استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

البرازيل تعود بقوة إلى المشهد الدولي.. لماذا تنزعج واشنطن؟!

الثلاثاء 25 أبريل 2023 01:49 م

البرازيل تعود بقوة إلى المشهد الدولي.. لماذا تنزعج واشنطن؟!

يمسك دا سيلفا بمفاتيح قضية البيئة والتغير المناخي بوصفه المسؤول الرسمي على سلامة رئتي الكوكب، غابات الأمازون في البرازيل.

أفصح دا سيلفا عن أن أهمّ أولوياته الدبلوماسية هو كسر الجمود والعزلة التي فرضها الرئيس السابق جايير بولسنارو على بلاده لأسباب اعتباطية.

تحركات تترجم في مجملها شعار السياسة الخارجية الذي اتخذه الرئيس دا سيلفا "عودة البرازيل"، بما يحمله من معان تشمل المجالين الاقتصادي والدبلوماسي.

* * *

منذ عاد الرئيس لولا دا سيلفا لتولّي رئاسة البرازيل في يناير الماضي، أفصح عن أن أهمّ أولوياته الدبلوماسية، هو كسر الجمود والعزلة التي فرضها الرئيس السابق جايير بولسنارو على بلاده لأسباب اعتباطية.

وقد جاء حصاد المائة يوم الأولى لرئاسته إيجابيًّا، ليؤكد الشروع في إنجاز هذه الأولوية بشكل واثق ومكثّف، ولعلّ زيارته إلى أميركا في شهر فبراير الماضي، ثم الصين ومن بعدها الإمارات العربية الأسبوع الماضي، كانت الترجمة الأوضح لحرص دا سيلفا على استعادة مكانة البرازيل في المشهد الدولي.

وزيادة على المحطات الثلاث المذكورة، فقد شارك الرئيس البرازيلي في قمم إقليمية ودولية على غرار قمة "سيلاك" بالأرجنتين ومنتدى دافوس بسويسرا، واستقبل وزير خارجية ألمانيا، ثم وزيرة الخارجية الفرنسية وممثلين آخرين عن بلدان الجوار خلال المدة القصيرة المنقضية، إضافة إلى زيارة وزير خارجية روسيا لافروف للعاصمة برازيليا هذا الأسبوع.

وهي تحركات تترجم في مجملها شعار السياسة الخارجية الذي اتخذه الرئيس دا سيلفا "عودة البرازيل"، بما يحمله من معان تشمل المجالين الاقتصادي والدبلوماسي.

وقد شملت زيارة الرئيس دا سيلفا إلى الصين الأسبوع الماضي محطتين، الأولى في شنغهاي لحضور مراسم تنصيب الرئيسة البرازيلية السابقة ديلما روسيف، رئيسة لبنك تنمية دول مجموعة البريكس (تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) الذي يُعَد مؤسسة مالية بديلة عن صندوق النقد والبنك الدوليَّين، بهدف شروع هذه الدول في الاستغناء عن التعامل بالدولار في مجال التجارة الدولية.

أمّا المحطة الثانية فكانت في بيجين مع نظيره الصيني شي جين بينغ لبحث العديد من الملفات بين الجانبين، ومن أهمها حضور منتدى الأعمال البرازيلي الصيني. ولا يخفى على أحد سعي الرئيس البرازيلي إلى تقوية مستوى التعاون مع الصين بوصفها أهمّ شريك اقتصادي، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 150 مليار دولار العام الماضي. وقد ذهب الرجل مصحوبًا بما يقارب 24 نائبًا من البرلمان و5 محافظين و200 رجل أعمال.

ورغم أن الصين تُمثل وجهة 30% من الصادرات البرازيلية، فإن الرئيس دا سيلفا يردّد دائمًا أنه حريص على تنويع الشركاء والحفاظ على حبل الودّ مع الجميع، في الغرب والشرق.

لكن هذا الخطاب، لا يحظى بتصديق عدد لا يستهان به من الشركاء، فعلى سبيل المثال، وتفاعلًا مع حصاد زيارة الرئيس البرازيلي إلى الصين، والإعلان عن توقيع اتفاقيات متنوعة بقيمة 10 مليارات دولار بين الجانبين، نشر مراسل ألماني في ريو دي جانيرو مقالًا تحت عنوان "لولا يتلقى الأموال من ألمانيا ويعقد صفقات مع الصين!!"، تلميحًا إلى قناعة دا سيلفا بجدوى التعاون مع العملاق الصيني، ومجاملته البراغماتية لشركاء الغرب، وقد نال المقال إعجاب جزء لا يستهان به من الرأي العام الألماني والأوربي.

انزعاج واشنطن

تحظى البرازيل -بوصفها أكبر قوة اقتصادية في أمريكا الجنوبية- بمكانة اقتصادية وجيوسياسية متميزة في نظر الحكومة الصينية، منذ سنوات، وتعززت هذه المكانة مع استعادة الرئيس دا سيلفا مقاليد الحكم في البلاد هذه السنة، وعلى إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، باعتبار تقارب المواقف من القضية.

ونظرًا للتناغم الذي أبدته -وما زالت- حكومات البرازيل منذ 2003 إلى اليوم مع الرؤية الصينية لهذه العلاقة، باستثناء حكومة الرئيس السابق جايير بولسونارو (2017-2022)، فإن الإدارة الأمريكية لا تخفي انزعاجها أبدًا من هذا التناغم، وتحرص بدورها على استعادة نفوذها على الحكومات المتمردة، على غرار البرازيل وفنزويلا وكولومبيا، والتصدي للتمدد المتصاعد لعملاق الشرق في نصف قارتها الجنوبي.

ولا يمكننا إغفال معطى سياسي يجمع الصين والبرازيل في القضية الروسية الأوكرانية الشائكة، ربما يكون سببًا في التقارب والدفع بمستوى التعاون بينهما، إذ رفضتا فرض عقوبات مالية على روسيا، على عكس الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ودول عديدة أخرى، إضافة إلى مواقفهما غير الداعمة لأوكرانيا كطرف “مظلوم” في القضية، مع أن الرئيس البرازيلي كان أكثر جرأة من نظيريه الصيني والإماراتي، عندما دعا إلى مبادرة "سلام" لإيقاف هذا الغزو، عبر تنازل أوكرانيا لروسيا عن شبه جزيرة القرم، وطي صفحة التناحر.

الاصطدام بالصراع الروسي الأوكراني

يبدو الرئيس البرازيلي حازمًا في استعادة دور بلاده في المشهد الدولي، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الاقتصادي، لكن حظوظه هذه المرة لن تحقق مستوى النجاح الذي نالته في دورتي الرئاسة السابقة من 2003 إلى 2010، نظرًا لاصطدامه بأزمة أوكرانيا التي قسمت الحكومات، وأصبحت مقياس تقارب أو تنافر بين الأطراف والكتل.

لكن يبقى الأمل في تغييب المواقف السياسية للرئيس دا سيلفا، من قِبل بعض الحكومات، من أجل الاتفاق على خدمة قضايا أخرى مثل قضية البيئة والتغير المناخي التي تشغل بال كل دول العالم، والتي يمسك دا سيلفا بمفاتيحها الآن، بوصفه المسؤول الرسمي على سلامة رئة الكوكب، غابات الأمازون في البرازيل.

*عبير الفقيه كاتبة وباحثة تونسية في شؤون أمريكا اللاتينية

المصدر | الجزيرة مباشر

  كلمات مفتاحية

البرازيل أمريكا الصين روسيا أوكرانيا البيئة التغير المناخي لولا دا سيلفا المشهد الدولي