سلة الغذاء ومنجم الذهب.. اضطرابات السودان مسلسل قديم يقوض استثمارات الخليج

الجمعة 28 أبريل 2023 07:43 ص

كيف يؤثر الاقتتال في السودان على استثمارات دول الخليج؟ حول إجابة هذا السؤال دار تقرير لموقع "المونيتور"، مشيرا إلى أن تلك الدول تتعهد منذ سبعينات القرن الماضي بتقديم مساعدات واستثمارات بمليارات الدولارات للسودان في قطاعات مثل الزراعة والطاقة والبنية التحتية، لكن العديد من هذه المشاريع كانت تفشل بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد.

وذكر الموقع، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الاقتتال بين قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الأمن السريع، محمد حمدان دقلو -حميدتي، هو أحدث حلقات هذه الاضطرابات، وأسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص في أقل من أسبوعين.

وأضاف أن السودان يتمتع بخصوبة لا يتمتع بها جيرانه الخليجيون، إذ لديه موارد مائية استثنائية، كما أن لديه احتياطيات من البترول والغاز الطبيعي، وثروة معدنية ضخمة، خاصة من معدن الذهب، الذي صدر السودان منه 16.7 طنًا بقيمة مليار دولار في النصف الأول من عام 2021، وفقًا لبيانات البنك المركزي، ذهب معظمها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما أن موقع السودان الجغرافي يجعله عاملاً في المصالح الأمنية الإقليمية لدول الخليج، لذلك من المرجح أن يستمر في تلقي التعهدات بالمساعدات والاستثمارات وسط حالة عدم اليقين المستمرة في البلاد.

ولسنوات عديدة، اعتبرت دول الخليج السودان "سلة غذاء محتملة"، خاصة أنها تستورد حوالي 85% من غذائها، وفي يونيو/حزيران، أعلنت وزيرة التجارة والتموين السودانية، أمل صالح سعد، أنه بتمويل من الدول العربية، يمكن لبلدها تأمين الغذاء للعالم العربي وتعويض النقص في القمح الأوكراني والروسي، لكن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع.

وقال إيكارت ويرتز، مدير معهد "جيجا" لدراسات الشرق الأوسط، إن قصة السودان "قديمة ومتكررة منذ عقود"، موضحا: "تحدثت دول مجلس التعاون الخليجي عن تنمية السودان كسلة غذاء للدول العربية منذ السبعينات، وكذلك في عام 2008 وما بعده، لكن هذا لا يحدث بسبب المخاطر السياسية ونقص البنية التحتية والفساد".

وأضاف أن دول الخليج تفقد الاهتمام نتيجة لذلك، وتعتمد في الغالب على الواردات الغذائية من دول أخرى أكثر موثوقية مثل البرازيل، وحتى روسيا وأوكرانيا رغم القتال المستمر بينهما.

ولفت ويرتز إلى أن صناديق الثروة السيادية الخليجية يمكنها بسهولة تحمل تكاليف الوفاء بتعهداتها الخاصة بالمساعدات والاستثمارات التي تمس الحاجة إليها في السودان، و"لكن يبدو أنها لا تجد ذلك مفيدا"، رغم أن "هذه الاستثمارات لا تساوي حتى 1% من محفظتها، وربما لا تصل إلى 0.1%"، حسب قوله.

ورغم أن ويرتز يرى أن الصراع الحالي قد يوقف المشاريع قصيرة المدى في السودان، لكنه استبعد أن يغير ذلك النهج الاقتصادي لدول الخليج تجاه استثماراتها في السودان.

وفي السياق، قالت نجاح العتيبي، محللة شؤون الشرق الأوسط، إنه على رغم الإمكانات الاقتصادية التي لم تتحقق للسودان، إلا أن الاستثمار الخليجي لا يزال يخدم غرضًا رئيسيًا، إذ يعد مصدرا لأمن أبو ظبي والرياض.

وأوضحت نجاح أن المنافسة بين السعودية والإمارات وبينهما وبين دول أخرى، مثل تركيا وقطر، تجعل السودان بالنسبة لدول الخليج رمانة ميزان أمنية، خاصة أنه يقع بموقع استراتيجي في قلب وادي النيل بالقرن الأفريقي ومتصل بالبحر الأحمر.

ويُصدّر السودان وجنوب السودان نفطهما الخام عبر خط أنابيب إلى البحر الأحمر، وفقًا لشركة ستناندرد أند بورز العالمية، التي أفادت الأسبوع الماضي، بأن عدم الاستقرار أثار مخاوف بشأن مستويات إنتاج النفط في تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" بقيادة السعودية.

وينتج السودان حوالي 60 ألف برميل يوميًا، وفقًا لستاندرد آند بورز، أي أقل بنحو 100 ألف برميل من جنوب السودان المجاور، وهو ثالث أكبر منتج في إفريقيا جنوب الصحراء.

ومنذ عام 2015، أصبحت السعودية والإمارات مانحين رئيسيين للمساعدات إلى السودان، وفقًا لمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، الذي أشار إلى أن الدولتان الخليجيتان، إلى جانب الدول العربية الأخرى، ساهمت بنحو 2.3% من إجمالي المساعدات للسودان بين عامي 2000 و 2009.

ودولة الإمارات تحديدا لديها تاريخ طويل في تقديم المساعدات والقروض للسودان منذ عام 1976، حسبما أورده تقرير لصندوق أبوظبي للتنمية.

واعتبارًا من عام 2012، أدار الصندوق حوالي 470 مليون دولار في شكل قروض ومنح تم تقسيمها على 13 مشروعًا في قطاعات تشمل النقل والطاقة والزراعة.

وفي يونيو/حزيران 2022، أعلنت الإمارات أنها ستبني ميناء جديدًا على البحر الأحمر في السودان كجزء من حزمة استثمارية بقيمة 6 مليارات دولار، حسبما أوردته وكالة لـ"رويترز"، وتضمنت حزمة المساعدات الإماراتية تدابير لتعزيز التجارة وتمويل مشروع زراعي كبير وإيداع 300 مليون دولار في بنك السودان المركزي.

فيما تعهد صندوق الاستثمارات العامة السعودي بتقديم 24 مليار دولار للسودان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سعياً وراء فرص استثمارية.

وأنشأت السعودية 6 شركات لتنفيذ هذه الاستثمارات في قطاعات تشمل البنية التحتية والعقارات والتعدين والزراعة والتصنيع.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان الخليج محمد حمدان دقلو حميدتي الذهب

مكون لا يمكن الاستغناء عنه.. صراع السودان يهدد صناعة الحلوى والمشروبات الغازية

حال استمر القتال.. الغذاء العالمي يحذر من مجاعة في السودان

انهيار تجارة الذهب في السودان جراء الحرب