استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«مذهب الاكتشافات»

الأربعاء 26 أبريل 2023 05:15 ص

«مذهب الاكتشافات»

خوّل مذهب الاكتشافات لملك البرتغال «غزو أعداء المسيح وأسرهم وإخضاعهم أينما وجدوا وتحويلهم للعبودية الدائمة».

صدرت سلسلة مراسيم تفيد بأن أرض هؤلاء «من غير المؤمنين» الذين يصبحون عبيدًا «تصبح ملكًا للمسيحيين» المستعمرين.

يختلف البابا فرنسيس عمن سبقوه في ذلك المنصب. ودوره علامة فارقة تمثل تغييرًا إيجابيًا مهمًا، خاصة فى مسألتى العنصرية والحرب.

أعلنت الكنيسة الكاثوليكية إلغاء "مذهب الاكتشافات" كأساس دينى لقوى الاستعمار لإخضاع الشعوب، خاصة السكان الأصليين بالأمريكتين وسلب أراضيهم.

مذهب الاكتشاف يتعارض مع «الكرامة الإنسانية» وعليه تنبذه الكنيسة وترى أنه «استُغل من جانب القوى الاستعمارية لتبرير ممارسات غير أخلاقية ضد السكان الأصليين وبدون معارضة» من جانب الكنيسة.

* * *

البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، يختلف فى تقديرى عمن سبقوه فى ذلك المنصب. ودوره يمثل علامة فارقة تمثل تغييرًا إيجابيًا مهمًا، خاصة فى مسألتى العنصرية والحرب.

ففى بيان رسمى للفاتيكان، أعلنت الكنيسة الكاثوليكية إلغاء ما يعرف بـ«مذهب الاكتشافات»، الذى كان الأساس الدينى الذى استندت له القوى الاستعمارية لإخضاع الشعوب، خصوصًا السكان الأصليين للأمريكتين، وسلب أراضيهم.

وقالت الكنيسة إن المذهب يتعارض مع «الكرامة الإنسانية»، وعليه فإنها تنبذه لأنها ترى أنه «استُغل من جانب القوى الاستعمارية لتبرير ممارسات غير أخلاقية ضد السكان الأصليين وبدون معارضة» من جانب الكنيسة.

ليس ذلك فقط وإنما أضافت الكنيسة أنه «من العدل الاعتراف بتلك الأخطاء، وبالتداعيات المريرة لسياسات الدمج (القهرى) وما سببته من آلام للسكان الأصليين، ولنا أن نطلب المغفرة».

وقال البيان صراحة إن استباحة الأرض وسكانها «ليست من تعاليم الكنيسة الكاثوليكية»، التى «باتت على وعى بمعاناة السكان الأصليين فى الماضى والحاضر نتيجة الاستيلاء على أراضيهم» وبسبب السياسات الحكومية لدمجهم قسرًا «بهدف محو ثقافتهم».

ومذهب الاكتشافات هو منظومة من المبادئ صدرت فى صورة سلسلة من المراسيم البابوية فى القرن الخامس عشر. وكان أولها المرسوم البابوى الصادر عام 1452، والذى يخول لملك البرتغال «غزو أعداء المسيح وأسرهم وإخضاعهم أينما وجدوا وتحويلهم للعبودية الدائمة».

وبعد هذا المرسوم صدرت سلسلة أخرى منها، تفيد بأن أرض هؤلاء «من غير المؤمنين» الذين يصبحون عبيدًا «تصبح ملكًا للمسيحيين» المستعمرين.

وقد صارت تلك المراسيم الأساس الدينى الذى أضفوا عليه لاحقًا الطابع القانونى، فباتت تلك المنظومة ولاتزال حتى يومنا هذا تستند إليها المحاكم فيما يخص السكان الأصليين وحقوقهم بالولايات المتحدة وكندا.

وقد كانت إحدى النتائج الحتمية لتلك المراسيم هى اعتبار سلب السكان الأصليين أرضهم عملًا تباركه السلطة الدينية، واعتبار أى مقاومة لذلك القهر تستوجب القمع. وكانت هى أيضًا المسؤولة عن محاولات الدمج القسرية التى كان أحد تداعياتها المباشرة خطف الأطفال وإيداعهم مدارس داخلية يتم فيها محو لغاتهم وثقافاتهم ودياناتهم بالكامل.

ورغم أن ذلك كان بداية الاستيطان فى الأمريكتين، فإنه ككل نظام اجتماعى يتم مأسسته، تصبح له دورة حياة قائمة بذاتها تغذى نفسها بنفسها، بغض النظر عن أصلها التاريخى وأساسها الدينى، بل والأشخاص المباشرين الذين أرسوا مبادئها.

والحقيقة أن السكان الأصليين لجأوا منذ السبعينيات للأمم المتحدة لمطالبة الكنيسة بإلغاء تلك المراسيم. وقتها كان رد الكنيسة أنها أُلغيت بالفعل حين صدر مرسوم فى نهاية القرن السادس عشر يؤكد صراحة أن «السكان الأصليين بشر»!

لكن الواقع كان يقول غير ذلك. فالمحكمة العليا الأمريكية استندت لـ«مذهب الاكتشافات» فى إصدار حكمها فى قضية شهيرة عُرضت عليها فى القرن التاسع عشر.

أكثر من ذلك، اعتمدت المحكمة ذاتها على «مذهب الاكتشافات» فى القرن الحادى والعشرين! ففى حكم شهير آخر صدر عام 2005 حكمت المحكمة بالأغلبية ضد حقوق السكان الأصليين مستندة صراحة لـ«مذهب الاكتشافات».

لذلك شكر السكان الأصليون البابا فرنسيس بعد صدور بيان الكنيسة الذى طال انتظاره، وأعربوا عن أملهم فى أن تكون تلك الخطوة «بداية الاعتراف الكامل بتاريخ من القهر، وتكون أيضًا بداية الاعتراف الكامل بالمسؤولية عن الإرث الاستعمارى المرير ليس فقط من جانب الكنيسة وإنما أيضًا من جانب الحكومات التى استخدمت العنصرية والسلطة الدينية ليس فقط لممارسة القهر وإنما من أجل مأسسة ذلك القهر ليظل قائمًا حتى يومنا هذا».

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

العنصرية الحرب الاستعمار الكنيسة الكاثوليكية مذهب الاكتشاف البابا فرنسيس السكان الأصليون الإرث الاستعماري المحكمة العليا الأمريكية