مودرن دبلوماسي: التعددية القطبية في الشرق الأوسط لن تحدث بين عشية وضحاها

الأحد 2 أبريل 2023 10:52 ص

"ربما يستعد الشرق الأوسط ليصبح ساحة للمنافسة متعددة الأقطاب، لكن هذه المنافسة قد لا تكون عمودية وقد لا تحدث بين عشية وضحاها".. هكذا يخلص تحليل لموقع "مودرن دبلوماسي" الذي دعا القوى العظمى أن تستجيب للواقع على الأرض من خلال الاستماع إلى القوى المحلية والتكيف مع الاهتمامات الإقليمية المتغيرة.

ويضيف التحليل: "طالما أنه لم يعد من الممكن الحفاظ على القطبية الأحادية الأمريكية، فربما يكون من الأنسب للولايات المتحدة مواكبة التغييرات الحالية لتحقيق مصالحها بأفضل طريقة".

ويشير التحليل إلى أنه "لطالما رحبت دول الشرق الأوسط بتدخل الصين في المجالات الاقتصادية، حتى زاد إجمالي تجارة الصين مع المنطقة بشكل كبير منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وهي تنمو بشكل مطرد".

ارتفعت التجارة بين الصين ودول المنطقة من 180 مليار دولار في عام 2019 إلى 259 مليار دولار في عام 2021. في وقت انخفضت تجارة الشرق الأوسط مع الولايات المتحدة من 120 مليار دولار في 2019 إلى 82 مليار دولار في 2021.

ووفق التحليل: "تجنبت الصين تاريخياً التورط في الصراعات الإقليمية أو اتخاذ مواقف مباشرة بشأن النزاعات الشائكة".

ويضيف: "بدلاً من تحدي الهيمنة الأمريكية والتفوق العسكري في الشرق الأوسط في حقبة ما بعد الحرب الباردة، استفادت الصين كقوة عظمى ثانوية، من الغطاء الأمني الأمريكي دون المساهمة فيه، ودون تكبد نفس التكلفة الأمنية مثل الولايات المتحدة، ودون مواجهة نفس المعضلات الاستراتيجية".

ومع ذلك ، يبدو أن هذا الواقع يتغير اليوم، من خلال التوسط في اتفاق لاستئناف العلاقات بين الرياض وطهران، بيتما تشرع بكين في منعطف جديد يقوم على توسيع مشاركتها في المنطقة بالانتقال من التبادل الاقتصادي إلى التفاوض على حل الخلافات.

ويتابع التحليل: "الطريقة التي تعمل بها الصين للتوصل إلى حلول تفاوضية للنزاعات عامل جذب لدول المنطقة، التي انتقدت في عدة مناسبات منذ عام 2011 الإدارات الأمريكية المتعاقبة لانسحابها الاستراتيجي من الشرق الأوسط، واستاءت من فشل التدخل الأمريكي في العراق وليبيا وسوريا ودول أخرى".

بينما تغرق الصين في خضم سياسات الشرق الأوسط وتعقيداتها، وفق التحليل، فإنها ستواجه تحديات استراتيجية من شأنها تقويض صورتها كحزب محايد، وسيعتمد نجاح استراتيجيتها الجديدة في المنطقة على الحقائق على الأرض.

ويضيف: "في المرحلة التالية بعد الوساطة، سيتعين على الصين أن تقرر الدور الذي تريد أن تلعبه في المنطقة، هل هو دور الوسيط الدبلوماسي أو الراعي العسكري أو العملاق الاقتصادي المشتت".

ويتابع التحليل: "لا يزال من السابق لأوانه توقع التحولات التي قد تتعرض لها مكانة الصين الإقليمية، لكن تحركاتها الأخيرة في دبلوماسية الشرق الأوسط تشير إلى مصالح جيوسياسية أوسع".

ويضرب مثالا على ذلك، بالقمة الصينية العربية التي عقدت للمرة الأولى بالعاصمة السعودية الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي، واتفاقيات الشراكة الاستراتيجية التي وقعتها الصين مع إيران من جهة وبعض الدول العربية من جهة أخرى.

ووفق التحليل، ليس من الواضح ما إذا كانت سياسة بكين "صفر نزاع" يمكن أن تبعدها عن الضغط الدبلوماسي لتحديد الاصطفافات الجيوسياسية النهائية، لكن سيتعين عليها أن تتنقل في هذا الجو الجيوسياسي الجديد بطرق محسوبة.

ويضيف: "قد تتسبب الصين من خلال عملها على تعزيز التقارب السعودي الإيراني، في إثارة غضب إسرائيل التي لا تتحمّس لهذا التقارب".

ويتابع: "على بكين، وهي تواصل تطبيق نهج (صفر نزاعات)، ألا تغض الطرف عن القضية الدائمة في الشرق الأوسط، أي القضية الفلسطينية، إذا أرادت الحفاظ على مصداقيتها بين الجماهير العربية".

ويزيد: "في مواجهة هذه المصالح المتضاربة، قد تتطور سياسة الصين الإقليمية القائمة على التحوط الاستراتيجي عن غير قصد إلى سياسة شاملة لموازنة القوة وضمان الأمن في الشرق الأوسط".

ويستطرد التحليل: "قد تحمل الصين الصاعدة آفاق التعددية القطبية العالمية في الشرق الأوسط، لكن سيتعين عليها مواجهة نفس المزالق التي واجهتها الولايات المتحدة والتغلب عليها، إذا أرادت إحداث تغيير ملموس في الوضع الإقليمي الراهن".

أما بالنسبة للولايات المتحدة، وفق التحليل، فلا ينبغي لها أن تنظر إلى توسيع التدخل الصيني على أنه تهديد فقط، فـ"لا تستطيع بكين ولا تريد اغتصاب دور واشنطن كقوة عسكرية مهيمنة في المنطقة".

ويضيف: "بدلاً من ذلك، فإن واقع الوضع هو أن المشاركة الجيوسياسية الموسعة للصين قد تفتح سبلًا لزيادة تعاونها مع الولايات المتحدة، من خلال الاستثمار في علاقات إقليمية محددة تفتقر إليها واشنطن".

ويضرب مثلا على ذلك بالعلاقات التجارية القوية بين الصين وإيران، و"نظرًا لأن هاتين القوتين العظميين تتماشيان مع بعض مصالحهما الأساسية في المنطقة، بما في ذلك ضمان تدفق موارد الطاقة العالمية وحرية الملاحة، فيجب على الولايات المتحدة التصرف بحكمة من خلال الامتناع عن الضغط على حلفائها العرب للدخول في شراكات حصرية".

ويختتم التحليل بالقول: "بدلاً من خوف واشنطن والمساهمة في حرب باردة في الشرق الأوسط، يجب عليها إعادة تقييم أولوياتها في المنطقة والبحث عن طرق لتحقيق نتائج إيجابية ومستقرة من المشاركة مع بكين".

المصدر | مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تعددية قطبية الصين السعودية أمريكا مودرن دبلوماسي