استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الصين إذ تستعرض عضلاتها الدبلوماسية

الاثنين 3 أبريل 2023 07:55 ص

الصين إذ تستعرض عضلاتها الدبلوماسية

إننا «في الوقت الحالي نشهد تغييرا لم نشهده منذ 100 عام، ونحن نقود هذا التغيير معا».

الرئيس شي جين بينغ لا يخفى رغبته في إعادة تشكيل النظام العالمي القائم منذ 1945.

مثلت الوساطة الصينية والدفع باتجاه تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران انقلابا دبلوماسيا صدم واشنطن.

إشارات دالة عديدة على بدء الصين نشاطا دبلوماسيا غير تقليدى فى إطار منافستها الجارية للهيمنة الأمريكية على الشئون العالمية.

اقترح الرئيس شي خطة سلام فضفاضة لأوكرانيا تكافئ العدوان الروسى والتى يعلم أن أوكرانيا لن تقبلها، ويدعو إلى احترام سيادة جميع البلدان.

نجحت الصين فى الاستفادة القصوى من حرب أوكرانيا، إذ ضمنت أن تكون روسيا تابعة لها، على ألا تكون ضعيفة لدرجة أن ينهار نظام الرئيس بوتين.

نهج الصين ليس مرتجلا بل منهجيا أيديولوجيا. فقبل نصف قرن حض الزعيم دينغ شياو بينغ قادة الصين على اتباع مبدأ «إخفاء قدراتك وقضاء وقتك»!

* * *

حمل شهر مارس إشارات دالة عديدة على بدء الصين نشاطا دبلوماسيا غير تقليدى فى إطار منافستها الجارية للهيمنة الأمريكية على الشئون العالمية.

تهدف الصين لأن يجلب لها دورها النشط دبلوماسيا المزيد من المنافع التجارية والاقتصادية وربما العسكرية فى المستقبل القريب، وهو ما يدعم جهودها للتشكيك فى الريادة الأمريكية، ونظامها الدولى الذى أنشأته عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945.

فى شهر مارس، قام الرئيس شي جين بينغ بزيارة لموسكو، سبقها بأيام طرحه «مبادرة الحضارة العالمية»، وسبق ذلك بأسبوع توسط بكين الناجح لإنهاء العداء بين السعودية وإيران.

* * *

قبل أسبوع وخلال زيارته لروسيا، قال الرئيس الصينى شي جين بينغ للرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى نهاية قمتهما التى استمرت ثلاثة أيام فى العاصمة موسكو، إننا «في الوقت الحالي نشهد تغييرا لم نشهده منذ 100 عام، ونحن نقود هذا التغيير معا».

فى الأسابيع الأولى من غزو روسيا لأوكرانيا، وضع مسؤول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل آماله فى الصين لحل الصراع. وأكد بوريل أنه لا يوجد بديل عن وساطة الصين، فالدول الأوروبية لا يمكنها لعب هذا الدور لدعمها الواسع لأوكرانيا عسكريا واقتصاديا، ولا يمكن أن تكون الولايات المتحدة وسيطا كذلك.

بعد مرور أكثر من عام، خيبت الصين الآمال فى لعب أى دور وساطة جدى، ولم تبد أى اهتمام بكبح جماح روسيا أو دفعها للانسحاب من الأراضى الأوكرانية.

نجحت الصين فى تحقيق استفادة قصوى من حرب أوكرانيا، إذ ضمنت أن تكون روسيا تابعة لها، على ألا تكون ضعيفة لدرجة أن ينهار نظام الرئيس بوتين.

كما استغلت بكين الحرب لتلميع أوراق اعتمادها كصانع سلام فى نظر العالم الناشئ، ومع التركيز على تايوان، لتقويض الشرعية المتصورة للعقوبات الغربية والدعم العسكرى كأداة للسياسة الخارجية.

اقترح الرئيس شي بسخرية خطة سلام فضفاضة لحرب أوكرانيا من شأنها أن تكافئ العدوان الروسى والتى يعلم أن أوكرانيا لن تقبلها، ويدعو إلى احترام سيادة جميع البلدان، لكنه يهمل الإشارة إلى أن روسيا تحتل أكثر من سدس جارتها.

* * *

قبل زيارته لموسكو، وفى 15 مارس، كشف الرئيس الصينى النقاب عن «مبادرة الحضارة العالمية»، فى حفل افتتاح الاجتماع رفيع المستوى لحوار الحزب الشيوعي الصيني مع الأحزاب السياسية العالمية عبر الفيديو. تجادل المبادرة بأن الدول يجب أن «تمتنع عن فرض قيمها أو نماذجها الخاصة على الآخرين وعن تأجيج المواجهة الأيديولوجية».

