استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أكذوبة انهيار الدولار!

السبت 15 أبريل 2023 10:16 ص

أكذوبة انهيار الدولار

تستعد مصر لإصدار سندات باليوان فيما أعلن "المركزي" العراقي نية السماح بتسوية تجارة الواردات مع الصين باليوان.

الصين تستثمر احتياطياتها من النقد الأجنبي والتي تتجاوز 3.1 تريليونات دولار لدى البنوك الأميركية وفي السندات وأذون الخزانة الدولارية.

محاولات حثيثة من دول كبرى لاستبدال معاملات الدولار بالعملات المحلية فتخلت الصين عن التعامل بالدولار مع روسيا وباكستان ودول أخرى.

قوة الدولار قد تهتز حال دخول الاقتصاد الأميركي حالة ركود، وتراجع سعر الفائدة على الدولار لتعود إلى ما كانت عليه قبل اندلاع حرب أوكرانيا

هناك فرصة لإضعاف الدولار على المدى البعيد، فقوة الدولار مرتبطة بشكل أساسي بالنفوذ السياسي الأميركي وقوة أميركا العسكرية والاقتصادية والمالية،

* * *

يحلو لبعض التحليلات الحديثة أن تذهب سريعا إلى نتيجة مفادها قرب أفول نجم الدولار الأميركي وطيّ عصر الورقة الخضراء للأبد، بل وانتهاء عصر "بريتون وودز"، وهو النظام الذي أقرته القوى الكبرى في يوليو/تموز 1944 وجعل العملة الخضراء عملة احتياط عالمية.

ويروق لهؤلاء التأكيد على أن عصر اليوان الصيني قادم، وأن عملة التنين الأصفر ستتمكن قريبا من إزاحة العملة الأميركية بالضربة القاضية، بل يؤكد هؤلاء أن اليوان أزاح الدولار بالفعل في التعاملات المالية بروسيا، وبدأ ما لا يقل عن 12 دولة في أميركا الجنوبية تجارب للتخلي عن الدولار.

وتخلت الصين نفسها عن التعامل بالدولار مع روسيا وباكستان وعدة دول أخرى. كما تخلت مجموعة أخرى من الدول عن الدولار في العلاقات التجارية الثنائية، واستخدام عملتي الدولتين المحليتين.

ويبني هؤلاء تحليلاتهم ونتائجهم على عدة مؤشرات، منها توسع البنوك المركزية العالمية في حيازة الذهب، وتقليص نسبة الدولار في سلة الاحتياطي النقدي، وتخلي بعض الدول عن استخدام الدولار في المعاملات التجارية الثنائية، وأحدث مثال على ذلك اتفاق الصين والبرازيل على استخدام اليوان والريال في عمليات التبادل التجاري، واتفاق الهند وماليزيا على استخدام الروبية في التعاملات التجارية، كما تتعامل الهند حالياً مع روسيا بالروبية والروبل.

ومن بين المؤشرات التي يستند إليها هؤلاء كذلك الخطوات التي تقوم بها دول الاقتصادات الصاعدة مثل الصين وروسيا الهند لتدويل عملاتها في الأسواق العالمية، وتعميق التعامل بعملتها الوطنية في التجارة الدولية، حيث اتفقت الصين مثلا مع عدة دول على أن يكون جزء من المعاملات التجارية والسياحية وتبادل العملات بينها باليوان وليس بالدولار مثل مصر وتركيا.

وفي إطار الضغط على الدولار أتمت الصين أول صفقة للغاز الطبيعي المسال باليوان في شانغهاي يوم 29 مارس الماضي، كما أعلنت روسيا، التي تتعرض لعقوبات غربية قاسية بسبب غزوها أوكرانيا، على لسان فلاديمير بوتين، دعمها استخدام اليوان في العمليات الحسابية بين موسكو ودول آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

وتبحث دول رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان"، وهي قوة اقتصادية صاعدة، هي الأخرى التقليل من الاعتماد على الدولار في المبادلات التجارية، وتتجه للتعامل بالعملات الوطنية فيما بينها. وإن تمت هذه الخطوة فإنها ستشكل ضغطا كبيرا على العملة الأميركية المحتكرة للتعاملات الدولية، خاصة وأن تجمع آسيان يصنف على أنه سابع أكبر اقتصاد في العالم.

وكثفت دول مثل بنغلادش وكازاخستان ولاوس مفاوضاتها مع الصين لتعزيز استخدام اليوان في التعاملات التجارية، كما بدأت الهند منذ أشهر قليلة في تأمين آلية دفع ثنائية مع الإمارات بالروبية.

وعربيا تستعد مصر لإصدار سندات باليوان، فيما أعلن البنك المركزي العراقي أنه سيسمح بتسوية تجارة الواردات مع الصين باليوان. واتخذت الإمارات خطوة نحو بيع منتجات الطاقة بالعملة الصينية، علما بأن السعودية كانت سبّاقة في عدم ممانعتها تسعير جزء من نفطها باليوان.

