دبلوماسي كويتي سابق عن الأزمات بين البرلمان والحكومة: الدستور هو السبب والاستقرار مهدد

السبت 13 مايو 2023 02:11 م

ألقى تحليل نشره "منتدى الخليج الدولي" الضوء على الأزمات المستمرة بين مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي والحكومة، وتأثيرها السلبي على استقرار واحد من أهم دول المنطقة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، محملا الدستور الكويتي الجزء الأكبر من المسؤولية.

وقال التحليل، الذي كتبه السفير عبدالله بشارة، أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي ومندوب الكويت الدائم في الأمم المتحدة سابقا، إن رؤية الدستور الكويتي أعطى صلاحيات كبيرة للبرلمان في علاقته مع الحكومة، وهذا أمر ليس سيئا، لكنه ترك المؤسسات الحكومية مرتبطة بنتائج الاتفاقات أو الخلافات في حالة غياب الأغلبية في الحكومة أو البرلمان، مما حال مرارًا وتكرارًا دون تشكيل حلول عملية، وتسبب في عديد من المرات بحل البرلمان وانعكس ذلك على هيئة قلق سياسي بين الحكومة والكويتيين بشكل عام.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حظر على إنشاء الأحزاب السياسية في الكويت، ما تسبب في عدم وجود أجندة سياسية محددة مدعومة من قبل مجموعات سياسية محددة يمكنها الحصول على الأغلبية أو تشكيل حكومة تعكس الإرادة العامة، وفق التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد".

الكويت والاستقرار الإقليمي

ويؤكد الكاتب أن استقرار دولة الكويت ضروري للمنطقة وللشركاء الغربيين بسبب احتياطياتها الكبيرة من النفط والغاز، وتأثير ذلك على أسعار الطاقة.

علاوة على ذلك، وعلى الرغم من اتفاقيات خفض التصعيد الحالية، تعاني المنطقة من الاضطرابات السياسية المحتملة وعدم الاستقرار، والتي يمكن أن تتصاعد بسرعة وتؤدي إلى الصراع.

لذلك، فإن العلاقة الجيدة والمستقرة بين أعضاء البرلمان والحكومة في الكويت أمر حاسم أيضًا للسياسة الداخلية والاستقرار الإقليمي.

ويرى التحليل أنه يمكن للتقارب الإقليمي الحالي أن يوفر لحظة مثالية لجذب الاستثمارات لتوسيع الاقتصاد الكويتي بما يتجاوز عائدات النفط، فالاتفاق السعودي الإيراني، الذي توسطت فيه بكين وقبلته واشنطن، يوفر للمنطقة إمكانية السلام الإقليمي للسماح للعديد من الدول بتوسيع اقتصاداتها بما يتجاوز صادرات النفط والغاز.

خطاب جديد

ويقترح بشارة العمل بشكل سريع على إيجاد حل سياسي للكويت بالابتعاد عن الخطابات والأجندات المستقطبة التي زعزعت استقرار الحياة السياسية وعرقلت عمل الفرعين التشريعي والتنفيذي.

واعتبر أن الاعتدال في الخطاب والسياسات في كلا الجانبين (البرلمان والحكومة) هو الخطوة الأولى في حل الجمود السياسي بينهما، كما يتضح من البرلمانات السابقة، حيث تفاوضت كلتا المؤسستين في عدة حالات وتم حل تلك القضايا في وئام.

بالإضافة إلى ذلك، فإن أكثر المؤسستين نشاطًا في الكويت هما الفرعان التشريعي والتنفيذي ، وبالتالي فإن التواصل السلس وعلاقة العمل بين أعضاء كلا المؤسستين أمر بالغ الأهمية لاستقرار البلاد واقتصادها.

يعمل أعضاء البرلمان (النواب) كحلقة وصل بين السلطة التنفيذية والناخبين من خلال شرح المواقف الحكومية للناخبين أو عكس إرادة الشعب لصانعي القرار.

