استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الاتحاد الأوروبى على مفترق طرق!

الثلاثاء 4 أبريل 2023 08:11 ص

الاتحاد الأوروبى على مفترق طرق

هل نجح بوتين في تخليق أزمة في العلاقات الأوروبية الأمريكية؟

هل نجح الرئيس الأمريكي جو بايدن في تفكيك وحدة الاتحاد الأوروبي؟

يجري استنزاف أوروبا في حرب أوكرانيا على حساب أوضاع اقتصادية وتظاهرات صاخبة تجتاح المدن الفرنسية.

عقب انتهاء قمة الاتحاد الأوروبي الجمعة قبل الماضية تكشف وجود خلافات أوروبية عميقة تهدد وحدة الاتحاد الأوروبي.

الاتحاد الأوروبي هو الخاسر الأكبر على نحو ما كشفت القمة الأوروبية الأخيرة من انقسام حاد بين ألمانيا وباقي الدول الأوروبية خاصة فرنسا.

تتفاقمت الأزمة الأوروبية داخل الدول ضد حكومات متورطة بحرب أوكرانيا مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وعلى مستوى العلاقات بين الدول الأوروبية.

* * *

منذ أشهر، وبالتحديد عندما تفاقمت الخلافات بين أوروبا وأمريكا على أرضية تحديد سقف لأسعار الغاز والنفط في المعركة الدائرة ضد روسيا لإجبارها على وقف حربها في أوكرانيا، كان السؤال الذي يشغل الكثيرين هو:

هل نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تخليق أزمة في العلاقات الأوروبية- الأمريكية؟

لكن وعقب انتهاء قمة الاتحاد الأوروبي التي عقدت يوم الجمعة الماضي، وما تكشف عن وجود خلافات أوروبية عميقة باتت تهدد وحدة الاتحاد الأوروبي أضحى السؤال الأبرز هو:

هل نجح الرئيس الأمريكي جو بايدن في تفكيك وحدة الاتحاد الأوروبي ؟

وهو الهدف الذي ظل يشغل الأمريكيين منذ تطلعهم ليكونوا قوة عالمية إمبراطورية بإزاحة كل من يقف في طريقها لتحقيق هذه الغاية حتى لو كان أهم حلفائها، أي الاتحاد الأوروبي.

في ذلك الوقت ظهرت وثيقة أمريكية نسبت إلى جماعة «المحافظين الجدد»، وخاصة من كانوا على رأس وزارة الدفاع الأمريكية طالبت بعرقلة التوحد الأوروبي ومنع أوروبا من امتلاك «هوية أمنية مستقلة» تأخذ الأمن الأوروبي خارج سيطرة حلف شمال الأطلسى (الناتو).

واضح أن حرب أوكرانيا حققت للأمريكيين ما كانوا يحلمون به منذ عقود مضت وهو إزاحة كل من يقف أمام التفرد الأمريكي. فمن خلال الحرب الأوكرانية يجري استنزاف قدرات روسيا بحيث ستكون روسيا بحاجة إلى عقود قادمة لتعويض ما خسرته من قدرات، وهذا بدوره سيحدّ من قدراتها المطلوبة للتحول إلى قوة عالمية قادرة على المنافسة إلى جانب الصين والولايات المتحدة.

الأمر ذاته يحدث الآن لأوروبا التي يجري استنزافها أيضاً في حرب أوكرانيا على حساب الأوضاع الاقتصادية والتظاهرات الصاخبة التي تجتاح المدن الفرنسية.

هذه الأيام التي شهدت إحداها إقدام المتظاهرين على تمزيق علم حلف الناتو وإطلاق شعارات من نوع: «لا طائرات ولا صواريخ لأوكرانيا» و«لنخرج من الناتو» و«ماكرون لا نريد حربكم» و«لا للحرب العالمية الثالثة»، هي أكبر دليل على عمق التحولات التي تحدث في الرأي العام الأوروبي ضد استمرار الحرب واستنزاف أوروبا. الأزمة الأوروبية الراهنة باتت متعمقة على مستويين:

الأول على مستوى داخل الدول ضد نظم الحكم المتورطة في حرب أوكرانيا على نحو الحال في فرنسا وبريطانيا وألمانيا،

والثاني على مستوى العلاقات بين الدول الأوروبية،

والمحصلة هي أن الاتحاد الأوروبي هو الخاسر الأكبر على نحو ما تكشف في القمة الأوروبية الأخيرة التي شهدت انقساماً حاداً بين ألمانيا من ناحية وباقي الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا، من ناحية ثانية.

انقسام يحقق للأمريكيين ما كانوا يحلمون به من الحيلولة دون تحول الاتحاد الأوروبي إلى قوة قادرة على الاستغناء عن أمريكا، بل ومنافستها على الزعامة العالمية. الآن باتت أوروبا من الضعف والانقسام للدرجة التي تحول دون تجدد ظهور مثل هذا الأمل الذي كانت تبشر به فرنسا من أيام الرئيس الراحل شارل ديغول.

انقسم الأوروبيون داخل القمة الأوروبية الأخيرة حول موضوعي ملفي الهجرة وتزايد المطالب الداعية إلى «وضع حد لسيل الإمدادات العسكرية إلى أوكرانيا، والتركيز أكثر على المسار الدبلوماسي الساعي لفتح ثغرة في جدار المفاوضات الذي مازال عصيّاً على أي اختراق منذ 13 شهراً مضت على تفجر الحرب في أوكرانيا».

لكن ظهرت قضية أكثر أهمية، وهي ظهور ألمانيا على عكس ما كانت عليه طوال العقود الماضية من عمر الاتحاد الأوروبي، وبدت كأنها «لم تعد القوة الضامنة للتوازن والاعتدال والتزام القواعد الأساسية التي يقوم عليها الاتحاد» بإصرارها على فرض مطالب ألمانية بحتة على شركائها في الاتحاد دون اعتبار لمردود ذلك على تماسك الاتحاد ووحدته.

فقد شهدت الجلسة الأخيرة من تلك القمة، مواجهة حادة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ترأس الاجتماع وبين المستشار الألماني أولاف شولتس، تميزت بقسوة غير معهودة بين الطرفين بعد أن رفضت ألمانيا الموافقة على اقتراح المفوضية الأوروبية منع إنتاج وتشغيل السيارات التي تعمل بمحركات هيدروكربونية (بنزين وغاز) بدءاً من عام 2035.

لكن المشكلة الأكبر تتبلور في خطورة أن تسلك دول أوروبية أخرى ذات مسلك ألمانيا، الأمر الذي من شأنه أن يشلّ عمل المفوضية الأوروبية، خاصة في ظل تنامي الخلاف حول أزمة أوكرانيا، بين من يسيرون خلف أمريكا بضرورة استمرار القتال ضد روسيا حتى تستسلم وتنسحب من دون شروط خاصة دول شرق أوروبا، وبين من يبحثون عن نقطة ضوء للبدء في مفاوضات لوقف الحرب خاصة موقف فرنسا المؤيد للمبادرة الصينية. إنها انقسامات تضع الاتحاد الأوروبي على مفترق طرق.

*د. محمد السعيد ادريس خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

أوروبا أمريكا روسيا انقسام ألمانيا فرنسا حرب أوكرانيا القمة الأوروبية الاتحاد الأوروبي سقف أسعار النفط والغاز