: كيف تتحدى الصين الهيمنة الأمريكية وتعيد تشكيل الشرق الأوسط؟

السبت 18 مارس 2023 05:53 ص

يبدو أن التنافس الطويل بين الرياض وطهران يقترب من نهايته، مع التطورات الدبلوماسية الأخيرة التي دفعتها القيادة الصينية الاستباقية في الشرق الأوسط. وهذا تطور مهم لا يعزز السلام في المنطقة فحسب، بل يخدم أيضًا مصالح بكين.

يتناول تقرير سيد نقفي في "مودرن دبلوماسي" انعكاس مشاركة الصين المتزايدة في الشرق الأوسط في نجاحها في جلب هذين الخصمين الشرق أوسطيين إلى طاولة المفاوضات. وتُظهر مفاوضات بكين الأخيرة مع السعودية لعضوية بريكس نفوذها المتزايد في المنطقة.

إن تداعيات النفوذ الصيني المتزايد، إلى جانب استعادة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، تستحق الدراسة. كيف يمكن لتطبيع العلاقات بين السعودية وإيران تغيير السياسة الإقليمية؟ ما مدى التأثير الذي يمكن أن تمارسه الصين في الشرق الأوسط؟ وما هو تأثير ذلك على واشنطن وحلفائها في المنطقة؟ هل ستؤدي مشاركة الصين إلى ضعف رباعي الشرق الأوسط؟ وكيف يمكن أن تؤثر على النظام العالمي الذي تقوده واشنطن؟ هذه أسئلة مهمة تتطلب مزيدًا من التحليل.

تمثل المصالحة الأخيرة بين القوتين المسلمتين؛ المملكة العربية السعودية وإيران، علامة تاريخية في سعي الشرق الأوسط لتحقيق السلام والاستقرار. يشير هذا الاختراق الكبير إلى نهاية الخصومات طويلة الأمد والوكلاء التي ابتليت بها المنطقة لسنوات.

لا يمكن المبالغة في تأثير هذا التقارب، لأنه يمثل توقفًا نهائيًا للوضع الشبيه بالحرب الباردة السائد في العالم العربي. وقد لعبت الولايات المتحدة دورًا مهمًا في التوترات بين هاتين القوتين، من خلال سياساتها التدخلية التاريخية في المنطقة.

ويضيف التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ومعارضتها لإيران أدى إلى تشكيل تحالف قوي مع السعودية، ما زاد من حدة التنافس بين القوتين المسلمتين.

 ومع ذلك، يرى التقرير أن هذا التطور الأخير يمثل فرصة فريدة للولايات المتحدة لإعادة تقييم نهجها في الشرق الأوسط. على عكس ذلك، فإن الصين كقوة عالمية هائلة وأحد المنافسين الرئيسيين للولايات المتحدة، كانت نشطة بشكل متزايد في المنطقة منذ عام 2013.

الصين كقوة استقرار

وينوه التقرير إلى أن سياسة الصين تجاه الشرق الأوسط تختلف بشكل ملحوظ عن الموقف التدخلي للولايات المتحدة، وبدلاً من ذلك تؤكد على السلام والاستقرار.

تمثل استعادة العلاقات بين السعودية وإيران مؤخرًا في 10 مارس/آذار 2023 فرصة واعدة للصين لتعزيز مصالحها في المنطقة من خلال دعم الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة والاستقرار.

يرى التقرير أن للمصالحة بين هذين الخصمين اللدودين تداعيات عديدة على المنطقة، بما في ذلك احتمال اتخاذ موقف أكثر حيادية من الحكومة السعودية تجاه التنافس بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، تقل احتمالية تصعيد الصراع في سوريا واليمن والعراق ولبنان إلى حد كبير من خلال تقليل التوتر بين هذه الدول. باختصار، يمثل إنهاء هذا التنافس بين قوتين مسلمتين اختراقًا هائلاً يوفر آفاقًا مهمة للسلام والاستقرار في المنطقة.

بالرغم من أن الاختراق الدبلوماسي الأخير بين السعودية وإيران قد وضع حدًا للتنافس طويل الأمد بينهما، لكنه يشير أيضًا إلى بداية محتملة لحرب باردة جديدة في الشرق الأوسط بين القوة العظمى الولايات المتحدة والقوة الصاعدة الصين.

وهذا التطبيع للعلاقات له تداعيات مهمة على المصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة. ومع ذلك، قد تكون مشاركة الصين في الشرق الأوسط بمثابة جسر بين السعودية وإيران، ما يسهل العلاقات الودية ويحتمل أن يغير النظام الإقليمي.

في السنوات الأخيرة، نفذت الصين سياسة خارجية استباقية تجاه الشرق الأوسط تتحدى النفوذ الأمريكي في المنطقة. وبالتالي، لمواجهة الصين في المنطقة، وضعت الولايات المتحدة الأساس لرباعي الشرق الأوسط مع الهند وإسرائيل والإمارات كشركاء رئيسيين.

