استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أزمة السياسة الثلاثية

الأحد 26 مارس 2023 05:40 ص

أزمة السياسة الثلاثية

جسّدت حالات الفشل المصرفي الثلاث تحولا خاطئا في نظام أسعار الفائدة بأمريكا.

من الأهمية بمكان معالجة نقاط الضعف الهيكلية للاحتياطي الفيدرالي بما في ذلك ضعف المساءلة وافتقاد التنوع المعرفي.

عكست إخفاقات بنوك «وادي السيليكون»، و«سيغينتشر»، و«سيلفرغيت» سوء الإدارة والإشراف في كل من المؤسسات الثلاث.

هل اتخذت سياسة الاحتياطي الفيدرالي منحى جديدا تماما وفعّلت إجراءات استثنائية لحماية النظام المالي بعد الفشل المفاجئ لثلاثة بنوك أمريكية؟

بعد السماح بظروف مالية فضفاضة للغاية ولفترة طويلة لم يضغط المركزي على المكابح ويتخذ التشديد نهجا إلا بعد وصف خاطئ مطول ومدمّر للتضخم بأنه «مؤقت».

* * *

سارع العديد من المحللين إلى تبنّي الرأي القائل إن سياسة الاحتياطي الفيدرالي اتخذت منحى جديداً تماماً، وفعّلت إجراءات استثنائية لحماية النظام المالي بعد الفشل المفاجئ لثلاثة بنوك أمريكية.

لكن في واقع الأمر، لم تكن التطورات الأخيرة إلا تضخيماً لمأزق طويل الأمد، وترسيخاً لوضع الاحتياطي الفيدرالي القابع في فجوة سياسية عميقة، وهي تطورات ستجعل من قرار أسعار الفائدة الأمريكية، هذا الأسبوع، أكثر أهمية وترقباً بشكل خاص.

لقد عكست إخفاقات بنوك «وادي السيليكون»، و«سيغينتشر»، و«سيلفرغيت» سوء الإدارة والإشراف في كل من المؤسسات الثلاث. ما أجبر الاحتياطي الفيدرالي ووزارة العدل وهيئة الأوراق المالية والبورصات على بدء التحقيقات، والنظر أيضاً في زيادة اللوائح التنظيمية للبنوك متوسطة الحجم.

ومع ذلك، فإن هذا هو فصل يسير من الحكاية. إذ إن حالات الفشل المصرفي تلك جسّدت التحول الخاطئ أيضا في نظام أسعار الفائدة في البلاد. فبعد السماح بظروف مالية فضفاضة للغاية ولفترة طويلة جداً، لم يضغط المركزي على المكابح ويتخذ التشديد نهجاً إلا بعد وصف خاطئ مطول ومدمّر للتضخم بأنه «مؤقت».

ولا ينبغي أن يكون مفاجئاً أن هذا أوقع بعض المؤسسات في الفخ، ونتيجة لذلك هناك الآن خطر حدوث تشديد عام لمعايير الإقراض، على الرغم من حقيقة أنه بعد انهيار «إس في بي»، سارع الفيدرالي إلى فتح نافذة تمويل جذابة للبنوك مقابل الأوراق المالية عالية الجودة التي تقل قيمتها عن تلك الموجودة في السوق المفتوحة.

وهنا يواجه الاحتياطي الفيدرالي أزمة ثلاثية متمثلة في كيفية خفض التضخم، بالتوازي مع الحفاظ على الاستقرار المالي، وتقليل الضرر الذي يلحق بالنمو والوظائف. ونظراً لأن مخاوف الاستقرار المالي تتعارض على ما يبدو مع الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية للحد من التضخم المرتفع، فإن هذا الوضع يعقد عملية صنع القرار السياسي هذا الأسبوع.

إلى ذلك، بدّلت أزمة البنوك توقعات المحللين السابقة بزيادة الفيدرالي أسعار الفائدة 0.5 نقطة مئوية الأربعاء، إلى تفضيل عدم رفعها، وإجراء تخفيضات كبيرة. يأتي هذا على الرغم من تسارع التضخم الأساسي، مع شهر آخر من بيانات الوظائف الأمريكية الأفضل من المتوقع. وبالتالي، يسلط المأزق الضوء مرة أخرى على المخاطر التي تشكلها هيمنة القطاع المالي.

