استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أزمة الطاقة وطاقة المستقبل

الاثنين 8 مايو 2023 05:41 ص

أزمة الطاقة وطاقة المستقبل

نهجان في إنتاج الطاقة: أولهما يعبر عن أهداف غير موضوعية استجابةً لمتطلبات انتخابية أحيان، وثانيهما عملي ويسعى لتفادي الأزمات.

تسعى الدول الأعضاء بوكالة الطاقة الدولية للإسراع في عملية الاستبدال بأقصى سرعة بغض النظر عن القدرات والإمكانيات المتاحة.

تسير دول إنتاج النفط والغاز في خطين متوازيين: تنمية مصادر الطاقة البديلة، مع الاستثمار في إنتاج النفط والغاز لتلبية الاحتياجات المتزايدة.

* * *

في الوقت الذي تشتد فيه حاجة العالم لمختلف مصادر الطاقة، فإن سياسات الطاقة في الدول المستهلكة تسلك طريقاً متعرجاً يؤدي إلى تفاقم الأزمة، بدلاً من المساهمة في التخفيف من حدتها، وهو ما يفسر جزئياً التقلبات الحادة في أسعار الطاقة نتيجة لتضارب سياسات إنتاج الطاقة مع الاحتياجات المتنامية لمصادرها.

وتمكن الإشارة هنا إلى تقرير وكالة الطاقة الدولية الذي نشر مؤخراً والداعي إلى تقليص التمويل لمصادر الطاقة الأحفورية، كالنفط والغاز، ليستجيب - مع التوجهات الغربية - لتقليل الاعتماد على الطاقة الهيدروكربونية وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إذ لا يختلف اثنان حول أهمية هذا التحول للمحافظة على البيئة وتقليل التدهور المناخي، لكن من الأهمية بمكان معرفة كيفية الوصول لتحقيق هذا الهدف.

ويكمن الخلاف الأساسي بين الدول الأعضاء بوكالة الطاقة الدولية ومجموعة «أوبك+»، في كون المجموعة الأولى تسعى للإسراع في عملية الاستبدال بأقصى سرعة بغض النظر عن القدرات والإمكانيات المتاحة، مما يفسر التخبط الذي يرافق سياساتها!

فقبل ثلاث سنوات وضع برنامج للتخلص من المركبات المستخدمة للبنزين في أوروبا بحلول عام 2035، ليتضح مؤخراً بأن ذلك غير ممكن عملياً، وهو ما دعا ألمانيا للتخلي عن التاريخ المحدد، في حين عارضت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى هذه الدعوة، علماً بأن ألمانيا أغلقت -الشهر الماضي- آخر ثلاثة مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة، فيما تواصل فرنسا الاعتمادَ على الطاقة النووية بنسبة 75% في إنتاج الكهرباء.

وفي الجانب الآخر تتفق دول «أوبك+» مع هذا التوجه، لكنها تدعو إلى التدرج لتفادي المزيد من الأزمات، فعملية التحول بحاجة لاستعدادات كبيرة ووقت طويل واستثمارات هائلة لا تتوفر لدى الكثير من الدول، كما يشار هنا إلى بعض المعوقات التي تحول دون الإسراع بالانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة.

وبالإضافة إلى الاستثمارات التي تتطلبها عملية التحول، فإن عملية التطوير بحاجة لمواد خام أولية، كالنحاس والليثيوم والغرافيت والنيكل.. بكميات لا تستطيع المناجم الحالية توفيرها، كما أن معظمها موجودة إما في دول مثل الصين وأستراليا وتشلي، وهي دول لديها أولوياتها التنموية الخاصة، أو في أفغانستان وبعض الدول الأفريقية التي تعاني اضطرابات، وهذه عقبات ليس من السهولة تجاوزها.

وإلى ذلك، فثمة قضايا مالية وتكنولوجية ولوجستية (نقص في البنى التحتية).. لا بد من التغلب عليها، إلى جانب تكاليف الإنتاج والصيانة الدورية. ولا تقل أهمية عن هذا قضايا أخرى تتعلق بحماية البيئة والحياة الفطرية، فأعمدة إنتاج طاقة الرياح تتسبب في موت أعداد كبيرة من الطيور وتستحوذ على أراضي زراعية، كما أن محطات إنتاج الطاقة الشمسية بحاجة لمساحات شاسعة وعناية خاصة.

وبالتأكيد فإن هذه العوائق يمكن التخفيف منها، لكن ذلك لن يحدث في المدى القريب، مما يعني أن الربط بين أهمية تطوير مصادر الطاقة المتجددة والإمكانيات المتوفرة مسألة ضرورية وتدريجية، حتى لا يدخل الاقتصاد العالمي في دوامة من الأزمات التي ستجد لها انعكاسات على حياة الناس ومستوياتهم المعيشية.

وهنا بالذات وجه الخلاف بين موقف دول «أوبك+» العقلاني وبين الانفلات المتسرع لبرامج دول الاستبدال، فالأخيرة ترفع شعارَ تقليص الاستثمارات وتضغط على مؤسسات التمويل وشركات النفط لعدم ضخ المزيد من الاستثمارات، في الوقت الذي لا تستطيع فيه تنمية مصادر الطاقة البديلة بنفس السرعة التي يرتفع بها الطلب، مما يؤدي إلى نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار.

في المقابل تسير دول إنتاج النفط والغاز في خطين متوازيين يرميان إلى تنمية مصادر الطاقة البديلة، وفي نفس الوقت الاستثمار في إنتاج النفط والغاز لتلبية الاحتياجات المتزايدة، وهو الأسلوب المتدرج والعملي لبلوغ الأهداف المنشودة.

إذن هناك نهجان سيؤثران كثيراً في إنتاج الطاقة وأسعارها خلال الفترة القادمة، أولهما يعبر عن أهداف غير موضوعية استجابةً لمتطلبات انتخابية في بعض الآحيان، وثانيهما عملي ويسعى لتفادي الأزمات، وهذه مسألة مهمة لا بد من إعادة تقييمها والتعاون بشأنها بين الجانبين.

*د. محمد العسومي خبير ومستشار اقتصادي

المصدر | الاتحاد

  كلمات مفتاحية

أوبك+ الطاقة طاقة المستقبل السيارات الكهربائية النفط والغاز الطاقة البديلة وكالة الطاقة الدولية