وعلى النقيض من ذلك، فإن النهج الصيني المعاصر تجاه المنطقة ونجاحها في جلب هذين الخصمين الشرق أوسطيين إلى طاولة المفاوضات يمكن أن يجعل رباعي الشرق الأوسط الذي تم تشكيله مؤخرًا، بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها، غير ذي صلة.

إن التدخل الاستباقي للصين في الشرق الأوسط وتحالفها مع إيران قد يوفر مصدرًا محتملاً لدعم إيران في صراعاتها ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. ويشير هذا التطور إلى أن الصين تقيم نظامها الإقليمي الخاص بها في المنطقة العربية.

لأنه يُنظر إلى ظهور الصين كوسيط في هذه الصفقة على أنه ضربة كبيرة لقيادة الولايات المتحدة العالمية. فقد تم التأكيد على فقدان الولايات المتحدة لدورها التقليدي كشرطي عالمي من خلال النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة، ويشير إلى تراجع القوة السياسية الأمريكية على الساحة الدولية. في المقابل، يشير دور الصين المتنامي كقائد عالمي إلى تحول محتمل نحو نهج أكثر دبلوماسية لحل الصراع، على عكس تاريخ الولايات المتحدة في التدخل.

تحول سياسة الصين

يسلط هذا الاختراق الدبلوماسي الضوء على اعتبارات مهمة أخرى يجب أخذها في الاعتبار. اقترحت الهند بناء ميناء تشابهار من أجل تهميش باكستان والممر الاقتصادي بين الصين وباكستان ومع ذلك، وافقت إيران في النهاية على السماح للصين بتمديد الممر الاقتصادي الصيني لآسيا والمحيط الهادئ إلى ميناء تشابهار.

بالإضافة إلى ذلك، يُلاحظ أيضًا أن التحول في السياسة الصينية تجاه إيران حدث أيضًا تحت قيادة شي جين بينج في عام 2013، وهو أيضًا مؤسس مبادرة الحزام والطريق، ومن المحتمل أن تكون الصين قد سهلت هذه الصفقة من أجل تعزيز تطوير مبادرة الحزام والطريق في المنطقة.

ووفقا للتقرير لن يؤدي التمديد الناجح للممر الممر الاقتصادي الصيني لآسيا والمحيط الهادئ إلى ميناء تشابهار إلى تعزيز الوجود الإقليمي للصين فحسب، بل سيمكنها أيضًا من ممارسة تأثير أكبر على نقطة الاختناق الحرجة في العالم، وهي مضيق هرمز، الذي يتدفق عبره 20-30% من النفط العالمي. ولن تؤدي هذه الخطوة إلى تقييد رباعي الشرق الأوسط فحسب، بل ستحبط أيضًا خطة الهند لبناء ميناء تشابهار. ومثل هذا التطور من شأنه أن يعزز سمعة الصين كلاعب استراتيجي في المنطقة ويرفع مكانتها كقوة عالمية.

يرى التقرير أن أحد أكثر الاهتمامات إلحاحًا التي تظهر عند دراسة السياسة المعاصرة للشرق الأوسط والمشاركة الصينية في المنطقة هو احتمال أن تتمكن الصين من ضم إيران إلى تحالف البريكس. ومقارنة بالسعودية، التي تتمتع بعلاقة جيدة مع الولايات المتحدة، قد يكون انضمام إيران إلى البريكس أسهل، حيث إنها متحالفة أيديولوجيًا بالفعل مع الكتلة الصينية الروسية. إذا انضمت إيران إلى بريكس، بالإضافة إلى السعودية، فسيكون لدى كلتا الدولتين القدرة على تصدير النفط بعملات غير الدولار الأمريكي، وبالتالي إضعاف قوة الدولار البترولي وربما تعطيل النظام الاقتصادي للولايات المتحدة.

ويؤكد التقرير أن  السيناريو الحالي يثير استفسارات مهمة بشأن آفاق ديناميكيات القوة الاقتصادية والسياسية العالمية، لا سيما فيما يتعلق باستمرارية النظام العالمي بقيادة واشنطن والذي يظل عرضة لظهور نظام تقوده الصين، ويسلط الضوء على الحاجة إلى استمرار التحليل والحوار حول هذه القضايا المعقدة.

المصدر | سيد نقفي | مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين السعودية إيران الهند

القيادة المركزية الأمريكية تشكك بتنفيذ اتفاق السعودية وإيران.. وتحذر من "تغلغل" الصين

الصين لا تريد أن تكون "شرطي العالم" وستحقق السلام فقط حين يخدم مصالحها

الجارديان: أنانية أمريكا أدخلت الصين وروسيا الشرق الأوسط.. وأوكرانيا ميدان جديد

الاتفاق السعودي الإيراني.. الانقلاب الدبلوماسي الصيني يقوض النفود الأمريكي بالشرق الأوسط

جهود إنهاء الحرب باليمن.. كيف نجحت الصين فيما أخفقت فيه أمريكا؟