لـ6 أسباب.. إنجاز إيران والسعودية والصين "مهم لكن ضئيل"

الأربعاء 22 مارس 2023 08:04 ص

اتفاق السعودية وإيران لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية، بوساطة الصين، هو "إنجاز مهم لكن ضئيل" لستة أسباب.. ذلك ما خلص إليه السفير الأمريكي السابق ويليام روباك، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد دول الخليج العربية بواشنطن، في تحليل نشره المعهد وترجمه الخليج الجديد.

والأسباب الستة، وفقا لروباك، هي أنه سبق للرياض وطهران أن استعادتا علاقتهما الدبلوماسية أكثر من مرة، وأن الاتفاق لا يمثل اختراقا مقارنة باتفاقيات "إبراهيم" مع إسرائيل، ويعتبر استجابة منطقية لمعاناة السعودية في اليمن ومعاناة إيران من العقوبات.

كما أن العلاقات بين البلدين من المرجح أن تظل بين "الغليان المنخفض والغليان" بسبب التنافس الإقليمي على النفوذ، والاتفاق كان محتملا حتى بدون الصين بالنظر إلى أن الإمارات والكويت سبقتا السعودية إلى هذه الخطوة، وفي النهاية تظل الولايات المتحدة الشريك الاستراتيجي المفضل لدول الخليج العربي، بحسب روباك.

وفي 10 مارس/ آذار الجاري، اتفقت السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية) على استئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين؛ ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات، منذ أن اقتحم محتجون سفارة المملكة بطهران، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.

ولفت روباك إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين رحب بالاتفاق، قائلا إن كل ما يمكن أن يقلل التوترات ويوقف النشاط الإيراني المزعزع للاستقرار هو "شيء جيد".

اتفاقيات إبراهيم

وهذه ليست المرة الأولى، وفقا لروباك، التي تتحرك فيها السعودية وإيران لاستعادة لعلاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ أن أقامتا العلاقات لأول مرة في 1929، إذ استأنفتا العلاقات في 1946 بعد انقطاع في 1944، وفي 1991 بعد انقطاع في 1987.

وتابع: "وبالتالي، فإن الانفتاح الدبلوماسي الحالي هو عودة إلى الوضع السابق، ولا يحمل في طياته اختراقا دبلوماسيا واضحا مثل اتفاقيات إبراهيم (لتطبيع العلاقات) بين دول عربية وإسرائيل؛ مثلا عندما أُقيمت علاقات دبلوماسية بين دول لم تكن لها بينها علاقات قط".

وفي 2020 وقّعت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل لتنضم إلى مصر والأردن، وهي 6 دول عربية (من أصل 22) تقيم علاقات علنية مع تل أبيب التي لا تزال تحتل أراض ٍفي فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 1967.

وأضاف روباك أنه "مع تصميم السعودية على تخليص نفسها من تدخلها العسكري في اليمن، وحرص إيران على كسر العزلة التي تسببها العقوبات الأمريكية والدولية الخانقة، فمن المنطقي أن يرى البلدان طريقا للمضي قدما عبر إعادة العلاقات".

وعلى الرغم من الاتفاق، إلا أنه رأى أن "التنافس التنافسي الأساسي (بين البلدين)- الذي يتميز بارتفاع دوري في الاحتكاكات والاتهامات بالتدخل- من المرجح أن يظل في مكان ما بين الغليان المنخفض والغليان".

وتتهم عواصم خليجية وإقليمية وغربية طهران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها اليمن والعراق وسوريا ولبنان، بينما تقول إيران إنها تلتزم بعلاقات حُسن الجوار.

وقال روباك إنه "إذا انتهى تدخل السعودية في اليمن قريبا، فسوف يُنظر إلى الاتفاق على أنه عامل رئيسي لهذا التطور، لكنه في الحقيقة أحد أعراض الاتجاهات الجارية بالفعل وليس السبب المُعجل له".

ومنذ أكثر من 8 سنوات، يعاني اليمن من حرب مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014.

واستدرك روباك: "وحتى إذا انسحبت السعودية من اليمن، فمن غير المرجح أن تتغير الديناميكيات الأساسية للتنافس في علاقاتها مع إيران؛ ومنها المعارك بالوكالة في دول أخرى والترتيبات الأمنية الإقليمية والمخاوف بشأن برنامج إيران النووي".

وتتهم عواصم خليجية وتل أبيب وواشنطن طهران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، فيما تقول إيران إن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.

وساطة عمانية وعراقية

الجانب الأكثر أهمية في الاتفاق، وفقا لروباك، هو دور الصين في الوساطة وما تنذر به في المستقبل، لكن نطاق إنجازها لا يزال غير مؤكد، وتستعد لحصد مكاسب إذا صمد الاتفاق.

واستدرك: "لكنه يظل إنجازا ضئيلا، وكان محتملا حتى بدون مشاركتها، فقد أعادت الإمارات والكويت بهدوء العلاقات الدبلوماسية مع إيران في أغسطس/ آب 2022، دون أي وساطة صينية".

وأردف: وآنذاك "تحدث مسؤولون إيرانيون عن تطورات إيجابية في إقامة علاقات مع السعودية، دون ذكر لانخراط صيني، وأشارت وسائل الإعلام منذ ذلك الحين إلى جهود وساطة عمانية وعراقية مكثفة مهدت الطريق للجهود الصينية".

وأضاف أن "الصين أقامت علاقات اقتصادية قوية مع شركائها التجاريين الخليجيين، مما يعكس حاجتها الملحة للوصول إلى نفط المنطقة، بينما تخلصت الولايات المتحدة بشكل كبير من نفط الخليج، حيث ساعدها تطوير صناعة النفط الصخري على أن تصبح أكبر منتج للنفط في العالم".

لكنه استدرك مشددا على أن "الولايات المتحدة تظل الشريك الاستراتيجي المفضل لجميع دول الخليج العربية" في مجالات عديدة منها التقنيات والاستثمار والتعليم، بالإضافة إلى التواجد العسكري الأمريكي عبر الخليج.

المصدر | ويليام روباك/ معهد دول الخليج العربية بواشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران اتفاق علاقات الصين الولايات المتحدة تنافس

بلومبرج: الاتفاق الإيراني السعودي انتصار لطهران على حساب الرياض

حادث في 2019 كان نقطة تحول.. كيف أصبح ولي العهد السعودي أكثر براجماتية؟

رؤية أمريكية: السعودية أصبحت قوة دبلوماسية لا يستهان بها

التاريخ والأسباب والدوافع.. كيف تنظر الرياض وطهران إلى صفقة المصالحة؟

بن سلمان يهاتف الرئيس الصيني ويناقشان اتفاق السعودية وإيران

بالاتفاق مع إيران.. السعودية تتجاهل بايدن وتتحول نحو أوراسيا

جازان.. كلمة السر التي دفعت الصين لإنجاز اتفاق السعودية وإيران