سلط موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الضوء على اندفاع أثرياء دول الخليج العربية مؤخرا نحو سوق العقارات الفاخرة في نيويورك، مشيرا إلى أن "قوة الدولار" تقف وراء زيادة الاهتمام بهذا السوق بين العملاء ذوي الملاءة المالية الواسعة.

وذكر الموقع البريطاني، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن انتعاش اقتصادات الخليج بسبب ارتفاع أسعار الطاقة نتج عنه تضخم لثروات الأثرياء الذين يتهافتون الآن على شراء عقارات في مشروعات مثل ماندارين أورينتال، وهي شركة كبرى تدير مجموعة من العقارات والمنتجعات الفخمة.

ونقل الموقع عن مصادر مطلعة أن المتداولين للعملات الرقمية من شباب الخليج يقودون هذا الاندفاع نحو سوق العقارات الأمريكية، ويقدمون جميع العروض النقدية دون أي مخاوف تتعلق بالتمويل.

وأضافت المصادر أن الطلب على العقارات في مانهاتن تحديدا شهد تسارعا كبيرا منذ فبراير/شباط الماضي.

وفي السياق، قال رئيس مشاريع "نايت فرانك" السكنية الأمريكية لموقع "ميدل إيست آي": "لقد شهدنا ارتفاعًا ملحوظًا في عروض شراء العقارات"، مشيرا إلى أنه زيارته الأخيرة إلى نيويورك تزامنت مع زيادة عدد عملاء "نايت فرانك" من منطقة الخليج.

كما قال عادل عساف، وكيل مجموعة كوركوران العقارية الفاخرة: "في الثمانينات، كان لديك الروس واليابانيون. في التسعينات، أمريكا الجنوبية. الآن نوع جديد من الخليجيين يعيد اكتشاف مدينة نيويورك".

وفي حين أن المشترين الخليجيين ليسوا وحدهم في البحث عن العقارات الفاخرة في نيويورك، لكنهم يتمتعون بمزايا معينة على الأجانب الآخرين، إذ انتعشت اقتصادات دولهم بارتفاع أسعار الطاقة في وقت تتصاعد فيه أزمة الاقتصاد العالمي.

واحتلت دبي المرتبة الأولى في سوق العقارات السكنية الفاخرة، العام الماضي، حيث ارتفعت أسعارها بنسبة 44%، فيما احتلت الرياض المرتبة الثالثة بارتفاع الأسعار بنسبة 25%، وفقًا لتقرير "نايت فرانك" للثروات لعام 2023 ، الصادر في مارس/آذار الجاري.

وفي الوقت نفسه، كان سوق تداول السعودية ومؤشر ADX في أبوظبي من أفضل أسواق الأسهم أداءً في العالم العام الماضي.

ويتمتع مواطنو الخليج عمومًا بانكشاف كبير على سوق الأسهم ببلدانهم، ويمثلون 67% من أحجام التداول في "تداول" السعودية مقارنة بحوالي 25% في الأسواق الأمريكية.

وساهم ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي في تنشيط السوق العقارية الأمريكية، وهو ما علق عليه أتكينسون بالقول: "أدت قوة الدولار إلى زيادة الاهتمام بالعقارات الفاخرة في نيويورك بين عملائنا من أصحاب الثروات العالية".

فالدولار ينظر إليه كملاذ آمن في أوقات الاضطرابات الجيوسياسية، ولذا تحول المشترون الخليجيون الأثرياء إلى العقارات الأمريكية الفاخرة لتنويع محافظهم المالية، ولديهم ميزة رئيسية يتفوقون بها على باقي المشترين الأجانب، وهي أن عملاتهم الوطنية مرتبطة بالدولار، وبالتالي لم يتأثروا سلبا بسعر الصرف كما جرى في بلدان أخرى.

وقال عساف من كوركوران: "هؤلاء الأثرياء لديهم قوة شرائية لا يمتلكها نظراؤهم في أوروبا وأمريكا الجنوبية".

ويضيف أن العملاء في الخليج غالبا ما يطلبون "عدم الكشف عن هويتهم" ويسعون وراء أصول تذكارية في الغالب، تقدر قيمتها عادة بأكثر من 5 ملايين دولار.

لكن كيف يقود متداولو العملات الرقمية هذا الزخم الخليجي بالسوق العقارية الأمريكية؟ يجيب عساف، الذي يعمل حاليًا مع اثنين من العملاء المحتملين من الخليج، بأن هؤلاء ليسوا أثرياء الخليج السابقين.

وأضاف: "أحدهم تاجر عملات مشفرة إماراتي يبلغ من العمر 27 عامًا، ويتطلع إلى منزل ساحلي بقيمة 6 ملايين دولار في لونج آيلاند، به مهبط للطائرات العمودية، ويهدف إلى دفع ثمنه بالعملة الرقمية. وآخر ممول من قطر، يبلغ من العمر 30 عامًا، يضع نصب عينيه حجرًا بنيًا كلاسيكيًا من 3 طوابق".

وتابع عساف: "هؤلاء أكثر فطنة من الجيل الأكبر سنا، وأذكى بالتأكيد. وقد جمعوا الكثير من ثروات العملة المشفرة".

ورغم توالي سن القوانين الاجتماعية الليبرالية في الإمارات والسعودية، ينجذب شباب الخليج إلى أسلوب الحياة في نيويورك، وهو ما عبر عنه الشاب الخليجي، محمد، البالغ من العمر 26 عامًا ويدرس في نيويورك: "في الوطن، الجميع يعرف الجميع (..) أما هنا فيمكنك الخروج وترك حذرك. الناس في الحانة لا يحاولون تخمين اسم عائلتي. إنهم لا يهتمون".