سلّط موقع "بي بي سي"، الضوء على الظهور والاختفاء المفاجئ للعشرات من الوثائق الأمريكية السرية التي تم تسريبها وتداولها عبر الإنترنت.

وطرح الموقع سؤالا رئيسيا وهو: "من أين أتت تلك الوثائق؟"، مشيرا إلى أنها اختفت أو على الأقل يمكن القول إن العثور على نسخها الأصلية أصبح أمرا صعبا، حيث أن المتاح منها معدل وذو جودة رديئة.

وتضمنت الوثائق المسربة معلومات خاصة بالجيش الأمريكي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) مرتبطة بالحرب الروسية في أوكرانيا.

محاولا الإجابة عن السؤال حول مصدر الوثائق، جمع الموقع معلومات وتفاصيل على الطريقة التي ظهرت بها أول مرة، وأين انتشرت، ومن كان يناقش تفاصيلها على الإنترنت.

بداية الظهور

في 1 مارس/آذار المنصرم، ظهرت نسخ من هذه الوثائق على منصة "ديسكورد"، وتم مناقشتها على العديد من قنوات المنصة الاجتماعية المذكورة المتخصصة في الألعاب.

هذه القنوات، كما ذكر، مخصصة لهواة الألعاب مثل "Minecraft"، وأيضا محبي المشاهير الفلبينيين على "يوتيوب"، وليس لها أي علاقة بالسياسية أو الاستخبارات العسكرية.

بإحدى القنوات، بعدما تم مناقشة موجز حول "Minecraft" والحرب في أوكرانيا، قال مستخدم أطلق على نفسه اسم "here" (هنا): "لدينا بعض المستندات المسربة" ونشر عدة صورة ضوئية لتلك المستندات.

وزعم أحد الأشخاص الموجودين في مجموعة الدردشة أنه التقط الصور من قناة أخرى على "ديسكورد"، والتي تم حذفها منذ ذلك الحين؛ مما يجعل من المستحيل التحقق منها.

ووثق الموقع الاستقصائي "Bellingcat" أدلة على أنه كان من الممكن نشر بعض الوثائق في يناير/ كانون الثاني أو حتى قبل ذلك.

ظلت هذه الوثائق على "ديسكورد" غير مكتشفة إلى حد كبير، قبل أن تنتشر إلى منصات أخرى في أوائل أبريل/نيسان، وفي النهاية تم التقاطها من قبل المسؤولين الأمريكيين والصحافة الرئيسية.

في 5 أبريل/نيسان، ظهرت لقطات شاشة للوثائق على موقع "فورتشان" (4chan) للصور، وتم نشر صور ضوئية من الوثائق بواسطة مستخدمين مجهولين أثناء مناقشة حول العدد الدقيق للضحايا الأوكرانيين والروس الذين سقطوا في الحرب التي بدأت في فبراير/شباط العام الماضي.

بعد ساعات قليلة فقط، بدأت هذه الوثائق بالظهور على قنوات "تليجرام" الموالية للكرملين، كما التقطها مدونون عسكريون بارزون.

تم تعديل وتحرير إحدى الصور، التي تداولتها القنوات الروسية على نطاق واسع - لتقليل عدد القتلى من القوات الروسية وتضخيم الخسائر الأوكرانية.

بحلول السابع من أبريل/نيسان، كانت الوثائق متداولة أيضًا على بعض منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية، مثل "Twitter وReddit".

في البداية، لم تركز قنوات "تليجرام" الموالية للكرملين، والتي شاركت لقطات الشاشة كثيرًا، في مصداقية الوثائق المسربة، وركزت بشكل كبير على محتواها.

لكن سرعان ما بدأت العديد من القنوات ووسائل الإعلام البارزة في التشكيك في الوثائق، واعتبارها أنها مزيفة جزئيًا على الأقل.

ونقل موقع "ريجنوم" الإخباري عن خبير قوله إن الوثائق قد تكون تسريبًا متعمدًا يهدف إلى توفير ستار دخان للهجوم الأوكراني المضاد القادم.

على التلفزيون الحكومي، قال يوري بودولياكا، أحد المعلقين الحربيين البارزين، إن هذه "معلومات مزروعة" تهدف إلى تضليل روسيا بشأن الهجوم المضاد.

لا تزال لقطات شاشة متعددة للمستندات - غالبًا ذات جودة رديئة - متداولة على "تويتر" و"تيلجرام" و"ريديت".

لكن من الصعب العثور على النسخ الأصلية، اختفت الآن الكثير من النسخ الأصلية من الدردشات التي ظهرت فيها لأول مرة.

كما قام المستخدمون الذين شاركوا صورا ضوئية من تلك الوثائق على "ديسكورد" و"تلجرام" و"تويتر"، إما بمحو تلك المشاركات أو حذف ملفاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي تمامًا.