استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الجنرالات يجرون السودان إلى الهاوية

الاثنين 1 مايو 2023 07:39 ص

الجنرالات يجرون السودان إلى الهاوية

يتم التخلي عن قضية فلسطين بصورة فجة، واعتبار مقاومة المحتل الصهيوني إرهابا دينيا، كل هذا من أجل الاستقواء بالأطراف الخارجية لاستلام السلطة.

جنرالات العسكر، ينظرون إلى الأوطان على أنها ملكية خاصة للجيوش، وفي سبيل اعتلاء السلطة المحرمة على المدنيين، يعبثون بشعوبهم وأمنهم وسلامتهم.

يقف العرب موقف المتفرج على مأساة السودان، بل تتدخل بعض الأنظمة في دعم طرف على حساب الآخر لأطماع إقليمية، والقيام بالوكالة عن أمريكا في شؤون المنطقة.

* * *

«أحجار على رقعة الشطرنج»، للكاتب الضابط في البحرية الكندية ويليام جاي كار، أحد أبرز الكتب السياسية التي تتابعت طبعاتها ولاقت شهرة واسعة في العالم بأسره، يكشف دور قُوى الظلام العالمية في إحداث الخراب بهذا العالم، والسيطرة عليه، وكيف تحرك قادة وحكومات العالم كأحجار على رقعة شطرنج، كيفما شاءت وفق لعبتها القذرة.

أزعم أن المؤلف أجاد اختيار العنوان، فقد اختار لهذه الحكومات والزعامات والشعوب، التي يتم تحريكها والتلاعب بها، وصف «الأحجار»، التي لا تدري ما يفعل بها، وهكذا أحجار أمتنا.

ربما أكثر الأمثال التي صارت تستفزني كلما قرأتها «أكلت يوم أُكل الثور الأبيض»، فلست أدري كم ثورا منحورا تحتاجه أنظمتنا لتعي أن دورها آت لا محالة، وأن فكرة التمحور حول بقاء العروش لا الشعوب، أثبتت فشلها مع السابقين.

العراق، سوريا، اليمن، الصومال، وليبيا، تم ابتلاعها، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وأصبحت خارج سياق التاريخ والجغرافيا، بتعبير الإعلامي أحمد منصور، والآن السودان، على الرغم من أن مسلسل إقصائها عن ذلك السياق ليس وليد الوقت الراهن.

السودان، ذلك البلد المنكوب الذي عانى الانقسام والحروب الأهلية والأحوال المعيشية المتردية، يواجه الآن شبح الخراب والدمار والحرب الشاملة، بل أضحى مسرحا لصراع نفوذ بين وحوش العالم الضارية في الشرق والغرب، لقد أطلق جنرالات العسكر هذا الشبح. ب

عد أن أطاح العسكر بحكم البشير، تم تشكيل مجلس عسكري انتقالي بقيادة البرهان، الذي قام بقمع المحتجين المطالبين بحكم مدني، وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي تم التوقيع على الاتفاق الإطاري، الذي من المفترض أن يتم تسليم السلطة بموجبه إلى المدنيين.

لكن الجنرالان البرهان وحميدتي، نشبت بينهما الخلافات فتم تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي، واشتعل الصراع المسلح بينهما. يخوض الجنرالان على السلطة صراعا يبدو أنه صراع وجودي صفري، يعمل كلا الطرفين على إفناء الآخر، لا يقبل بوجوده في أية تسوية، والشعب هو من يدفع الثمن.

فقرٌ أُضيف إلى فقر، غلاء في الأسعار، شح في المواد الغذائية والوقود، انهيار للقطاع الصحي، ارتباك في حركة المواصلات، مئات القتلى وآلاف الجرحى، ونزوح إلى خارج الحدود، تلك هي الحالة التي آل إليها الشعب السوداني على يد جنرالي العسكر، اللذيْن أسقطا الشعب السوداني ومصالحه ومعاشه ومستقبله من حساباتهما من أجل السلطة.

لقد تحركت أحجار العسكر بانسيابية على رقعة الشطرنج، وفتحوا بلادهم أمام التدخل الأجنبي، الذي سيؤدي لا محالة في ظل الفوضى التي أغرقت السودان، إلى كوارث محتملة في القارة السمراء.

الولايات المتحدة التي أجلت رعاياها وأعلنت إرسال قوة عسكرية إلى بورت سودان، تعمل على مواجهة النفوذ الروسي الصيني في السودان، والسيطرة على ثرواته، كما أن لحكومة الاحتلال الإسرائيلي أطماعها في دول أبناء النيل، والهيمنة على افريقيا بعد أن زاد نفوذها في الدول الافريقية على حساب تراجع الدور العربي.

دول أوروبا التي كانت تحتل العديد من الدول الافريقية وتنهب ثرواتها، حتما ستدخل عبر بوابة السودان إلى استعادة إرثها الاستعماري في افريقيا بشكل أو بآخر، وقد أعلنت بريطانيا أنها وضعت قوة عسكرية في بورت سودان، وأنها بصدد إرسال سفينة عسكرية.

روسيا بدورها لها حضور قوي في افريقيا في الميادين السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، ولها وجودها العسكري من خلال شركة فاغنر، ولا يخفى أن الذهب السوداني هو أكثر ما تطمح إليه روسيا.

الصين كذلك دخلت اقتصاديا في القارة السمراء بقوة، وتبحث عن تنامي نفوذها والقيام بلعب دور أكثر حيوية بإنشاء قواعد وموانئ لها في تلك المنطقة.

من الغباء أن نصدق أن العسكر في السودان يجهل كل هذه المخاطر، ومحال أن يكون بعيدا عن ذهنية العسكر أن السودان سيكون مسرحا لمزيد من التنافس بين الدول الكبرى، ولا يعقل أنه يتجاهل كون السودان مستهدفا بالتقسيم، والقضاء على قوته العسكرية لصالح الكيان الصهيوني.

لكن هكذا هو شأن جنرالات العسكر، ينظرون إلى الأوطان على أنها ملكية خاصة للجيش، وفي سبيل اعتلاء السلطة المحرمة على المدنيين، يعبثون بشعوبهم وأمنهم وسلامتهم. وفي سبيل الوصول إلى السلطة، يزحف الجنرالات لنيل مباركة الولايات المتحدة وطفلها المدلل.

وقد برز حميدتي بشدة في هذا المجال بشكل أحقر ما يكون، عندما تودد مستشاره يوسف عزت إلى الكيان الصهيوني خلال مداخلة مع قناة إسرائيلية قائلا: «ما نتعرض له تعرضت له إسرائيل آلاف المرات على أيدي المجموعات الإرهابية، مثل حماس وغيرها من المجموعات التي يعرفها المواطنون الإسرائيليون جيدا، هذا ما نتعرض له وسنتصدى له».

هكذا بكل ببساطة يتم التخلي عن قضية فلسطين بهذه الصورة الفجة، واعتبار مقاومة المحتل الصهيوني إرهابا دينيا، كل هذا من أجل الاستقواء بالأطراف الخارجية لاستلام السلطة.

ومع الأسف، يقف العرب موقف المتفرج على مأساة السودان، بل تتدخل بعض الأنظمة في دعم طرف على حساب الآخر لأطماع إقليمية، والقيام بحق الوكالة عن أمريكا في شؤون المنطقة، والشعب السوداني هو الذي يدفع الثمن، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

*إحسان الفقيه كاتبة صحفية أردنية

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان الذهب الهاوية جنرالات السودان رقعة الشطرنج صراع الدول الكبرى الكيان الصهيوني قضية فلسطين