أمثلة فشل سابقة

لكن في الآونة الأخيرة، فشل كل من البرلمان ومجلس الوزراء في العمل معًا لتأمين الاستقرار وضمان العمل السياسي العملي.

ففي الحكومتين الأخيرتين، في عامي 2021 و 2022، كانت الاتصالات بين أعضاء مجلس الوزراء والبرلمان متوترة، ورفض كلاهما التعاون في معظم جداول الأعمال السياسية، مما أدى إلى تأخيرات في الخطط الاقتصادية والتنموية للبلاد.

وبرأي الكاتب، كانت القضية المركزية التي تم تحديدها في الخلافات بين هاتين المؤسستين هي سوء فهم الديمقراطية كمفهوم كما قدمه العالم الغربي وما يقدمه الدستور الكويتي.

ويعود بشارة للحديث عن الدستور الكويتي، قائلا إنه كان محددًا ومصاغًا للكويت كدولة قومية ضمن مجموعة معينة من الظروف المتعلقة بشرائحها المجتمعية وتماسكها وظروفها الإقليمية.

في الوقت نفسه، يرى الكاتب أن مفهوم الديمقراطية الغربية هو مفهوم مصمم للعالم الغربي بالأساس، وقد يتوافق هذان المفهومان بشكل مثالي في بعض الأحيان فقط في الكويت، وعندما لا يحدث ذلك، فإننا نواجه معضلات سياسية.

ويشير إلى أن الدستور الكويتي يثني عن سلوك المعارضة المتصلب أو العنيد، حيث يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي.

وتابع: يحتاج العديد من النواب إلى فهم واجباتهم دون افتراض أن لديهم سلطة غير محدودة للتشكيك في تصرفات مجلس الوزراء ، لأن هذا يعطل مجمل عمل الحكومة.

ويرى الكاتب أن أحد العوامل الحاسمة في تنظيم عمل النواب هو رئيس مجلس النواب، الذي يمكنه اعتدال المواقف أو الخطابات الأكثر راديكالية من خلال التشاور مع الكتل السياسية المختلفة والتوسط في الحلول مع مجلس الوزراء.

ويمضي بالقول إن كل حكومة برلمانية في جميع أنحاء العالم من المتوقع أن تعمل بشكل مثمر مع البرلمان لتحقيق النجاح. عندما يتصادمون، كلاهما يفشل في مهمتهما.

حلول مقترحة

ويخلص بشارة إلى أن الكويت تحتاج إلى علاقة عمل مثمرة بين المؤسستين، حيث لا توجد أحزاب سياسية تعكس إرادة الشعب ، مما يجعل البرلمان هو المنظم الوحيد لعمل مجلس الوزراء.

ويضيف أنه لن يكون استئناف العمل الحكومي الفعال في الكويت ممكنًا إلا عندما يجد مجلس النواب ومجلس الوزراء أرضية مشتركة للعمل على القضايا الملحة المهمة لتنمية البلاد.

ويختم بالقول: ومع ذلك، بما أن الإصلاح الدستوري غير ممكن الآن ، فإن الحل الحقيقي الوحيد هو أن يقوم كلا الفرعين بتحسين أساليب الاتصال والسعي للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن أولويات العمل.

ومن خلال فهم الطبيعة الفريدة للدستور الكويتي، وتعزيز التواصل المحسن، وتخفيف الخطاب السياسي المحتقن، يمكن لمجلس النواب ومجلس الوزراء حل المآزق السياسية وتعزيز المصالح الوطنية، مع الاستجابة أيضًا إلى ديموغرافية شابة وطموحة تسعى إلى زيادة النشاط السياسي والاستقرار.

المصدر | عبدالله بشارة / منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البرلمان الكويتي الحكومة الكويتية الأزمة السياسية في الكويت مجلس الأمة الدستور الكويتي