ولن أتفاجأ إذا ما تم خداع الفيدرالي هذا الأسبوع، والاختباء مرة أخرى خلف غطاء «الاعتماد على البيانات». فهذا النهج يؤدي إلى خيارين متضاربين: الرد على البيانات الاقتصادية الساخنة عن طريق رفع الأسعار بمقدار 0.25 نقطة مئوية؛ أو الرد على بيانات السوق بالحفاظ على الأسعار من دون تغيير، أو خفضها.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن عملية صنع القرار في الاحتياطي الفيدرالي خلال السنوات القليلة الماضية، ولسوء الحظ، قد تجعله يختار حلاً وسطاً ويترك أسعار الفائدة من دون تغيير. وسيعتقد البنك أنه بذلك سيبقي خياراته مفتوحة في وقت متقلب وغير مؤكد بشكل خاص، وقد يترك أسعار الفائدة من دون تغيير مع توجيهات السياسة المستقبلية التي تشير إلى أنه «توقف مؤقت» وليس نهاية دورة الزيادة.

لكن في اعتقادي، لن يثبت هذا الحل أنه وسط وفعال على الإطلاق بالنسبة للفيدرالي، وبدلاً من ذلك، ستزداد معضلته الثلاثية عمقاً. ستضمحل آفاق النمو بسبب تشديد معايير الإقراض، وسيتزعزع الاستقرار المالي الهش نتيجة المخاطر التي خلقتها أزمات البنوك والشركات المالية الأخرى، وسيبقى التضخم «العنيد» ثابتاً أكثر فأكثر.

وفي المقابل، لن يكون «الحل الوسط» مرساة السياسة النقدية التي تفتقدها الولايات المتحدة بشدة، وتحتاج إليها بشكل عاجل، بل سيخلق المزيد من التقلبات السياسية التي تفشل في تحقيق هبوط ناعم مع تضخيم التقلبات المالية المقلقة.

وسيؤدي كل هذا إلى أولويتين سياسيتين:

الأولى، وعلى المدى القصير، يجب على الاحتياطي الفيدرالي اتباع البنك المركزي الأوروبي في الإبلاغ بوضوح عن مخاطر استخدام السياسة النقدية لأهداف متعددة ومتنافسة، وإبراز تمايز أدوات سياسته بدلاً من الخلط بينها. كما يجب أن تزيد المعدلات بمقدار 0.25 نقطة مئوية، أي أقل من ارتفاع البنك المركزي الأوروبي بمقدار 0.5 نقطة.

الثانية على المدى الطويل، وكما تحدثت في عمود سابق، من الأهمية بمكان معالجة نقاط الضعف الهيكلية للاحتياطي الفيدرالي بما في ذلك ضعف المساءلة، وافتقاد التنوع المعرفي.

وهي بحاجة إلى إعادة صياغة «الإطار النقدي الجديد» المعتمد في عام 2020، والنظر في حالة تغيير هدف التضخم البالغ 2% ليعكس المحور الهيكلي من عالم لا يكفي فيه الطلب الكلي إلى عالم يعاني من نقص العرض.

وهذا ليس بالأمر السهل على البنك المركزي، لكنه الأفضل بكثير من أجل رفاهية أمريكا. ومن المؤكد أن الاستمرار في نهج السياسة الحالية قد فشل في تحقيق معدلات تضخم منخفضة، وأقصى قدر من التوظيف، واستقرار مالي. وهذا من شأنه أن يزيد الضغط السياسي على الاستقلال التشغيلي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

*د. محمد العريان خبير اقتصادي وكبير المستشارين الاقتصاديين لشركة أليانز

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

التضخم الطلب العرض الاحتياطي الفيدرالي السياسة الثلاثية بنوك أمريكية أسعار الفائدة الأمريكية إجراءات استثنائية النظام المالي الإطار النقدي الجديد