شراكة غير متوازنة.. إيران تفقد "الأولوية" بسياسة الصين الخارجية

الخميس 30 مارس 2023 10:28 ص

سلط الباحثان علي نجات ومحمد الهاشمي الضوء على ما اعتبراه "شراكة غير متوازنة" بين الصين وإيران، وأشارا إلى مؤشرات على أن بكين باتت تعطي دول الخليج العربي الأولوية في سياساتها الخارجية.

وذكر الباحثان، في تحليل نشره "منتدى الخليج الدولي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قام في 14 فبراير/شباط 2023 بأول زيارة رسمية له إلى الصين منذ توليه منصبه في عام 2021 للقاء نظيره، شي جين بينج.

وبينما جاءت زيارة رئيسي إلى بكين وسط توترات متصاعدة مع الغرب وإسرائيل، سعت إيران إلى مواصلة الحوار رفيع المستوى مع الصين الذي أقامه الرئيس السابق، حسن روحاني.

ووقع البلدان ما يقرب من 20 اتفاقية جديدة خلال الاجتماع، بما في ذلك اتفاقات تهدف إلى تعزيز التجارة والسياحة.

وبالإضافة إلى اتفاقيات التعاون، كانت رحلة رئيسي إلى بكين ضرورية من حيث الحصول على الدعم الخطابي من الصين في وقت تواجه فيه الجمهورية الإسلامية ضغوطًا اقتصادية وسياسية دولية متزايدة.

ورغم أن إيران ترى في الشراكة مع الصين وسيلة لتحقيق التوازن ضد الولايات المتحدة، إلا أن بكين لا ترى في شراكتها مع طهران رادعًا جديًا لواشنطن.

فالتطورات الأخيرة بمنطقة الخليج وأولويات السياسة الخارجية المتغيرة للصين تشير إلى أن بكين تقدر الشراكة مع ممالك الخليج العربية أكثر من مع إيران، المستنزفة اقتصاديًا وغير المستقرة سياسيًا.

على سبيل المثال، كانت أحدث رحلة قام بها الرئيس الصيني، شي جين بينج، إلى السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2022، للمشاركة في قمة مجلس التعاون الصيني الخليجي (GCC) مميزة ببيانها الذي أشار إلى دعم بكين لموقف الإمارات في نزاعها الإقليمي الطويل الأمد مع إيران حول جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، ما أدى إلى رد فعل عنيف من العديد من المراقبين الإيرانيين الذين شككوا في التزام الصين تجاه طهران.

وفقا للبيانات المتاحة، فإن الاقتصاد الإيراني في حالة يرثى لها، إذ تفشى التضخم بنسبة 40%، وتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي من 4.7% في عام 2021 إلى 3% في عام 2022 ومن المتوقع أن يصل إلى 2% هذا العام.

وإضافة لذلك، لا يبدو أن إيران شريك تجاري جذاب مثل منافسيها الإقليميين، فحجم التبادل التجاري بين الصين وإيران يتضاءل مقارنة بالعلاقات التجارية بين بكين والرياض، ما يشير إلى أن الاقتصاد الإيراني ليس لديه الكثير ليقدمه لبكين باستثناء النفط الرخيص.

ولذا فإن ممالك الخليج العربية الغنية في وضع يمكنها من تحقيق الشراكة مع الصين عبر مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الطاقة والتكنولوجيا والتجارة والأمن.

ومن هنا اصطحب رئيسي عشرات المسؤولين الإيرانيين إلى بكين للتأكيد على أهمية زيارته، إذ ضم وفده 6 وزراء، وكبير المفاوضين النوويين، ورئيس البنك المركزي.

وفي ظل الاضطرابات المستمرة في الداخل الإيراني، كان رئيسي آملا في جذب الاستثمارات الصينية كوسيلة لتحفيز قطاع الطاقة الإيراني، لكن هذه الآمال لم تؤت ثمارها.

وطوال عام 2022، ضخت الشركات الصينية 185 مليون دولار فقط، بما يمثل 3% من إجمالي الاستثمار الأجنبي في إيران.

وهذا لا يعد مفاجئا، إذ سبق أن أوقفت الصين تدفق الأموال إلى إيران بسبب مخاوفها من فرض عقوبات عليها، إذ سيكون لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر غير المقيدة منها إلى إيران عواقب وخيمة بالنظر إلى علاقاتها المتدهورة مع الولايات المتحدة.

وفي هذا الإطار، تُظهر بكين حماسًا أقل لتعميق شراكتها الاقتصادية مع إيران، وهو القرار الذي من المرجح أن يظل على رأس جدول الأعمال خلال السنوات القليلة المقبلة.

ومن المؤكد أن الاضطراب الاقتصادي الحالي في الجمهورية الإسلامية يفيد الصين، حيث تظل أكبر مشترٍ للنفط الخام الإيراني بأسعار أقل بكثير من متوسط السوق العالمي.

وخلال زيارة رئيسي، أكد شي جين بينج عدة مرات على استعداده للتعاون مع إيران في إطار مبادرة الحزام والطريق (BRI)، لكنه لم يقدم تفاصيل محددة أو يذكر مشروعًا ملموسًا.

ومن شأن اختلال توازن القوى بين الدولتين أن يؤدي حتماً إلى إثارة الشكوك داخل إيران بشأن نوايا بكين، خاصة أن الصينيين يرفضون الالتزام (من خلال بيان مشترك أو اتفاق) بالمبادرة بمشاريع تنموية كبرى في إيران.

ويخلص نجات والهاشمي إلى أن الصين ستواصل وضع قيود على تعاونها مع إيران، مع إعطاء الأولوية لمصالح شركائها من دول الخليج العربية الثرية.

المصدر | منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران الصين بكين طهران إبراهيم رئيسي شي جين بينغ الخليج