استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حين صار «ترامب» شهيدًا!

الأربعاء 12 أبريل 2023 06:32 ص

حين صار «ترامب» شهيدًا!

اعتبرت كبرى المنظمات الدينية أن ترامب «يعانى الآلام بدلا منهم»، ودعت جمهورها للدعاء له.

إدانة ترامب لا تحرمه دستوريًا من الترشح للانتخابات. وهى إدانة تفيده لدى جمهوره. ولكنها تنذر بمزيد من العنف بالولايات المتحدة.

لم يكن هناك ما هو أفضل لترامب من أن يتم توقيفه في أسبوع الآلام الذى يسبق عيد القيامة المجيد. فهو يمنح جمهوره الأصولى فرصة لاعتباره شهيدًا.

«إنهم لا يلاحقوننى بل يلاحقونكم أنتم. فأنا العائق فى وجه ملاحقتكم». وأضاف أن حملته لعام 2024 هى فرصتهم الأخيرة لإنقاذ أنفسهم وإنقاذ أمريكا.

ترامب: إن حملة 2024 «هى المعركة الأخيرة»، «فى عام 2016 قلت لكم إننى صوتكم. أما اليوم فأقول إننى محاربكم. أنا العدل. ولمن تمت خيانتهم وظلمهم فأنا انتقامكم».

* * *

ربما لم يلحظ الكثيرون الدلالة الرمزية المهمة التى انطوى عليها أول مهرجانات ترامب الانتخابية. فالمكان والزمان وما قاله هناك، كلها رسائل شفرية لا تخطئها العين موجهة لجمهوره وحده دون باقى الأمريكيين.

أما المكان فكان مدينة ويكو بولاية تكساس، والزمان يأتى فى شهور الصوم قبل عيد القيامة المجيد. وخطاب ترامب فى ذلك اليوم كان أول إعلان عن احتمال توقيفه بتهمة جنائية.

ومدينة ويكو لها دلالتها الخاصة لدى اليمين المتطرف. ففيها حدثت عام 1993 واقعة شكلت جوهريًا جيلًا بأكمله منهم. كان ذلك فى عهد كلينتون الذى تعهد بتقييد اقتناء الأفراد للسلاح.

ومدينة ويكو كانت مقرًا لطائفة دينية تسمى «الفرع الداوودي»، بقيادة ديفيد كوريش، الذى أعلن نفسه نبيًا يمهد لعودة السيد المسيح. وكان يعد أتباعه «لحرب قادمة». لذلك كان مقر الطائفة مدججًا بالسلاح والمتفجرات، فسعت السلطات الفيدرالية لمصادرتها.

لكنها بدلا من تنبيه الطائفة بدخول المبنى، اقتحمته عناصر الأمن، فأسفر تبادل إطلاق النار عن قتلى من الجانبين، فأُعلنت «هدنة» حاصرت خلالها السلطات المقر لما يقرب من ستة أسابيع أملًا فى استسلام الطائفة وتسليم الأسلحة.

لكنه كان أملا زائفًا لأن السلاح كان معدًا لمعركة تؤمن الطائفة بأنها تمهد لعودة السيد المسيح. وحين كررت السلطات اقتحام المبنى اندلع حريق هائل أدى لمقتل كل من فيه، بمن فى ذلك عشرات الأطفال.

وقد كانت الواقعة بمثابة لحظة فارقة للجماعات التى لا تعترف بالحكومة الفيدرالية أصلًا، وترى حمل السلاح ضرورة ملحة لمواجهتها، ولجماعات التفوق الأبيض، عمومًا، التى تعتبر أمريكا أمة مسيحية بيضاء.

وكلها اعتبرت ما جرى بداية لممارسات مماثلة للحكومة الفيدرالية ضدهم جميعًا مما أدى لإحياء حركات الميليشيا التى كانت مسؤولة لاحقًا عن تفجير مبنى فيدرالى فى ولاية أوكلاهوما عام 1995 ومقتل أكثر من 160 شخصًا.

وتلك الجماعات المتطرفة تختلط لديها تلك الأفكار بنظريات المؤامرة التى تعتبر أن النخب الليبرالية واليهود يسعون لاستبدال المهاجرين والسود بسكان أمريكا البيض وخلق حكومة عالمية تحكم أمريكا من الأمم المتحدة وتحول البيض لعبيد! لذلك كله، كان اختيار ترامب لمدينة ويكو مقصودًا.

وقد ذكرنى اختياره للمدينة بالرئيس ريغان حين اختار أن يبدأ حملته ضد كارتر 1980 بالمدينة التى شهدت فى 1964 مقتل ثلاثة من السود على يد المتطرفين البيض، وتحدث فيها عن «حقوق الولايات».

وهى لغة مشفرة تعنى التراجع عن الحقوق المدنية. فلطالما استخدم الجمهوريون، منذ نيكسون، تلك اللغة الشفرية التى تحمل رسائل للمتطرفين.

أما عن التوقيت، فلم يكن هناك ما هو أفضل لترامب من أن يتم توقيفه فى أسبوع الآلام الذى يسبق عيد القيامة المجيد. فهو يمنح جمهوره الأصولى فرصة لاعتباره شهيدًا.

ومن خلال كلمته التى ألقاها فى ويكو، برع ترامب فى استغلال المناسبة. فهو قال لجمهوره: «إنهم لا يلاحقوننى وإنما يلاحقونكم أنتم. فأنا العائق فى وجه ملاحقتكم». وأضاف أن حملته لعام 2024 هى فرصتهم الأخيرة لإنقاذ أنفسهم وإنقاذ أمريكا.

وبلغة مشفرة، قال لهم إن حملة 2024 «هى المعركة الأخيرة»، مضيفًا: «فى عام 2016 قلت لكم إننى صوتكم. أما اليوم فأقول إننى محاربكم. أنا العدل. ولمن تمت خيانتهم وظلمهم فأنا انتقامكم». وبالفعل اعتبرته كبرى المنظمات الدينية «يعانى الآلام بدلا منهم»، ودعت جمهورها للدعاء له.

وإدانة ترامب لا تحرمه دستوريًا، بالمناسبة، من الترشح للانتخابات. وهى إدانة تفيده لدى جمهوره. ولكنها تنذر بمزيد من العنف بالولايات المتحدة.

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

أمريكا ترامب العنف لغة مشفرة أمة مسيحية بيضاء أسبوع الآلام عيد القيامة نظرية المؤامرة