استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فواتير المياه والكهرباء: «قهر» الأردني

الأربعاء 26 أبريل 2023 01:21 م

فواتير المياه والكهرباء: «قهر» الأردني

الامتناع عن الدفع يراكم الفواتير وإذا تقاعست عن دفع ما تقرر الشركة المعنية أنه ينبغي أن أدفعه قد أغرق في الظلام.

واجب الدولة والحكومة يتطلب إجبار شركات الخدمات الأساسية على إظهار الاحترام قسرا لمواطن منزعج لا يفهم كمستهلك ما الذي يحصل معه.

الحاجة ملحة لإجراءات بسيطة تقنع المستهلك بكيفية حساب فواتيره وانتقاله من شريحة لأخرى في التسعير وآلية محترمة تأخذ اعتراضه بجدية واحترام.

تغييب آليات المتابعة والاعتراض يصيب المواطن بالقهر ويتراكم الإحباط، بل إن فاتورتي المياه والكهرباء يشغلان ذهن المواطن أكثر بكثير من أي أولويات.

* * *

مثل غيري من بقية المواطنين الأردنيين فوجئت بفاتورة كهرباء منزلية قيمتها ضعف المعدل الشهري المعتاد تماما، مع أن طارئا من أي صنف لم يحصل ليفسر أسباب زيادة الفاتورة بنسبة لا تقل عن 100 بالمئة.

طبعا يعلم الجميع بأنه ثمة معدل أسعار لفاتورة الكهرباء له علاقة بشرائح على الحد الفاصل. لكن بكل الأحوال لن تجيبني شركة الكهرباء ولا أي مواطن آخر لا توضيحا ولا شرحا أو تفسيرا، وسأدفع المطلوب صاغرا لأن الآلية المقترحة للشكوى وإجراء فحص لأسعار الفاتورة بائسة وقديمة ولا تقود لشيء محدد.

وأغلب التقدير أن الامتناع عن الدفع يراكم الفواتير، وقد يؤدي بي أو بغيري إلى مقولة عادل إمام الشهيرة «حيشيلوا العدة» وإذا تقاعست عن دفع ما تقرر الشركة المعنية أنه ينبغي أن أدفعه قد أغرق في الظلام.

لا يمر يوم بدون رصد مواطن يعترض ويحتج أو يشتكي ليس على أسعار خدمات الماء والكهرباء الأساسية فهي أصلا مرتفعة. ولكن على الارتفاع بعد الارتفاع بين الحين والآخر وبدون سبب واضح أو محدد حيث لا يتكفل مزودو الخدمات، وهم بالمناسبة على الأرجح يمثلون قطاعا خاصا وليس عاما، بتقديم أي شرح للمستهلك، ولا يعتبرون أنفسهم مضطرين لتفسير أي فاتورة، ودوما في بعض الحالات يتم قطع الخدمات بوجود رجال الأمن والشرطة في مشهد لم نفهمه بعد.

عمليا الآليات الموجودة للشكوى من ارتفاع أسعار المياه والكهرباء حصرا غير مفهومة، ولا تقود المشتكي للإنصاف إلا في حالات محدودة جدا، والأهم أن معادلة تسعير الكهرباء والمياه في الكثير من التفاصيل أشبه بسر نووي ومن كثرة المرات التي علقت فيها الوزارات المختصة على الموضوع تاهت التفاصيل، وبقي الحوار حول ارتفاع غير مبرر في أسعار الفواتير أقرب إلى حوار طرشان.

حاولت عدة مرات نقل شكوى مواطنين في السياق عبر مسؤولين في القطاعين وتوفير إجابة بسيطة على بعض الأسئلة لكن أخفقت دوما، بعدما أغرقني موظفون في تفاصيل وإجراءات بيروقراطية لا معنى لها، وبعدما اصطدمت كغيري بالحائط.

