رؤية أمريكية: السعودية تتجنب نجاح ثورة ديمقراطية في إيران

السبت 8 أبريل 2023 06:43 م

اعتبر الكاتب الأمريكي مارك كاتز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج ماسون بالولايات المتحدة، أن السعودية بتطبيع علاقاتها مع طهران تحاول أن تتجنب تداعيات احتمال نجاح "ثورة ديمقراطية" في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وبوساطة صينية، وقَّعت السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية) في 10 مارس/ آذار الماضي اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يتصارعان على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط.

وفي يناير/ كانون الثاني 2016، قطعت السعودية العلاقات مع إيران؛ إثر اقتحام محتجين سفارة المملكة بطهران وقنصليتها في مشهد (شرق)، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.

كاتز تابع، في مقال نشره موقع "ذا هيل" (The Hill) الأمريكي وترجمه "الخليج الجديد"، أن "الصين سهلت فقط اتفاقا كانت الرياض وطهران تعملان عليه منذ فترة طويلة".

واعتبر أن "التطبيع السعودي الإيراني ليس تقاربا كما زعم الكثيرون، فلا تزال الرياض تنظر إلى طهران على أنها تهديد".

واستدرك: "لكن على عكس الماضي، عندما كانت الرياض تميل إلى النظر إلى إيران على أنها خصم عنيد لا يلين، فإن ما يعنيه اتفاق التطبيع هو أن السعوديين يرون الآن في إيران تهديدا يمكن التحكم فيه".

احتجاجات إيران

"ولا تزال طهران تفعل أشياء لا تحبها الرياض في العراق وسوريا ولبنان واليمن، لكن الرياض تدرك أيضا أن قادة الجمهورية الإسلامية يواجهون احتجاجات واسعة النطاق من المواطنين الإيرانيين، وخاصة الشابات، وهو شيء يمكن أن يمتد إلى المملكة"، وفقا لكاتز.

وإثر مقتل الشابة مهسا أميني بعد ثلاثة أيام من اعتقالها من طرف شرطة الأخلاق الإيرانية، اندلعت في سبتمبر/ أيلول الماضي احتجاجات شعبية مناهضة للنظام الحاكم في العديد من مناطق البلاد؛ مما أدى إلى توقيف الآلاف ومقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر الأمن.

وتابع كاتز: "بينما كان لدى السعودية سببا للخوف من إيران في الماضي، إلا أن المملكة ليس لديها مصلحة في الإطاحة بآيات الله (النظام الحاكم في إيران) على يد حركة معارضة ديمقراطية".

وأردف: "مثلما ألهمت الإطاحة بالشاه عام 1979 من جانب القوى الإسلامية حركات المعارضة الإسلامية في الدول الإسلامية المجاورة، فإن نجاح الثورة الديمقراطية في إيران يمكن أن يلهم صعود قوى المعارضة الديمقراطية في السعودية وغيرها من الأنظمة الاستبدادية العربية"، على حد قوله.

واستطرد: "تمتلك السعودية وغيرها من الأنظمة الاستبدادية العربية وسائل كثيرة لقمع المعارضة الداخلية، لكن الرياض تفضل منع صعود مثل هذه القوى داخل المملكة وأن لا تضطر إلى القيام بالمهمة المكلفة والفوضوية وغير المؤكدة لقمعها".

تطرف إسرائيل

قد يكون الدافع الآخر للرياض في السعي إلى التطبيع مع طهران، بحسب كاتز، هو "إبعاد نفسها عن رئيس الوزراء الإسرائيلي المناهض بشدة لإيران بنيامين نتنياهو واحتمال شن ضربات إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما هدده نتنياهو".

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية غير خاضعة للرقابة الدولية، وهي تتهم طهران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول إيران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية بما فيها توليد الكهرباء.

وأضاف كاتز أنه "من خلال تطبيع العلاقات مع إيران قد يرسل السعوديون إشارات إلى إسرائيل بأنهم لن يدعموا أي عمل من هذا القبيل، وربما يسعون أيضا إلى تجنب التورط في أي أعمال عدائية متصاعدة بين إسرائيل وإيران".

واعتبر أن "المنافسة السعودية الإيرانية على النفوذ في سوريا ولبنان والعراق واليمن لن تنتهي نتيجة استئناف العلاقات الدبلوماسية والزيارات بين القادة السعوديين والإيرانيين".

وزاد بأن "التقارير حول التحسن الوشيك في العلاقات بين السعودية ونظام بشار الأسد المدعوم من إيران في سوريا قد لا تكون علامة على التقارب السعودي الإيراني ولكن المنافسة المستمرة".

وفي 2011 شرع نظام الأسد في قمع احتجاجات شعبية مناهضة له تطالب بتداول سلمي للسلطة، مما زج بسوريا في حرب أهلية مدمرة.

ولفت كاتز إلى أن إيران وروسيا ساعدتا الأسد في الفوز بالحرب ضد خصومه الداخليين، الذين  كانوا مدعومين من السعودية وآخرين، لكن تطبيع العلاقات بين السعودية والدول العربية الأخرى وسوريا قد يشير إلى نية لإحلال السلام عبر دعم الاقتصاد (السوري)، وهو ما لا تستطيع إيران ولا روسيا تقديمه.

وقال كاتز إنه "ليس معروفا بعد إذا كان استعداد السعودية لتطبيع العلاقات مع إيران وسوريا سيؤتي ثماره للرياض".

واستدرك: "لكن ما هو واضح هو أنه بينما تركز الولايات المتحدة وإسرائيل على منع إيران من أن تصبح أقوى مما هي عليه، فإن السعودية تركز على إدارة التهديدات والفرص التي تواجهها الرياض والتي قد تنجم عن ضعف إيران".

المصدر | مارك كاتز/ ذا هيل- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران ثورة ديمقراطية تطبيع علاقات إسرائيل منشآت نووية