هذه الخطوات وغيرها التي تقوم بها دول كبرى وتعمل على توفير بديل للدولار وبناء نظام مالي مستقل تماماً عن سيطرة الولايات المتحدة، ومتحرر من هيمنة العملة الأميركية، لا يجب التقليل منها خاصة مع زيادة وتيرتها في الفترة الماضية، لكن هناك مبالغة شديدة في تحقق تلك التوقعات المتعلقة بانهيار العملة الأميركية وافول نجمه.

فالحقيقة أن الدولار يقوى هذه الأيام يوماً بعد يوم، وأن العملة الأميركية زاد بريقها والاستثمار بها عقب موجة التضخم العالمية، وزيادة المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية، ورفع سعر الفائدة 9 مرات خلال عام، وتوقعات بمواصلة البنك الاحتياطي الفيدرالي سياسة رفع سعر الفائدة والتشدد النقدي في إطار محاربة التضخم.

كما أن الحقيقة تقول إن الدولار لا يزال هو عملة الاحتياطي الدولية لدى معظم البنوك المركزية، وأن البنوك عادت إلى الاحتماء في العملة الأميركية مع الضربات التي تلقتها العملات الرئيسية المنافسة، ومنها الإسترليني والفرنك السويسري واليورو والين الياباني.

ولا يزال الدولار عملة تسعير المعادن والسلع الرئيسية حول العالم مثل الغاز الطبيعي والنفط والحبوب والذهب والفضة والبورصات وتسوية التعاملات المالية وغيرها، وليس هناك بديل مقبول حتى الآن.

بل إن الصين نفسها تستثمر احتياطياتها من النقد الأجنبي والتي تتجاوز 3.1 تريليونات دولار لدى البنوك الأميركية وفي السندات وأذون الخزانة الدولارية، وليس لديها أي استعداد لخسارة أي جزء من هذا المبلغ الضخم، أو تعريضه لمخاطر المصادرة والتجميد كما فعلت الولايات المتحدة مع روسيا عقب غزو أوكرانيا حيث جمدت أكثر من 300 مليار دولار من احتياطياتها النقدية المودعة في البنوك الغربية.

أيضا دول الفوائض المالية تستثمر أموالها في الدولار مثل النرويج، صاحبة أكبر صندوق سيادي في العالم، ودول الخليج التي تمتلك سيولة نقدية تتجاوز تريليوني دولار، وكذا اليابان وغيرها من الدول ذات الاحتياطيات الضخمة.

اأما اليوان الذي يتوهم البعض قدرته على منافسه الدولار في القريب العاجل فلا يزال يحبو، فحصة العملة الصينية في الاحتياطيات الرسمية من النقد الأجنبي حول العالم بلغت 2.8% فقط في الربع الأخير من عام 2021، وهو مستوى ضعيف مقارنة بهيمنة الورقة الخضراء.

إزاحة الدولار عن عرشه يحتاج إلى مزيد من الجهد والوقت من قبل الدول والتكتلات الاقتصادية، وربما تفتح الأجواء الحالية الباب أمام إيجاد عملة دولية بديلة للدولار، فالولايات المتحدة توسعت في السنوات الماضية في استخدام عملتها كسلاح سياسي واقتصادي وفرض عقوبات قاسية، وهو ما أدى الى حدوث ضغوط شديدة على بعض الدول ومنها روسيا وإيران.

ومن المتوقع أن تشن الولايات المتحدة حربا شرسة على الصين في محاولة للحد من نفوذها الاقتصادي والحيلولة دون احتلاها قائمة الدول الأقوى اقتصاديا في العالم وازاحتها عن هذا الموقع، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبا على اليوان.

لكن في المقابل فإن هناك فرصة لإضعاف الدولار على المدى البعيد، فقوة الدولار مرتبطة بشكل أساسي بالنفوذ السياسي الأميركي وقوة أميركا العسكرية والاقتصادية والمالية، وثقة حكومات العديد من الدول والمؤسسات بقوة وتنوع الاقتصاد الأميركي وتدفق الاستثمارات الأجنبية عليه، وأحيانا الثقة شبه المطلقة في الدولار كعملة آمنة وقليلة المخاطر وتحوط من الأزمات.

قوة الدولار قد تهتز في حال دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود، وتراجع سعر الفائدة على الدولار لتعود إلى ما كانت عليه قبل اندلاع حرب أوكرانيا، وتفاقم أزمة الدين العام الأميركي الذي تجاوز 31 تريليون دولار، وربما تكون الضربة القاضية في حال توقف الولايات المتحدة عن سداد ديونها.

*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا الصين أميركا الدولار سعر الفائدة ركود الاحتياطي النقدي اليوان الصيني المضاربة في العملات تجارة العملات

رغم محاولات تقويضه.. الدولار لا يزال ملكا على اقتصاد العالم