التوسط لمنع وقف خدمات المياه والكهرباء مقابل التزامات مالية ليس حلا، وإجراء تقسيط للمبالغ المطلوبة على المواطن المشتكي ليس حلا. ومرافقة رجل شرطة للأطقم التي تقطع الخدمات لا يمكنه أن يكون حلا ولا بديلا عن مسألتين أجزم أنهما الأهم في هذا الموضوع.

المسألة الأولى: تتمثل في أن تتضمن فاتورة الخدمة شرحا مقنعا عن الاستهلاك وأسباب ارتفاع الكلفة خارج سياقها الشهري المعتاد، بمعنى إبلاغي ولو إلكترونيا بالسبب الذي نقل نمط الاستهلاك في المياه والكهرباء فجأة من شريحة ما، وألقى بي في حضن شريحة أخرى بدلا من الغرق ما بين شرائح الأتقياء الفقراء أو الأنقياء الأثرياء.

المسألة الثانية: تتضمن أن تنسحب عقلية الإدارة الإبداعية لتحصيل الفواتير على الجزء المتعلق باعتراض المستهلك المواطن أحيانا، بمعنى أن يتيح لي نظام الفواتير نفسه عندما أشعر بالغبن كمستهلك أو لا أرى تفسيرا لارتفاع كلفة فاتورة طريقة ما ولو إلكترونيا، للتأكد والتفحص من سلامة إجراء وتوثيق الفاتورة.

فالموظف الذي يقرأ العدادات بشر، ويمكن أن يطاله الخطأ، والنظام الإلكتروني الرابط بين تلك القراءات يمكن أن يصاب بعطل أو خلل ما، وعلى من يزود بالخدمة أن يوفر لي قناة قانونية بسيطة ومقتنعة وعادلة في الاعتراض ودون قطع الخدمة حتى يتسنى للمستهلك التسليم بالفاتورة الجديدة، أو فهم نمط الاستهلاك الذي رفعها مع شروحات تثقيفية.

تغيب مثل هذه الآليات في المتابعة والاعتراض، ويصاب المواطن الذي لا يشعر بإنصاف هنا بالقهر. ويتراكم الإحباط، ولا أذيع سرا عندما أقول بأن فاتورتي المياه والكهرباء يشغلان ذهن المواطن الأردني أكثر بكثير من أي أولويات إنفاقية أخرى لا بل يتموقعان في مكان متقدم ضمن انشغالات المعيشة والحياة.

النمط الإداري في مسألة فواتير المياه والكهرباء ينبغي أن يتغير ويتم تحديثه. والشركات التي تدير الملف عليها إظهار احترام أكبر لزبائنها من جموع المستهلكين، وهم الشعب.

والتعامل بغرور مع المواطن الأردني هنا مكلف، وما أفهمه ببساطة أن واجب الدولة والحكومة، يتطلب إجبار مثل هذه الشركات، ما دام الأمر يتعلق بالخدمات الأساسية، على إظهار الاحترام قسرا للمواطن المنزعج أو الذي لا يفهم كمستهلك ما الذي يحصل معه.

لا مصلحة لا للقطاع الخاص ولا للحكومة في أن يتراكم القهر والشعور بالغبن تحت بند خدمات المياه والكهرباء، فذلك مسار يمس في المحصلة إذا لم يستدرك علية القوم بالاستقرار العام والأمن الوطني.

ليس المطلوب أبدا تدليل المواطن الأردني، ولكن ليس المطلوب أيضا إذلاله والحاجة ملحة لإجراءات بسيطة إداريا، تقنع المستهلك المواطن بكيفية حساب فواتيره وكيفية انتقاله من شريحة لأخرى في التسعير مقابل توفير آلية محترمة تسمح له بالاعتراض على أن يؤخذ اعتراضه بجدية واحترام.

*بسام البدارين كاتب صحفي وإعلامي أردني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الأردن شريحة استهلاكية المواطن الأردني أسعار المياه والكهرباء الخدمات الأساسية القطاع الخاص آلية المتابعة والاعتراض