استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

واشنطن تتغير!

الأربعاء 3 مايو 2023 04:26 ص

واشنطن تتغير!

«واقع الدولة الواحدة فى إسرائيل بات يستحيل إنكاره»، ورفض التفرقة الشكلية بين نظام أبارتهايد وإسرائيل فالعبرة بقدرة المصطلح على تفسير الواقع.

من طبيعة النظام السياسى الأمريكى أن كل تغيير محورى بأمريكا لا يحدث بين ليلة وضحاها بل يكون تراكميًا بطيئًا وهذا ما يحدث بشأن قضية فلسطين.

أهمية التحول الجوهرى في القاموس السياسى بواشنطن أنه يحدث تراكما يستحيل معه المضى فى حماية إسرائيل ودعمها، كالمطالب المتزايدة الآن بتقييد المساعدات لإسرائيل.

«مصطلح أبارتهايد يصف بدقة الحقائق على الأرض».. وهى أوضاع «تم تصميمها لتكرس» فوقية اليهود على من عداهم، أى الفلسطينيين وأمريكا هي المسؤولة عما وصل إليه الحال.

«ما كان لبناء المستوطنات أن ينمو ويتسارع لولا جهود الولايات المتحدة فى حماية إسرائيل بالأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية»، وما كان لإسرائيل أن تتفوق عسكريا «لولا سلاح وتكنولوجيا أمريكا».

* * *

التحول الذى تشهده أمريكا بخصوص فلسطين جوهرى ومعتبر. وهو تحول بطيء يأخذ شكل الخط البيانى الصاعد فى العقد الأخير، وأشارت لأهميته كاتبة السطور فى هذا المكان مرات متكررة. والكثيرون يرفضون، على ما يبدو، اعتبار ذلك التحول مهما.

لكن من يعرف طبيعة النظام السياسى الأمريكى يدرك أن كل تغيير محورى بالولايات المتحدة لا يحدث بين ليلة وضحاها، وإنما يكون تراكميًا وبطيئًا. وهذا بالضبط ما يحدث هناك بخصوص قضية فلسطين.

فرغم أن السياسة الرسمية لم تشهد تحولا، تعج الساحة السياسية والاجتماعية به. فلم يعد، مثلا، تأييد إسرائيل عابرا للحزبين كما كان طوال خمسين عاما. فهناك اليوم فجوة واسعة تفصل بين ناخبى الحزبين.

ففى ثلاثة استطلاعات متتالية تبين أن نسبة معتبرة من الديمقراطيين تتعاطف مع الفلسطينيين، لا مع إسرائيل، وفى أحدها قال 40% من الديمقراطيين إن إسرائيل «دولة فصل عنصري تشبه نظام أبارتهايد» السابق بجنوب إفريقيا.

أكثر من ذلك، فرغم أن نسبة المؤيدين لحركة مقاطعة الاحتلال تظل محدودة بين عموم الأمريكيين، فإنها ترتفع بين الديمقراطيين لتقترب من 40%. والحقيقة أن فجوة واسعة لا تزال تفصل قيادات الحزب الديمقراطى التى تؤيد إسرائيل بالمطلق، وناخبى الحزب.

لكن كل تغيير بأمريكا يحدث أولا على المستوى القاعدى الذى يفرض نفسه فرضا مع الوقت على المستويين السياسى والقيادى. وقد برز التحول فعلا فى وجود كتلة وإن كانت لا تزال صغيرة داخل مجلس النواب داعمة للفلسطينيين. تلك التطورات كلها جارية منذ فترة.

أما الجديد، فقد أتى فى صورة مقال نشرته مجلة الفورين أفيرز، لا أقل! والمجلة، ذائعة الصيت، نافذة مهمة تكشف طبيعة الحوار داخل مراكز الفكر الفاعلة فى صنع القرار. وهى تصدر عن واحد من أهمها، أي «مجلس العلاقات الخارجية»، والذى كثيرا ما أتى منه وزراء الخارجية والدفاع، وكافة من يشغلون مختلف المناصب التنفيذية. أما المقال فيمثل نقلة راديكالية فى القاموس السياسى لواشنطن.

فلأول مرة يتم إطلاق مصطلح «أبارتهايد» على إسرائيل من داخل النخبة السياسية الأمريكية. ومصطلح أبارتهايد، أي الفصل العنصري- وفق القانون الدولى- هو «جريمة ضد الإنسانية»، لذلك يرفضه بشده أنصار إسرائيل.

والمقال كتبه أربعة من الرموز التى لم يعرف عن أحدها، يوما، توجهات خارج الخط العام للسائد. وهذا بالضبط مغزى التحول! فهو يكمن فى المكان الذى نشر فيه المقال، وفى أسماء كُتّابه وما احتواه من أفكار لم تكن تجدها إلا على أقصى الهامش التقدمى.

فالمقال نشر بعنوان «واقع الدولة الواحدة»، ويعلن مصرع فكرة «حل الدولتين»، التى «تستخدم فقط كذر للرماد فى العيون». ويرى أن «تعبير عملية السلام بات يستخدم لصرف الانتباه بعيدا عن الواقع على الأرض».

ويؤكد كُتّاب المقال أن «واقع الدولة الواحدة فى إسرائيل بات يستحيل إنكاره»، ويرفضون التفرقة الشكلية بين نظام الأبارتهايد وإسرائيل، مؤكدين أن العبرة بقدرة المصطلح على تفسير الواقع.

«فمصطلح أبارتهايد يصف بدقة الحقائق على الأرض».. وهى أوضاع «تم تصميمها لتكرس» فوقية اليهود على من عداهم، أى الفلسطينيين. ويتهم كُتاب المقال بلادهم بأنها المسؤولة عما وصل إليه الحال.

«فما كان لبناء المستوطنات أن ينمو ويتسارع لولا جهود الولايات المتحدة فى حماية إسرائيل بالأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية»، وما كان لإسرائيل أن تتفوق عسكريا «لولا السلاح والتكنولوجيا الأمريكية».

إن أهمية ذلك التحول الجوهرى فى القاموس السياسى المستخدم فى واشنطن هو أنه يحدث تراكما يستحيل معه، مع الوقت، المضى قدما فى حماية إسرائيل ودعمها، مثله مثل المطالب المتزايدة الآن بتقييد المساعدات لإسرائيل.

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

فلسطين أبارتهايد واشنطن أمريكا إسرائيل فوقية اليهود واقع الدولة الواحدة عملية السلام حل الدولتين فصل عنصري