فى كلمته خلال الاجتماع، دعا الرئيس شى فى إطار المبادرة إلى احترام تنوع الحضارات، والدفاع عن القيم المشتركة للإنسانية، والتقدير الشديد لميراث الحضارات وابتكارها، والتدعيم المشترك للتبادلات الشعبية والتعاون على الصعيد الدولى.

وأكد الرئيس شي على أن مستقبل ومصير جميع البلدان في الوقت الراهن مرتبط بعضه بالبعض ارتباطا وثيقا، حيث يلعب التعايش والتبادل والتعلم المتبادل بين الحضارات المختلفة دورا لا غنى عنه فى تعزيز تحديث المجتمع البشرى وازدهار حديقة الحضارة العالمية.

* * *

قبل ذلك بأيام، فى 10 مارس، وبينما كانت تنشغل واشنطن بالبحث والتأريخ لغزوها للعراق قبل 20 عاما، توسطت الصين فى انفراج بين خصمين لدودين، إيران والسعودية، وهو أول تدخل فى الشرق الأوسط، سلط الضوء على نفوذ واشنطن المتراجع.

كانت إيران والسعودية عدوين شرسين منذ الثورة الإيرانية فى عام 1979. والصين هي أكبر سوق تصدير لكليهما، لذلك لديها نفوذ وحافز لمنع الحرب فى الخليج، الذى يعد أيضا أكبر مصدر للنفط. وقد يؤدى الاتفاق الذى ساعدت فى التوسط فيه إلى تهدئة حرب بالوكالة فى اليمن أسفرت عن مقتل 300 ألف شخص.

يبدو أن الحرب الروسية على أوكرانيا، والتى نتج عنها تركيز أمريكى كبير على قضية الأمن الأوروبى، دفعت السعودية إلى أن تتحرك نحو بناء علاقات خاصة مع الصين. تقليديا، كانت الرياض تتطلع إلى واشنطن للحصول على الدعم بينما تستغل طهران علاقتها بروسيا، لكن إدارة بايدن لم تبدِ اهتماما كبيرا بدعم السعودية التي تلقت ضربة قوية لبعض منشآتها النفطية عام 2019، ولم تتدخل واشنطن وترد على إيران.

مثلت الوساطة الصينية والدفع باتجاه تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران انقلابا دبلوماسيا صدم واشنطن. ويرى بعض الخبراء أن تجاهل واشنطن لتطوير إيران قدراتها العسكرية التقليدية، دفع الرياض للاقتراب من الصين التى تعد أهم وأكبر شريك تجارى لإيران.

استغلت إيران حرب أوكرانيا لرفع مستوى تجهيز جيشها نوعيا، وفى مقابل تزويد روسيا بطائرات بدون طيار وذخائر، وربما صواريخ باليستية، ستحصل إيران على طائرات مقاتلة من الجيل الرابع وأنظمة متقدمة أخرى من روسيا، بما فى ذلك دفاعات جوية متطورة يمكنها حماية مواقعها النووية.

كما أبرمت روسيا وإيران اتفاقا للقيام بالإنتاج العسكرى المشترك، وإنشاء ملاذات آمنة إيرانية على الأراضى الروسية بعيدة عن متناول أى هجوم عسكرى إسرائيلي أو أمريكي.

* * *

فى الوقت الذى تحاول فيه واشنطن احتواء الصين بالطرق التقليدية العسكرية القديمة، مثل تدشين «تحالف أوكوس» بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وإمداد الأخيرة بغواصات أمريكية متقدمة تعمل بالوقود النووى، إضافة لتشكيل واشنطن التحالف الرباعى مع الهند وأستراليا واليابان لصد الهيمنة الصينية فى منطقة المحيطين الهندي والهادي، تتحرك الصين بأدوات حديثة لفرض وجودها فى أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.

يبقى من المؤكد أن نهج الصين ليس مرتجلا، بل منهجيا وأيديولوجيا. إذ قبل نصف قرن حض الزعيم الصينى دينغ شياو بينغ القادة الصينيين على اتباع مبدأ «إخفاء قدراتك وقضاء وقتك»، إلا أن الرئيس شى لا يخفى رغبته فى إعادة تشكيل النظام العالمي القائم منذ 1945.

*محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشؤون الأمريكية من واشنطن

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

الصين السعودية إيران روسيا أمريكا دبلوماسية حرب أوكرانيا مبادرة الحضارة العالمية النظام العالمي دينغ شياو بينغ الرئيس شي تحالف أوكوس