استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لعنة التقسيم والتجنيس

الاثنين 1 مايو 2023 08:02 ص

لعنة التقسيم والتجنيس

السؤال الكبير: أين مؤسسة القمة العربية من كل هذا؟ ألا تستحق كل تلك المآسي للاجتماع والتباحث واتخاذ القرارات ومساعدة المحتاجين؟

المفاجآت تتلاحق وتأتي بها الأقدار من جهة، وتتفاعل وتمتزج مع القيح الحضاري العربي الذي يتدفق وينتشر في أرض وسماء العرب من جهة أخرى.

لعنة حضارية بامتياز والتعامل معها كحوادث عابرة، لعنة أكبر وأعظم وسيكتشف الجميع أنها ستبقى وتكبر ما لم يؤسس العرب نظاماً متناسقاً تضامنياً وحدوياً.

إنها لعنة تدمير ممنهج لحق بالنظام الإقليمي العربي عبر عقود عديدة إما من قبل نظام حكم عربي جاهل مجنون أو من قبل جهة تآمرية خارجية استعمارية أو صهيونية.

* * *

لا تنتهي المفاجآت في هذا الجزء من الوطن العربي حتى تعقبها مفاجأة جديدة في ذاك الجزء الآخر. إنها لعنة تدمير ممنهج لحق بالنظام الإقليمي العربي عبر العديد من العقود، إما من قبل نظام حكم عربي جاهل مجنون أو من قبل جهة تآمرية خارجية استعمارية أو صهيونية.

وها أن شبكات التواصل الاجتماعي تفاجئنا بأن ما حدث ويحدث في السودان الشقيق ليس نتيجة أخطاء وخطايا داخلية تلاعبت بمسار وأهداف ثورة سودانية جماهيرية مبهرة فقط، وإنما هو أيضاً نتيجة تخطيط استعماري شيطاني خارجي لن يطال السودان فقط، وإنما سيمتد ليشمل كل بقعة عربية.

فهو أولاً تكملة لأهداف ونتائج اتفاقية سايكس-بيكو الانكليزية الفرنسية الشهيرة، في سبيل تقسيم بلاد العرب إلى نتف ضعيفة مضطربة متخلفة، تحتاج دوماً إلى تدخلات الخارج الاستعماري لتعيش مع حثالات ضعفها، وتسكر بخمرة كذبه ومؤامراته وصداقاته الوهمية.

وهو ثانياً، تكملة لتفريغ الأرض العربية من سكانها، بتهجيرهم وقتلهم وترويعهم، كما حدث لسكان فلسطين العرب، أو بإدخال أجزائها في صراعات دموية في ما بينها، أو في صراعات داخلية تأكل الأخضر واليابس، كما نراه الآن حاصلاً في أجزاء كثيرة من أراضي اليباب العربية، أو بعملية تجنيس مشبوهة متعاظمة، كما نراها في العديد من بلدان الخليج العربي.

ما يؤكده الكثير من مصادر شبكات التواصل الاجتماعي وأسرار الاستخبارات المسربة هنا أو هناك، هو أن الهدف مما يجري في السودان تحقق هذين الأمرين معا:

- أولا تجنيس الملايين من الأفارقة الآخرين ليحلوا محل الملايين من السودانيين الذين يجب أن يهجروا إلى جحيم المنافي، بسبب الصراعات والحروب،

وثانياً الاستمرار في تقسيم السودان إلى نتف متباعدة متصارعة فقيرة مختلفة في ثقافاتها وهوياتها وعروقها ودياناتها، كتتمة لانفصال الجنوب السوداني المأساوي العبثي الشهير.

وهنا ستستعمل الأساليب السابقة نفسها من تجييش للخونة إلى حملات إعلامية كاذبة، إلى تسليح هذه القبيلة أو تلك، إلى استعمال انتهازي للدين، إلى تدخلات وضغوط الخارج عندما يحين الوقت وتنضج الفاكهة الضحية.

لننظر إلى ما حدث في سوريا وليبيا واليمن والعراق ولبنان وتونس، وإلى ما ينتظر حدوثه في هذا القطر أو ذاك، لنرى المشهد السوداني نفسه الموجود تحت هذه اللافتة الكاذبة أو تلك، ولنرى مسرحية إفقار الشعوب نفسها، وإغناء الخونة المتعاونين واستباحة الأرض وما عليها، ولنشاهد الابتسامات العاجزة المثيرة للشفقة نفسها، وهي تملأ وجوه قادة الأحزاب والمجتمعات المدنية المتخاصمين المتفرقين، الذين يلغّون في وحل الطائفية والقبلية والمناطقية والحزبية، بينما يقهقه إبليس وهو نائم قرير العين في فراشه.

لكن المأساة الأكبر هي أن هناك بعضاً من المثقفين والسياسيين ورجال الدين وأشكالاً لا تحصى من مؤسسات المجتمعات المدنية العربية لا يزالون يعتقدون، لسذاجة أو بلاهة أو خبث، أن بإمكان كل قطر عربي مبتلى الوقوف لوحده وبقدراته الذاتية في وجه مصائبه، والمفاجآت التي تتلاحق وتأتي بها الأقدار من جهة، والتي تتفاعل وتمتزج مع القيح الحضاري العربي الذي يتدفق وينتشر في أرض وسماء العرب من جهة أخرى.

هي لعنة حضارية بامتياز والتعامل معها كصدف أو حوادث مؤقتة، وكسحابة صيف هي لعنة أكبر وأعظم. وسيكتشف الجميع أن تلك اللعنة ستبقى وتكبر ما لم يؤسس العرب نظاماً متناسقاً تضامنياً وحدوياً، يشمل السياسة والأمن والاقتصاد والثقافة والعلوم والتكنولوجيا، وإلا فإن لعنات أخرى جديدة تنتظرنا.

ويبقى السؤال الكبير: أين مؤسسة القمة العربية من كل هذا؟ ألا تستحق كل تلك المآسي للاجتماع والتباحث واتخاذ القرارات ومساعدة المحتاجين؟

*د. علي محمد فخرو سياسي وكاتب قومي بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

العرب التجنيس التقسيم تهجير السودان فلسطين تدمير ممنهج لعنة حضارية اتفاقية سايكس-بيكو استعمار النظام الإقليمي العربي مؤسسة القمة العربية